متابعات-
تنتشر في السعودية مئات المدارس الدولية التي تقدم خدمة تعليمية عالية الجودة للطلبة الملتحقين بها، وسط اهتمام متزايد من قبل سعوديين بإلحاق أبنائهم بها، وتفضيلها على المدارس الحكومية.
وتعد المدارس الدولية في السعودية منشآت تعليمية خاصة، يتم تمويلها من الرسوم الدراسية والتبرعات والهبات، ويقتصر المستوى الدراسي فيها على رياض الأطفال والمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية أو ما يعادلها.
وتعود ملكية المدارس الدولية بالسعودية لمستثمرين سعوديين، أو لجاليات أجنبية، ويكون مدرسوها من جنسيات مختلفة، يدرسون الطلبة المناهج السعودية المعتمدة من وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى مواد ملحقة من قبل إدارة تلك المدارس.
ويمنع القانون السعودي قبول الطلاب السعوديين في المدارس "الأجنبية"، عدا من تقضي الضرورة بالتحاقهم بها من الطلاب القادمين من الخارج الذين لا تمكنهم ظروفهم الدراسية من الالتحاق بالمدارس السعودية.
ووضعت السلطات السعودية ضوابط لالتحاق السعوديين بالمدارس العالمية المملوكة لمستثمرين سعوديين فقط، وتضمنت أنه يسمح للمدارس الأجنبية التي يمتلكها سعوديون بقبول طلاب مواطنين، بشرط حصولها على 800 درجة في سجل تقييم المدارس الأجنبية وفق ضابط اشترطته الوزارة وهو حصولها على الاعتماد الأكاديمي النهائي من جهة اعتماد دولية معترف بها.
ويعطي القانون حق الموافقة على قبول الطلبة السعوديين في المدارس الدولية، لوزير التربية والتعليم، في مدة تحددها ظروف كل طالب بكل سنة، بما لا يتجاوز ثلاث سنوات.
وتوفر هذه المدارس التعليم المناسب لأبناء وبنات الجاليات الأجنبية المقيمة في المملكة، ولكثير من الأسر السعودية التي تعود من الخارج ويواجه أبناؤها صعوبة في استكمال تعليمهم؛ لبقائهم فترات طويلة خارج البلاد.
وتلزم السلطات السعودية المدارس الدولية والأجنبية بتدريس مواد لتعليم مبادئ اللغة العربية والحضارة الإسلامية وتاريخ المملكة وجغرافيتها بما لا يقل عن ساعة واحدة في الأسبوع.
كما تتولى كل مدرسة أجنبية مسؤولية تنظيم مختلف جوانب العمل داخل المدرسة، إضافة إلى ما يتعلق بتحديد مستواها في الأوساط التعليمية، والأكاديمية المختلفة.
وتتركز المدارس الدولية بالسعودية في منطقتي الرياض والشرقية ومحافظة جدة، حيث يبلغ عددها 1942 مدرسة، يدرس فيها 275.76 ألف طالب وطالبة، وفقاً لآخر إحصائية نشرتها وزارة التعليم السعودية في يوليو 2020.
وتسعى الحكومة السعودية، وفي إطار رؤية 2030، إلى رفع حصة التعليم الخاص الإجمالية إلى 25% بحلول عام 2030، ما يعني زيادة كبيرة في مشاركة القطاع الخاص على مدى السنوات الثماني المقبلة.
إقبال كبير
أظهرت إحصائيات أن الالتحاق بالمدارس الدولية في السعودية يشهد ارتفاعاً مستمراً، بسبب تفضيل الأهالي لها على باقي المدارس.
وأوضحت تحليلات "إل. إي. كيه"، ارتفاع معدلات الالتحاق بالمدارس الدولية الخاصة بالسعودية، بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى نحو 8٪ في الفترة ما بين عامي 2015 و2020.
وأرجعت الدراسة التي نشرت في يوليو 2022، أسباب ارتفاع الإقبال على المدارس الدولية في السعودية إلى تفضيل الأهالي للمناهج الدولية القائمة على اللغة الإنجليزية، ونمو الدخل الأسري المتاح.
وبينت الدراسة أن المدارس الدولية استطاعت في مراحل التعليم العام التعويض جزئياً عن تأثير الانخفاض في نسب الالتحاق بالمدارس الخاصة التي تتبع المناهج الوطنية.
وتوضح الدراسة أن التحاق المواطنين بالمدارس الخاصة في مراحل التعليم العام بالمناطق الحضرية، إلى حد كبير على فئة المدارس المتميزة (Premium)، والتي تتراوح قيمة الرسوم الدراسية السنوية فيها بين 22 ألفاً و45 ألف ريال؛ وفئة المدارس ذات الجودة الاستثنائية (Super Premium)، والتي تزيد رسومها السنوية على 45 ألف ريال، مما يعكس النمو المطرد في الطلب على الالتحاق بالمدارس عالية الجودة التي تتبع المناهج الدولية.
أما الطلب على المدارس من فئة الميزانية المعقولة (Budget)، والتي تقل قيمة الرسوم الدراسية السنوية فيها عن 15 ألف ريال، فيتركز بين المقيمين ذوي الدخل المنخفض.
وحول الدراسة، أكد دانيش فاروقي، الشريك في "إل. إي. كيه للاستشارات"، والعضو المؤسس لقسم التعليم العالمي التابع لها، أن قطاع المدارس الخاصة الدولية في السعودية أظهر مؤشرات على مرونة عالية، خاصة خلال جائحة كورونا.
وقال فاروقي في تصريح سابق: "الإقبال على المدارس الدولية جاء مدعوماً بطلب قوي من المواطنين الراغبين في حصول أبنائهم على تعليم عالي الجودة، خصوصاً في المدارس التي تتبع المناهج الأجنبية".
رغبة سعودية
وتعمل السلطات السعودية على جذب مزيد من المدارس الدولية إلى أراضيها، من خلال تقديم تراخيص لعديد منها، وعقد شراكات مع عدد منها.
وفي يوليو 2021، أعلنت وزارة الاستثمار والهيئة الملكية لمدينة الرياض توقيع شراكة مع مجموعة "إس إي كاي" (SEK) التعليمية الدولية -ومقرها إسبانيا- لافتتاح أول مدرسة لها في مدينة الرياض.
وأرجع وزير الاستثمار السعودي، خالد بن عبد العزيز الفالح، الشراكة مع مجموعة (إس إي كي) -التي تُدير مدارس ذات تصنيف عالمي في إسبانيا- للتعاون المثمر بين الوزارة والهيئة الملكية لمدينة الرياض، لإنجاح برنامج جذب المدارس الدولية.
وأكد "الفالح"، حينها، مواصلة وزارته العمل مع الهيئة لاستقطاب أفضل المدارس العالمية وتشجيعها على تعزيز وجودها في المملكة.