دول » دول مجلس التعاون

اتفاق الدوحة بشأن إنتاج النفط.. هل يعيد التوازن للأسواق؟

في 2016/02/17

ياسين السليمان- الخليج اونلاين-

استضافت العاصمة القطرية الدوحة اجتماعاً رباعياً شمل وزير النفط السعودي ونظراءه الروسي والقطري والفنزويلي، الثلاثاء 16 فبراير/شباط، في محاولة من كبار منتجي النفط في العالم لمعالجة تخمة المعروض التي دفعت الأسعار إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عشر سنوات.

وزير النفط السعودي، علي النعيمي، قال في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، عقب اتفاقه مع وزراء نفط قطر وروسيا وفنزويلا على تجميد إنتاج بلادهم عند مستويات معينة: إن "تجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير/كانون الثاني سيكون كافياً لتحسين أوضاع سوق الخام، شريطة مشاركة كبار المنتجين الآخرين في هذه الخطوة"، مشيراً إلى أنه يعتقد بأن تجميد الإنتاج الآن عند مستوى يناير/كانون الثاني كاف للسوق.

وأضاف النعيمي عقب المحادثات السرية: "نلاحظ اليوم أن الإمدادات تنخفض بسبب الأسعار الحالية، ونلاحظ أيضاً أن الطلب يرتفع"، لافتاً إلى أنها "بداية عملية سنقيمها في الأشهر المقبلة ونقرر ما إذا كنا في حاجة لاتخاذ خطوات أخرى لتحسين السوق وإعادة الاستقرار إليها، وهذا أمر غاية في الأهمية، لا نريد تقلبات كبيرة في الأسعار ونريد تلبية الطلب، نريد الاستقرار لسعر النفط".

ورغم مشاركة روسيا في محادثات الدوحة للمرة الأولى بخصوص خفض الإنتاج، إلا أن مراقبين يشككون في موقف موسكو من الالتزام بما تمخضت عنه قمة الدوحة الرباعية من قرارات، حيث تعيد المحادثات إلى الذاكرة اتفاق عام 2001 بين المنتجين من داخل "أوبك" وخارجها؛ عندما ألقت السعودية أكبر منتج في "أوبك" بثقلها من أجل التوصل إلى اتفاق عالمي من أجل كبح الإنتاج.

وتراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أكثر من عشر سنوات على مدى العام المنصرم؛ بسبب طفرة الإمدادات الأمريكية وقرار "أوبك" رفع الصادرات بهدف إخراج المنتجين مرتفعي التكلفة من السوق.

وأقدمت روسيا على زيادة إنتاجها من النفط في الأشهر الأخيرة، في محاولة منها لكسب المعركة الشرسة بين البلدان المنتجة، والحفاظ على حصصها في السوق؛ لأن انهيار الأسعار يؤثر كثيراً على الاقتصاد الروسي الذي يواجه انكماشاً؛ لأن المحروقات تشكل جزءاً كثيفاً من النشاط وقرابة نصف عائدات الموازنة، في حين واصلت الأسعار تراجعها إلى أدنى مستوياتها خلال 12 عاماً.

وسابقاً، لم تبد السعودية نيتها خفض الإنتاج ما لم يوافق المنتجون غير الأعضاء في "أوبك" على المشاركة، في حين كانت روسيا أكبر منتج في العالم ترفض التعاون بشدة بهذا الشأن، مشيرة إلى أن قطاعها النفطي قادر على المنافسة عند أي سعر، وأن من الصعب على موسكو تقليص الإنتاج لأسباب فنية.

المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أكد مطلع فبراير/شباط الجاري، أن موسكو تواصل اتصالاتها مع البلدان المنتجة؛ لأن موضوع استقرار السوق مسألة بالغة الأهمية للاقتصاد الروسي، لكن نائب رئيس الوزراء الروسي، أركادي دفوركوفيتش، قال إن الشركات النفطية وليس الدولة هي التي تقرر بشأن خفض محتمل لإنتاج النفط في روسيا.

ورغم عدم إبدائها أي تعاون على خفض الإنتاج في وقت سابق، إلا أن مواقف موسكو بدأت تتغير في يناير/كانون الثاني الماضي، مع نزول أسعار النفط عن عتبة 30 دولاراً للبرميل، وهو جزء ضئيل للغاية من الرقم الذي تحتاجه روسيا لضبط ميزانيتها، في حين تتجه البلاد إلى انتخابات نيابية في وقت لاحق من العام، وصرح عدة مسؤولين روس من بينهم وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، إلى إمكانية التعاون مع "أوبك".

والأسبوع الماضي، قال الحليف المهم للرئيس فلاديمير بوتين، إيجور ستشين، رئيس شركة النفط الوطنية "روسنفت"، الذي تحدث كثيراً ضد خفض الإنتاج: إن "من المنطقي أن يزيل جميع المنتجين نحو مليون برميل يومياً من السوق"، في حين لم يشر إلى استعداد موسكو للمشاركة، كما لم يتحدث بوتين علناً عن الأمر حتى الآن.

ويبدي كثير من المحللين ووكالة الطاقة الدولية شكوكاً في أن تتوصل "أوبك" إلى اتفاق مع المنتجين الآخرين لكبح الإنتاج الآخذ بالتزايد، حيث قالت شركة فيليب فيوتشرز في مذكرة: "ما زلنا نعتقد أنه إذا تلقت الأسعار دعماً مصطنعاً عن طريق خفض الإنتاج فلن ينتج عن ذلك سوى إعطاء صور الإنتاج الأعلى تكلفة متنفساً أكبر، وستحل المشكلة في المدى القصير فحسب".

ويرى مراقبون أن العقبة الكبرى أمام اتفاق المنتجين داخل "أوبك" وخارجها ستكون موقف عضوي المنظمة؛ إيران والعراق، واللذين ينويان زيادة الإنتاج هذا العام ولا يوجد ما يفيد بأنهما سيشاركان في اجتماعات الثلاثاء، إلا أن وزير الطاقة الفنزويلي، إيولوخيو ديل بينو، قال عقب اجتماع الدوحة، إنه سيجتمع مع نظيريه العراقي والإيراني في طهران الأربعاء لمناقشة تجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير/كانون الثاني، مبدياً رغبته أن يذهب وزير الطاقة القطري، محمد بن صالح السادة، معه لمناقشة أسس الاتفاق المهم جداً لتحقيق الاستقرار في السوق.