دول » دول مجلس التعاون

معركة مرتقبة بين دول الخليج ومصر حول أمانة الجامعة العربية

في 2016/03/02

الخليج الجديد-

بدأ الصراع بين دول الخليج وبين مصر لترشيح مرشح عربي آخر غير مصري، بعدما أعلن أمين عام جامعة الدول العربية «نبيل العربي» عدم نيته للترشح من جديد بعد انتهاء فترة ولايته أمينا عام للجامعة اعتبارا من الأول من يوليو/تموز المقبل 2016.

وفتح إعلان «العربي» الباب أمام جدل تجدد أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة حول طلب دول عربية ترشيح أمين عام غير مصري، وإصرار القاهرة على أن يكون الأمين العام مصري باعتبارها الدولة مقر الجامعة.

وتطالب الجزائر في كل مرة يتجدد فيها الحديث عن تعيين أمين عام جديد بأن يتم التناوب على المنصب، وفق فلسفة «دورية تولى المنصب»، وسبق لقطر أن طرحت اسم مرشحها «عبد الرحمن العطية» للمنصب قبل تولي «العربي».

ويتردد أن هناك اتصالات بين السفير السعودي في مصر «أحمد قطان» والسفير الجزائري في القاهرة «نذير العرباوي»، للتنسيق من أجل فتح ملف دورية تولى منصب أمين عام جامعة الدول العربية مرة أخرى، وعدم قصره على مصر، على اعتبار أن الجزائر كانت صاحبة هذا الطرح قبل دورة الجامعة الماضية.

هل يصبح «أحمد قطان» الأمين العام القادم؟

وتقول مصادر عربية أن هناك تنسيق خليجي مغاربي لترشيح مرشح عربي لا مصري للمنصب، وأن أحد هذه الترشيحات هي السفير السعودي في مصر «أحمد القطان».

وقد نشرت صحيفة «البوابة» القريبة من الحكومة المصرية تقريرا في فبراير/شباط الماضي يشير لواقعة ذات مغزى في هذا الصدد، جرت منذ شهور، حين جمع لقاء بين الأمير «سعود الفيصل» وزير الخارجية السعودي الراحل، والسفير «نبيل العربى»،أمين عام جامعة الدول العربية والسفير «أحمد قطان».

وقالت الصحيفة: «فوجئ الأمير بأن نبيل العربى يقول له: السفير قطان يعمل على تخريب الجامعة العربية، وقد استنكر الأمير ما قاله العربى، وأوقف كلماته التي أراد أن يواصلها، قائلا له: أعتقد أنه يريد إصلاح الجامعة».

ومعروف أن «أحمد قطان» واحد من أهم ضباط المخابرات السعوديين، وقد عمل في خلال الفترة من 2002 – 2005 نائبا للأمير «بندر بن سلطان بن عبد العزيز» رئيس المخابرات السعودية، وكان هذا أحد أسباب تعيينه سفيرا في مصر في أعقاب الثورة المصرية، بحسب مصدر دبلوماسي عربي.

ومعروف عن سفير السعودية لدى القاهرة، «أحمد بن عبد العزيز قطان»، قربه من ملك السعودية الراحل «عبد الله بن عبد العزيز»، وقد توقع كثيرون أن يطاح به من منصبه فى حركة التغييرات الكبيرة التي قام بها الملك «سلمان» مؤخرًا، إلا أنه أبقى عليه سفيرًا في القاهرة.

ويتردد في الأوساط الدبلوماسية العربية بالقاهرة ثلاثة أسماء أساسية مرشحه للمنصب هي: «أحمد أبو الغيط» وزير خارجية مصر السابق أو الوزير «سامح شكري» الوزير الحالي، أو السفير السعودي بالقاهرة «أحمد قطان» في حالة قبول مصر دورية المنصب.

وباستثناء «الشاذلي القليبي»، وهو تونسي الجنسية، الذي تولى أمانة الجامعة بين عامي (1979 ـ 1990) فإن الستة المتبقين من أمناء جامعة الدول العربية كانوا من مصر، وهم: «عبد الرحمن عزام» و«محمد عبد الخالق حسونة»، و«محمود رياض»، و«عصمت عبد المجيد» و«عمرو موسى»، ثم «نبيل العربي».

ويتوقع أن يكون منصب الأمانة العامة من بين القضايا التي ستناقشها القمة العربية المقبلة المرتقبة في العاصمة الموريتانية نواكشوط في 6 و7 أبريل/ نيسان المقبل، وبحسب المادة الثانية عشرة من ميثاق جامعة الدول العربية، يتم تعيين أمين عام للجامعة بموافقة ثلثي أعضائها، وهو الممثل الرسمي في جميع المحافل الدولية.

مرشح مصري جديد غير معلن

وأعلن المستشار «أحمد أبو زيد»، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» قد تقدم بمرشح مصري جديد ذي ثقل وخبرة دبلوماسية كبيرة إلى الملوك والرؤساء والقادة العرب لشغل منصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفا للدكتور «نبيل العربي».

