شؤون خليجية - هدى التوابتي
تتبع السياسة الخارجية العمانية عدة مبادئ، أبرزها الحياد والنأي عن الصراعات، جعلتها خارج سرب دول مجلس التعاون الخليجي، بل وأدت لاعتبار عدد من المراقبين لها أقرب لإيران من بعدها الإقليمي، إلا أن سياسة عمان، انعكست بشكل كبير في الأزمات بالمنطقة، من خلال تمكنها بنجاح من لعب دور الوسيط، والتدخل لفض النزاعات، والبروز بدور سياسي أكبر يخدم الخليج، ويساهم في إنهاء الأزمات بالمنطقة.
ويضاف إلى الدور العماني في فك الاشتباك والوساطة الدور الكويتي، والذي يشار إلى لعبه دورًا بارزًا في فض النزاعات، خاصة مع تمكنها من الحفاظ على علاقات سياسية قوية مع إيران، رغم التباينات الواضحة في المواقف من الأحداث في المنطقة، وإن إتقانها لقواعد "الوحدة والصراع" انعكس على سياساتها الخارجية.
وبرز الدور العماني والكويتي في وساطتهما المتعددة، سواء في الأزمة السورية، والأزمة اليمنية، وحتى في الوساطة بين السعودية وإيران.
سياسة الحياد العمانية
وصف الباحث أحمد الاسماعيلي في ورقة بحثية له بعنوان "العلاقات (العمانية - الإيرانية) وتأثيرها على الاندماج الإيراني"، السياسة الخارجية العمانية، بقوله: إنها "مبنية على أساس النأي ببلادها عن الصراعات الدولية، والإقليمية وتجنب النزاعات التي لا تعنيها، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، والإيمان بالحوار، والحلول السلمية".
ووصف وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية، سياسة بلاده قائلاً: "نحن لا ننحاز لهذا الجانب أو ذاك، بل نحاول أن ننقل لكلا الطرفين ما نعتقد أنه جيد بالنسبة لهما".
وبرز هذا الحياد في مواقف عمان تجاه القضايا المختلفة، أبرزها على سبيل المثال، تمكن سلطنة عمان من الاحتفاظ بعلاقات مع طرفي الأزمة (الإيرانية - العراقية) عام 1988، والأزمة (الكويتية - العراقية) عام 1990.
كما ظهرت سياسة الحياد في أبرز الأزمات الخليجية الأخيرة، ففي الوقت الذي اجتمعت فيه دول الخليج في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والوقوف في وجه المد الإيراني، كان القرار العماني نابعًا من سياساتها باعتماد الحلول السلمية، حيث قال وزير الخارجية العماني: إنه "لا يمكننا أخذ خطوات في الاتجاه السلمي في نفس الوقت الذي نشترك فيه بحملة عسكرية، لا يستقيم هذان الأمران معًا، عمان ليست جزءًا من تلك الحملة لأسباب بسيطة: عمان دولة تحب السلام".
ويعد الموقف من الأزمة اليمنية مشابه للموقف من الأزمة السورية، حيث تحتفظ السلطنة بعلاقات جيدة مع أطراف النزاع السوري، وأبرزه النظام السوري، والذي تتفق دول الخليج بشكل عام على ضرورة خروجه من المشهد.
السياسة العمانية الخارجية تؤهلها للعب الوسيط
على الرغم من التباين الكبير بين المواقف الخليجية والعمانية، خاصة تجاه إيران، والاتهامات التي وجهت للسلطنة بالتغريد خارج السرب، إلا أنها استطاعت صناعة دور سياسي بارز في العلاقات الخارجية الخليجية، حيث أصبحت محلًا للوساطات في الأزمات المختلفة بين دول الخليج وإيران، وحتى في الأزمة اليمنية والسورية الأخيرة.
وبرز دور وساطة إيران في الأزمة السورية، على سبيل المثال ما نقلته صحيفة القدس العربي (في 17 أغسطس/ آب 2015)- اعتمادًا على مصادر إيرانية، عن "اجراء محادثات (أمريكية - سورية) بشكل سري برعاية سلطنة عمان في مسقط". أما صحيفة "الشرق الأوسط" فنشرت خبرًا حول مساع (خليجية - إيرانية) لعقد لقاء بين إيران ودول الخليج في الثاني والعشرين من سبتمبر (أيلول) المقبل.
