حسناً فعلت الهيئة العامة للإحصاء بتحديدها بداية (سن العنوسة) عند السعوديات بمن تجاوزت 32 سنة من العمر ولم يسبق لها الزواج، وذلك لقطع الطريق أمام تضارب الأرقام، وتهويلات بعض المحللين والدراسات (المليونية) السابقة، وهو ما يعني رسمياً أن نسبة العنوسة في المجتمع السعودي لا تتجاوز 10% وبتقديرات لا تزيد على 230 ألف عانس، مما يبدد مخاوف الأرقام السابقة والتي وصلت في بعض الدراسات إلى (4 ملايين عانس) عام 2015 م مقابل (1.5 مليون) عام 2010م، وجميعها تقديرات وأرقام ثبت رسمياً أنها خاطئة وغير صحيحة!.
هذا طبعاً لا يشمل نسبة النساء (غير المتزوجات) حالياً، والتي يأتي من ضمنهن أعداد المُنفصلات عن أزواجهن، أو الأرامل، وفي كل الأحوال مثل هذا التحرك والإعلان يساعد المختصين لوضع (خطة طريق) لعلاج المشكلة والسيطرة على هذه النسبة، ومنعها من الارتفاع أكثر، وينهي شبح الدراسات السابقة وتفاقم الأرقام العشوائي، الذي أدخل كل فتاة دون سن العشرين ضمن (نسبة العنوسة)، حتى إن (دراسة هولندية) عن نسبة العنوسة في الوطن العربي قدَّرت أعداد (العوانس) في المجتمع السعودي بـ45% وهي أرقام سوداوية ظالمة، تحبط المجتمع وتعقِّد المسألة أكثر، فيما نحن وبناتنا في حاجة للبحث عن الأمل وفرص السعادة في الحياة المستقبلية، مع تغير الظروف، وارتفاع معدل (سن الزواج) المتعارف عليه، تبعاً لإكمال الدراسة والبحث عن عمل!.
نحن في حاجة تحرك مماثل من جهات رسمية عدة، لوضع النقاط على الحروف فيما يخص بعض مشاكلنا الاجتماعية وأسبابها مثل (السكن، البطالة، الانتحار، معدل الدخل، إدمان المخدرات... إلخ)، التي باتت ساحتها مُباحة لكل (زاعق وناعق) داخل وخارج البلاد، لتقدير الأرقام ونسب كل مشكلة اجتماعية وتهويلها، وهو ما يتسبب في التشويش على خطط العلاج والمواجهة، ويُشكّل صورة خاطئة عن مجتمعنا!.
العنوسة مشكلة لدينا.. نعم هي مشكلة وتحتاج لعلاج وحل وتحرك من كل الأطراف المعنية، ولكنها ليست (بالصورة القاتمة) التي صوِّرت لنا طوال العقود الماضية، وهددت حياة ونفسية (بناتنا وأسرهن) نتيجة إحجام الجهات المعنية عن إعلان الحقائق بشفافية، وفي الوقت المناسب، وهنا مربط الفرس!.
فهد بن جليد- الجزيرة السعودية-