وأضاف «أبو زيد»، أن مشاورات رفيعة المستوى تجرى حاليًا للحصول على الدعم العربي للمرشح المصري، وذلك تعقيبًا على إعلان الدكتور «نبيل العربي» عن عدم اعتزامه الترشح لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية من جديد، وردا على استفسار من المحررين الدبلوماسيين حول اعتزام مصر التقدم بمرشح جديد للمنصب.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية، أنه سيتم الإعلان عن المرشح المصري خلال الأيام القادمة عقب استكمال المشاورات اللازمة، معربًا عن أمله في أن يحظى الترشيح المصري بالدعم العربي المطلوب، تمهيدًا لاستكمال الجامعة العربية مسيراتها نحو تحقيق التضامن العربي المنشود وحماية الأمن القومي العربي في مواجهة التحديات الكبيرة القائمة.

لكن مصادر دبلوماسية عربية أكدت أن مصر بدأت علي الفور في مفاوضات مع عدد من الدول العربية حول من سيحل محل الأمين العام لجامعة الدول العربية «نبيل العربي»، وطرحت اسم المرشح الجديد وهو وزير الخارجية الأسبق «أحمد أبو الغيط».

وأشارت المصادر إلى سيناريوهين محتملين قد ينتجان عن المفاوضات: (الأول): ترشيح وزير الخارجية المصري السابق «أحمد أبو الغيط» لهذا المنصب، على الرغم من أن بعض المسؤولين المصريين أعربوا عن قلقهم من أن ترشيحه سوف يثير الخلاف مع الرياض والخرطوم. أما السيناريو (الثاني)، أن يتم اقتراح أسم وزير الخارجية الحالي «سامح شكري»، في حالة كثرة الاعتراضات العربية.

وكانت مصادر دبلوماسية مصرية، لم تشأ ذكر اسمها، ألمحت لأن مصر رشحت «أحمد أبو الغيط» لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية، في رسائل وجهت إلى وزراء الخارجية العرب. وأكدت المصادر أن القاهرة لم تعلن اسم مرشحها رسميا لحين التوافق حوله ثم إعلان ترشيحه رسميا.

«أبو الغيط» عدو ثورة يناير

ومن المتوقع أن يلقي ترشيح «أبو الغيط» قبولًا لدي عدد من الدول العربية خاصة الدول الخليجية، حال لم تتمسك بمقترح تدوير الرئاسة، نظرًا لمواقف «أبو الغيط» القوية ضد إيران وهو ما تتطلبه المرحلة القادمة، خاصة مع تأزم الأمور بين المملكة العربية السعودية وإيران والحرب في سوريا. إلا أنه من المتوقع أن يلقي ترشيحه بالمقابل معارضه لدي دول أخري خاصة السودان والجزائر.

أما في الداخل المصري، فهناك تحفظات جمة بين نشطاء ثورة يناير/كانون الثاني نظرا لأن «أبو الغيط» كان له مواقف سلبية ضدها، وكان يرى الثوار عملاء، وأن أمريكا أعدت للثورة منذ 2005 بعد خلافات حدثت بين الولايات المتحدة ومصر فى عهد «حسنى مبارك».

عدم رضا عن أداء «العربي»

وشهدت علاقة الأمين العام لجامعة الدول العربية، «نبيل العربي»، ببعض السفراء العرب خلافات حادة، بسبب عدم تنفيذ بعض قرارات المجلس الوزاري العربي وتجاهل مطالبات بعض السفراء والمندوبين. ويأتي على رأس السفراء المختلفين مع «العربي»، «أحمد قطان» مندوب المملكة العربية السعودية إلى الجامعة، و«عزيز الديحاني» مندوب الجزائر.

وفي اجتماع جري الشهر الماضي بالمقر الدائم للجامعة بالقاهرة، لمناقشة الخلافات، تحول الاجتماع إلى استجواب له ولنائبه السفير «أحمد بن حلي»، تخلله صدام بين مندوبي الجزائر والسعودية و«العربي» تحديدا، بحسب مصادر دبلوماسية عربية حضرت اللقاء.وقال دبلوماسي عربي شارك في الاجتماع إن اللقاء شهد حدة وهجوما على الأمين العام، حيث اتهمه مسؤولو الجامعة بعدم تنفيذ قرارات معينة للمجلس الوزاري العربي، بالإضافة إلى تجاهل طلبات بعينها يقدمها سفراء ومندوبون، مقابل مناقشة طلبات أخرى.

وخلال هذا الاجتماع رفض السفير الجزائري «عزيز الديحاني»، أن يبدأ نبيل العربي الحديث وطالبه بالتعقيب على كلام السفراء عقب الانتهاء من سرد النقاط التي يعترضون عليها. واتهمه «الديحاني» الأمين العام بعدم الالتزام بتنفيذ قرارات وزراء الخارجية العرب،بشأن تقليص المصروفات الإدارية، وإغلاق بعض المكاتب في الدول الخارجية،لافتا إلى عدم وجود دور فعال لتلك المكاتب، بالإضافة إلى الخلاف حول تقليص العمالة المؤقتة في الجامعة وتخفيض الرواتب للعاملين، والتي يعتبرها المندوب الجزائري باهظة.

وعندما حول «العربي» الرد، قاطعه السفير السعودي «أحمد قطان» طالبا الكلمة لنفسه، معلنا تأييده حديث السفير الجزائري، لافتا إلى وجود إهدار في موازنة الجامعة العربية، التي تتعدى الـ40 مليون دولار سنويا.

وتقول المصادر أن المملكة السعودية غير راضية تماما عن أداء «نبيل العربي» في الجامعة العربية منذ اليوم الأول لدخوله إلى مكتبه خلفا للسيد «عمرو موسى».