كما رعت عمان عددًا من المبادرات الخاصة بحل الأزمة اليمنية، بالإضافة للعبها دور الوساطة أكثر من مرة بين أطراف الأزمة.
ونقلت الباحثة مريم البلوشي في ورقة بحثية نشرتها مجلة المستقبل العربي عدد مارس الحالي، بعنوان "العلاقات (العمانية – الإيرانية) وأمن دول الخليج" الصورة الإيجابية لنهج السلطنة، خاصة في اليمن.
حيث قالت البلوشي: إن دور عمان قد يسهم في التوسط بين أطراف الصراع، خاصة في ظل خسائر الحرب الكبيرة بين الطرفين.
وأضافت أنه "ربما تكون لدى دول مجلس التعاون رغبة في أن تبقى عمان بوابة تفتح على أطراف الصراع في اليمن، كما حدث في الحرب (العراقية – الإيرانية)، والغزو العراقي للكويت".
الكويت وإيران مد وجزر لم يمنعا الوساطة في الأزمات
تختلف العلاقات (الكويتية - الإيرانية) بشكل كبير عن شكل العلاقات (العمانية - الإيرانية)، فالسياسة الكويتية لا تلتزم الحياد بشكل كامل، ولكنها استطاعت الحفاظ على تواصل يؤهلها للعب دور سياسي ودبلوماسي في الأزمات بين الخليج، وخاصة المملكة وإيران.
ففي الوقت الذي شاركت فيه الكويت في التحالف العربي باليمن، وبرز دور متفق مع الموقف السعودي لها إبان الأزمة (السعودية - الإيرانية) عقب إعدام المعارض الشيعي نمر النمر، وحرق السفارة السعودية بإيران، إلا أن مواقف أخرى ربطتها بإيران قابلت هذا الموقف.
ويعد الموقف الأبرز للدبلوماسية الكويتية مع إيران، هو مخالفتها لموقف المملكة في الانزعاج من الاتفاق النووي الإيراني وترحيبها به.
حيث قال الكاتب الأردني عريب العنتاوي عن العلاقات (الكويتية - الإيرانية): إنه "وعلى الرغم من مجاراة الكويت غير المعهودة للسياسة الخارجية للجارة الكبرى (وربما من باب رد التحية بأحسن منها)، نجحت في الاحتفاظ بنكهة خاصة، ميزت أداءها في السياستين الداخلية والخارجية... عضويتها في التحالف السعودي ضد الحوثيين، لم تُفضِ إلى قطيعة مع إيران، وخلافاتها مع طهران، لم تترجم إلى سياسات عدائية ضد (الكويتيين الشيعة)".
وأضاف في مقال نشره اليوم الخميس بعنوان "لماذا الكويت؟ ولماذا الآن؟"، أن "الكويت تتعايش ضمن قواعد (الوحدة والصراع)، مع مختلف المدارس الكبرى في الإسلام السياسي المعاصر: سنية وشيعية، إخوان وسلفية، فضلاً عن دور نشط للتيار الليبرالي والتيار الاجتماعي المحافظ".
وتابع "العنتاوي": "تستطيع الكويت، في مناخات الاستقطاب المحتدم في الإقليم، أن تتحدث مباشرة مع مختلف الأطراف ... وهذه ميزة قد لا تتوفر للعديد من دول المنطقة وعواصمها، التي ذهبت بعيداً في انحيازاتها واصطفافاتها".
ويشير العنتاوي في مقالته إلى أن الكويت دولة ذات باع طويل في فض النزاعات، مضيفًا أنها "لطالما لعبت دور (رجل المطافئ) عندما كان أمير البلاد الحالي، وزيراً للخارجية، وهو الدور الذي افتقدته المنطقة".
وبرز بشكل فعلي الدور الكويتي في فض النزاعات، من خلال الوساطة الكويتية بين إيران والمملكة، وتلتها بالإعلان عن استقبال الكويت للمفاوضات مع الحوثيين منتصف إبريل القادم.
