هاني الفردان- الوسط البحرينية-
انتشر مؤخراً مقطع مصور لنائب برلماني حالي يتحدث عبر قناة معروفة بنهجها، تتحدث عن البعثات في البحرين، عن تفوق أبناء فئة في المجتمع البحريني، إذ رد النائب على ذلك باتهام وزارة التربية والتعليم والعاملين فيها بتسريب امتحانات الثانوية العامة طوال السنوات الماضية ليتفوق أبناء تلك الفئة، على حساب الفئة الثانية، على حد زعمه ومن دون دليل.
وفقاً لتفريغ محتوى المقطع، قال المذيع: «سمعت عندما كنت أغطي أحداث البحرين، كان يدون أعلى الدرجات في التربية والتعليم إلى (فئة من المجتمع) علشان يأخذوا بعثات برة يدرسو طب وهندسة.
النائب: صحيح
المذيع: الناس نايمة عندكم
النائب: نعم، كانوا طال عمرك في وزارة التربية يعطونهم الأجوبة علشان يحصلون نسب عالية ليستفيدوا من البعثات.
المذيع: وأول ما استفادوا من البحرين ألتهموا الدولة.
النائب: شلون المثل، اول ما ذي نطح (انتهى المقطع).
اتهام خطير جدّاً لوزارة التربية والتعليم ولوزيرها الذي هو على رأس الوزارة منذ (11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002)، أي منذ ثلاثة عشر عاماً ونصف تقريباً، فهل حدث ذلك التلاعب وكانت وزارة التربية والتعليم توزع أجوبة امتحانات الثانوية العامة على أبناء فئة في البحرين بحسب تصريحات النائب الحالي؟ وهل كان ذلك بعلم الوزير أو من دون علمه؟ فإذا كانت من غير علمه وطوال تلك السنوات فتلك المصيبة، أما إذا كانت بعلمه فتلك مصيبة أعظمُ؟ وإن لم يكن ذلك صحيحاً، فما قاله النائب جريمة في حق شعب البحرين، وإهانة لهيئة نظامية.
في (يونيو/ جزيران 2010) حدثت بحسب وزارة التربية والتعليم وما أعلنت عنه «سابقة فريدة من نوعها» وهي اشتباهها في تورط مدرسة خاصة - تطبق المنهج الحكومي لأول مرة - في تسريب الامتحانات النهائية لطلبتها أو «تغشيشهم» الإجابات وذلك بعد أن لفتت الإجابات النموذجية الموحدة لكل طلبة تلك المدرسة وتشابه أخطائهم ودرجاتهم انتباه لجان التصحيح والتدقيق المركزية.
يقال بحسب صحف محلية إن وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي وجه في ذلك الوقت إلى سرعة التحقيق في الموضوع وملابساته، وتشكيل لجنة محايدة من الوزارة لمراقبة بقية الامتحانات مع استبعاد المراقبين من المدرسة نفسها.
كما وجه الوزير إلى أن يتولى فريق من المراقبين المختصين من الوزارة مراقبة كل الامتحانات في تلك المدرسة، كما وجه الوزير في الوقت ذاته إلى تشكيل لجنة مختصة لمراقبة وتدقيق كل أوراق طلبة تلك المدرسة في جميع المواد الدراسية، وفي ضوء ما ستسفر عنه هذه التحقيقات ستتخذ الإجراءات اللازمة مع نتائج الطلبة في هذه المدرسة.
تلك الحادثة، تتحدث عن تسريب في مدرسة، فما بال اتهام وزارة بكاملها بإعطاء أجوبة الامتحانات لطلاب فئة معينة، دون أي تحرك، وخصوصاً أن ذلك الفعل لم يكن «فريداً من نوعه» بل كان مستمرّاً لسنوات!
ذلك الحديث من وجهة نظرنا كله كذب وافتراء وتشويه، بل إساءة لهيئة نظامية يخالف عليها القانون أيضاً، وخصوصاً عندما لا تكون مصحوبة بدليل، بل هي تمسُّ بوحدة المجتمع البحريني، وتعمل على شق الصف، وإثارة الفتنة الطائفية بين أفراد المجتمع البحريني.
هذا الحديث لم يكن موجوداً من قبل، بل وجد بعد أحداث (فبراير/ شباط 2011) وما تبعها من تداعيات كبيرة طالت مهندسين وأطباء ومدرسين، وعدداً كبيراً من الطلبة، وسحب بعثات طلابية، وتضييق الخناق على جميع التخصصات التي شغل أغلبها أبناء تلك الفئة في المجتمع ضمن توجه كان مكشوفاً تحدث عنه تقرير لجنة تقصي الحقائق، كان من المفروض أيضاً خلق استراتيجية جديدة لتوزيع البعثات، مع ضمان السرية.
ذلك الحديث واكبه أيضاً، تغيير سياسة ومنهجية توزيع البعثات على المتفوقين، واستحداث خطة تقوم على أساس أخذ 60 في المئة من المعدّل، وتخصيص نسبة 40 في المئة لمقابلة شخصية تقوم بها لجنة معينة، أعلنت في (14 يونيو/ حزيران 2011)، أي بعد 14 يوماً فقط من إنهاء حالة السلامة، بلا معايير ولا ضوابط، فيما نصنفها ضمن خانة ردة الفعل السياسية في تلك الفترة واستهدفت فئة كبيرة من الشعب.
من السهولة معرفة، أسباب استحداث تلك الخطة، وهي أسباب سياسية، وهو ما ترفضه وزارة التربية والتعليم، إلا أنه من الأسباب أيضاً «الطائفية»، وهو ما يفهم من حديث النائب الحالي عبر تلك الفضائية.
فإذا كانت وزارة التربية تعتبر الحملات المدافعة عن حقوق الطلبة في توزيع عادل للبعثات بشفافية ونزاهة «ابتزازاً سياسيّاً» ترفض الخضوع له، فهناك أسباب «طائفية» كشف عنها نائب برلماني حالي يجب أن يتم الوقوف أمامها ومحاسبة من يروج لها.
منطق ذلك النائب ليس غريباً، بل يحمله مسئول سابق كان يشغل منصباً رفيعاً في الدولة وتحدث عنه أيضاً حتى وإن كان بشكل غير مباشر، وليس مستغرباً أن يكون بعض مسئولي وزارة التربية والتعليم هم أنفسهم يحملون تلك الفكرة أيضاً، فهل يقبل وزير التربية والتعليم، أن يتهم مع وزارته بتسريب الامتحانات لأبناء طائفة على حساب أبناء طائفة أخرى، وما هو رده على ذلك؟ وكيف سيعالجه؟