سيلين أسود | رويترز- الخليج الجديد-
قد تبدأ توزيعات الأرباح في السعودية ودول الخليج الأخرى بالانكماش في ظل تزايد صعوبة تدبير التمويل مما يجبر الشركات على خفض المدفوعات.
واجتذبت عوائد التوزيعات المرتفعة لسنوات المستثمرين إلى البورصات الخليجية مما عوض جزئيا عوامل مثل سيولة التداول المحدودة وتفاوت القواعد التنظيمية وضعف إفصاح الشركات عن المعلومات.
وفي 2015 بلغ متوسط عائد التوزيعات في دول مجلس التعاون الخليجي الست نحو 4.5% مقابل 3% في الأسواق الناشئة بحسب تقديرات لدويتشه بنك.
ويهدد النفط الرخيص الآن هذا النمط. فقد تباطأ النمو الاقتصادي مع تراجع إيرادات الخام وهو ما دفع الحكومات لخفض الإنفاق. وتتوقع موديز نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي 2.8% هذا العام مقابل متوسط نمو قدره 5.7% بين 2010 و2015. وسيحد ذلك من أرباح الشركات.
وسترفع إجراءات التقشف في الميزانية السعودية لعام 2016 - التي تتضمن رفع أسعار الوقود والكهرباء ولقيم الغاز الطبيعي - التكاليف لدى كثير من الشركات المدرجة عدة نقاط مئوية هذا العام حسبما قالته الشركات. وقد تتضمن الميزانيات القادمة مزيدا من التقشف.
وفي الوقت نفسه فإن الحصول على تمويل من الأسواق المالية أصبح أعلى تكلفة مع تراجع الإيرادات النفطية الدولارية التي تصب في الاقتصادات. وارتفعت أسعار الفائدة في السوق بشكل حاد.
لذا فإن بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة لسنوات قد يدفع بعض الشركات إلى التضحية بجزء من مدفوعات التوزيعات حتى تتمكن من توفير السيولة التي تحتاجها للعمليات والتوسع.
وفي السعودية علامات أولية على ذلك. وأشارات تقديرات الرياض المالية إلى أن إجمالي توزيعات الأرباح للشركات المدرجة هبط نحو 5% إلى 62 مليار ريال (16.5 مليار دولار) العام الماضي.
وحدت الشركات من الهبوط بالسحب من أرباحها حيث بلغ إجمالي التوزيعات 64% من الأرباح العام الماضي ارتفاعا من 57% في 2014. لكن هذه النسبة لن تزيد بالقطع دون أن تضر بقدرة الشركات على إعادة الاستثمار في أنشطتها.
وقال محمد الشماسي المدير لدى دراية المالية في جدة «أصبح الحصول على التمويل عقبة رئيسية وتحتاج الشركات التي تعاني من شح السيولة إلى تحديد ما إذا كانت تريد توزيع بعض الأرباح على المستثمرين أو الاحتفاظ ببعضها للإنفاق الرأسمالي».
وقالت المتحدة للإكترونيات إنها لن تدفع توزيعات للربع الأخير من 2015 لتمويل خطط توسع. وقالت شاكر لاستيراد الأجهزة المنزلية إنها لن تدفع توزيعات لعام 2015 لدعم النمو في المستقبل وتعزيز ميزانيتها.
قـطـاعـات
تبدو توزيعات الأرباح في قطاع البتروكيماويات السعودي - الذي ترتبط هوامش أرباحه بأسعار النفط والغاز الطبيعي اللقيم - من بين الأكثر تأثرا.
وقال المحللون لدى الجزيرة كابيتال إن من المستبعد أن تدفع شركات منتجة للبتروكيماويات تتكبد خسائر مثل التصنيع الوطنية توزيعات أرباح لعام 2015 أو 2016.
وفي خارج السعودية اقترحت صناعات قطر المنتجة للبتروكيماويات والمعادن والأسمدة توزيعات أرباح لعام 2015 بواقع خمسة ريالات للسهم انخفاضا من سبعة ريالات.
وقد يتأثر قطاع الأسمنت السعودي نظرا لانكشافه على نشاط البناء في المملكة الذي تراجع في ظل انخفاض الإنفاق الحكومي. ويقدم القطاع حاليا توزيعات أرباح مرتفعة تبلغ عشرة بالمئة.
وقال سانثوش بالاكريشنان المحلل لدى الرياض المالية إن ديون القطاع أقل من القطاعات الأخرى ولذا لديه القدرة على الاستمرار في دفع توزيعات الأرباح. لكن الأسمنت العربية قالت إنها تقترح توزيعات أرباح للنصف الثاني من 2015 بواقع 2.5 ريال للسهم انخفاضا من 3.25 ريال للسهم قبل عام.
وبالنسبة للخليج عموما فمن المرجح أن تكون البنوك أكثر القطاعات أهمية نظرا لثقلها الكبير في الأسواق. وفي 2015 أبقت معظم البنوك على توزيعات الأرباح باستئناءات قليلة مثل بنك الدوحة في قطر وبنك الاتحاد الوطني بأبوظبي.
وتتوقع أبوظبي الوطني للأوراق المالية أن تدفع البنوك القطرية توزيعات أرباح بين خمسة وتسعة بالمئة في 2016 أي أعلى قليلا من نطاقها التاريخي بين أربعة وثمانية بالمئة.
وقال «شيراديب غوش» المحلل لدى بنك سيكو البحريني «قد تخفض البنوك ذات معدل كفاية رأس المال المنخفض توزيعات الأرباح كما فعل بنك الدوحة لكن ذلك بشكل عام ليس مبعث قلق رئيسيا للقطاع المصرفي».
وقد يتغير ذلك إذا استمر ضعف أسعار النفط لفترة طويلة.
فعلى سبيل المثال حذر البنك المركزي العماني في رسالة وجهها للبنوك نهاية 2015 من أنه قد يتدخل في مدفوعات توزيعات البنوك للتأكد من أنها تحتفظ بأموال كافية لتغطية متطلبات رأس المال.