ويرى الكاتب الأردني أن الكويت تعد بديلًا عن عمان في دور الوساطة في عدة قضايا أساسية، بسبب التحفظ الخليجي من تغريد "مسقط خارج سرب مجلس التعاون الخليجي، معتبرًا أن دور الوساطة الكويتي بين الحوثيين والتحالف العربي من أبرز الأدلة على ذلك".
ويضاف إلى الدور العماني في فك الاشتباك والوساطة الدور الكويتي، والذي يشار إلى لعبه دورًا بارزًا في فض النزاعات، خاصة مع تمكنها من الحفاظ على علاقات سياسية قوية مع إيران، رغم التباينات الواضحة في المواقف من الأحداث في المنطقة، وإن إتقانها لقواعد "الوحدة والصراع" انعكس على سياساتها الخارجية.
وبرز الدور العماني والكويتي في وساطتهما المتعددة، سواء في الأزمة السورية، والأزمة اليمنية، وحتى في الوساطة بين السعودية وإيران.
سياسة الحياد العمانية
وصف الباحث أحمد الاسماعيلي في ورقة بحثية له بعنوان "العلاقات (العمانية - الإيرانية) وتأثيرها على الاندماج الإيراني"، السياسة الخارجية العمانية، بقوله: إنها "مبنية على أساس النأي ببلادها عن الصراعات الدولية، والإقليمية وتجنب النزاعات التي لا تعنيها، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، والإيمان بالحوار، والحلول السلمية".
ووصف وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، في مقابلة مع قناة CNN الأمريكية، سياسة بلاده قائلاً: "نحن لا ننحاز لهذا الجانب أو ذاك، بل نحاول أن ننقل لكلا الطرفين ما نعتقد أنه جيد بالنسبة لهما".
وبرز هذا الحياد في مواقف عمان تجاه القضايا المختلفة، أبرزها على سبيل المثال، تمكن سلطنة عمان من الاحتفاظ بعلاقات مع طرفي الأزمة (الإيرانية - العراقية) عام 1988، والأزمة (الكويتية - العراقية) عام 1990.
كما ظهرت سياسة الحياد في أبرز الأزمات الخليجية الأخيرة، ففي الوقت الذي اجتمعت فيه دول الخليج في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والوقوف في وجه المد الإيراني، كان القرار العماني نابعًا من سياساتها باعتماد الحلول السلمية، حيث قال وزير الخارجية العماني: إنه "لا يمكننا أخذ خطوات في الاتجاه السلمي في نفس الوقت الذي نشترك فيه بحملة عسكرية، لا يستقيم هذان الأمران معًا، عمان ليست جزءًا من تلك الحملة لأسباب بسيطة: عمان دولة تحب السلام".
ويعد الموقف من الأزمة اليمنية مشابه للموقف من الأزمة السورية، حيث تحتفظ السلطنة بعلاقات جيدة مع أطراف النزاع السوري، وأبرزه النظام السوري، والذي تتفق دول الخليج بشكل عام على ضرورة خروجه من المشهد.
السياسة العمانية الخارجية تؤهلها للعب الوسيط
على الرغم من التباين الكبير بين المواقف الخليجية والعمانية، خاصة تجاه إيران، والاتهامات التي وجهت للسلطنة بالتغريد خارج السرب، إلا أنها استطاعت صناعة دور سياسي بارز في العلاقات الخارجية الخليجية، حيث أصبحت محلًا للوساطات في الأزمات المختلفة بين دول الخليج وإيران، وحتى في الأزمة اليمنية والسورية الأخيرة.
وبرز دور وساطة إيران في الأزمة السورية، على سبيل المثال ما نقلته صحيفة القدس العربي (في 17 أغسطس/ آب 2015)- اعتمادًا على مصادر إيرانية، عن "اجراء محادثات (أمريكية - سورية) بشكل سري برعاية سلطنة عمان في مسقط". أما صحيفة "الشرق الأوسط" فنشرت خبرًا حول مساع (خليجية - إيرانية) لعقد لقاء بين إيران ودول الخليج في الثاني والعشرين من سبتمبر (أيلول) المقبل.
كما رعت عمان عددًا من المبادرات الخاصة بحل الأزمة اليمنية، بالإضافة للعبها دور الوساطة أكثر من مرة بين أطراف الأزمة.
ونقلت الباحثة مريم البلوشي في ورقة بحثية نشرتها مجلة المستقبل العربي عدد مارس الحالي، بعنوان "العلاقات (العمانية – الإيرانية) وأمن دول الخليج" الصورة الإيجابية لنهج السلطنة، خاصة في اليمن.
حيث قالت البلوشي: إن دور عمان قد يسهم في التوسط بين أطراف الصراع، خاصة في ظل خسائر الحرب الكبيرة بين الطرفين.
وأضافت أنه "ربما تكون لدى دول مجلس التعاون رغبة في أن تبقى عمان بوابة تفتح على أطراف الصراع في اليمن، كما حدث في الحرب (العراقية – الإيرانية)، والغزو العراقي للكويت".
الكويت وإيران مد وجزر لم يمنعا الوساطة في الأزمات
تختلف العلاقات (الكويتية - الإيرانية) بشكل كبير عن شكل العلاقات (العمانية - الإيرانية)، فالسياسة الكويتية لا تلتزم الحياد بشكل كامل، ولكنها استطاعت الحفاظ على تواصل يؤهلها للعب دور سياسي ودبلوماسي في الأزمات بين الخليج، وخاصة المملكة وإيران.
ففي الوقت الذي شاركت فيه الكويت في التحالف العربي باليمن، وبرز دور متفق مع الموقف السعودي لها إبان الأزمة (السعودية - الإيرانية) عقب إعدام المعارض الشيعي نمر النمر، وحرق السفارة السعودية بإيران، إلا أن مواقف أخرى ربطتها بإيران قابلت هذا الموقف.
ويعد الموقف الأبرز للدبلوماسية الكويتية مع إيران، هو مخالفتها لموقف المملكة في الانزعاج من الاتفاق النووي الإيراني وترحيبها به.
حيث قال الكاتب الأردني عريب العنتاوي عن العلاقات (الكويتية - الإيرانية): إنه "وعلى الرغم من مجاراة الكويت غير المعهودة للسياسة الخارجية للجارة الكبرى (وربما من باب رد التحية بأحسن منها)، نجحت في الاحتفاظ بنكهة خاصة، ميزت أداءها في السياستين الداخلية والخارجية... عضويتها في التحالف السعودي ضد الحوثيين، لم تُفضِ إلى قطيعة مع إيران، وخلافاتها مع طهران، لم تترجم إلى سياسات عدائية ضد (الكويتيين الشيعة)".
وأضاف في مقال نشره اليوم الخميس بعنوان "لماذا الكويت؟ ولماذا الآن؟"، أن "الكويت تتعايش ضمن قواعد (الوحدة والصراع)، مع مختلف المدارس الكبرى في الإسلام السياسي المعاصر: سنية وشيعية، إخوان وسلفية، فضلاً عن دور نشط للتيار الليبرالي والتيار الاجتماعي المحافظ".
وتابع "العنتاوي": "تستطيع الكويت، في مناخات الاستقطاب المحتدم في الإقليم، أن تتحدث مباشرة مع مختلف الأطراف ... وهذه ميزة قد لا تتوفر للعديد من دول المنطقة وعواصمها، التي ذهبت بعيداً في انحيازاتها واصطفافاتها".
ويشير العنتاوي في مقالته إلى أن الكويت دولة ذات باع طويل في فض النزاعات، مضيفًا أنها "لطالما لعبت دور (رجل المطافئ) عندما كان أمير البلاد الحالي، وزيراً للخارجية، وهو الدور الذي افتقدته المنطقة".
وبرز بشكل فعلي الدور الكويتي في فض النزاعات، من خلال الوساطة الكويتية بين إيران والمملكة، وتلتها بالإعلان عن استقبال الكويت للمفاوضات مع الحوثيين منتصف إبريل القادم.
ويرى الكاتب الأردني أن الكويت تعد بديلًا عن عمان في دور الوساطة في عدة قضايا أساسية، بسبب التحفظ الخليجي من تغريد "مسقط خارج سرب مجلس التعاون الخليجي، معتبرًا أن دور الوساطة الكويتي بين الحوثيين والتحالف العربي من أبرز الأدلة على ذلك".