تسافر ملايين النساء إلى الخارج ليعملن كعاملات منازل باعتبارهن المعيلات الوحيدات لأسرهن، وغالبا ما يكون هذا الملاذ الأخير مع ندرة فرص العمل في الوطن، وبينما تحقق كثيرات آمالهن في الحصول على رواتب لائقة وظروف عمل جيدة، تواجه أخريات وضعا أكثر سوءا بكثير، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي والتي تستضيف أكثر من 2 مليون عاملة منزلية.
فهناك بلدان كثيرة ما زالت لا ترى العمل المنزلي عمل حقيقي، وتستبعد عاملات المنازل من الحماية التي توفرها قوانين العمل. نتيجة لذلك، هناك جزء كبير من عاملات المنازل، والمقدر عددهن بـ67.1 مليون – غالبيتهن نساء – يحصلن على قدر ضئيل جدا من الحماية أو الحقوق.
عاملات المنازل المهاجرات، البالغ عددهن 11.5 مليون حول العالم، أكثر عرضة للانتهاكات بسبب أنظمة الهجرة التقييدية في بلدان عدة.
انتهاكات
ففي دول مجلس التعاون الخليجي – والتي تستضيف أكثر من مليوني عاملة منزلية مهاجرة – ترتبط تأشيرات دخول العمال بأرباب عملهم (الكفيل) بحيث لا يمكنهم تغيير وظائفهم دون موافقة صاحب العمل. ويدعى هذا النظام «الكفالة»، ويمكن أن يتعرض العمال المهاجرون الهاربون من صاحب العمل المسيء إلى عقوبات «الفرار»كالسجن والغرامات والترحيل.
مئات العاملات الوافدات إلى دول مجلس التعاون الخليجي الذين قابلتهن «هيومن رايتس ووتش»، قلن جميعهن تقريبا إن أصحاب عملهن صادروا جوازات سفرهن كإجراء احتياطي للتأكد من عدم هربهن.
روت بعض عاملات المنازل، لـ«هيومن رايتس ووتش»، كيف كنّ غالبا ما يُجبرن على العمل قرابة 21 ساعة يوميا بدون راحة أو عطلة. وقالت كثيرات إن أصحاب عملهن لم يدفعوا رواتبهن كاملة، فدفعوا أقل مما وعدوا، أو تأخروا في الدفع أو حجبوا عنهن رواتبهن لإجبارهن على الاستمرار في العمل في ظروف مسيئة، أو حتى رفضوا الدفع بالمرة.
قالت عديدات إن أصحاب عملهن صادروا هواتفهن وقيّدوا اتصالاتهن. بعضهن قلن إن أرباب عملهن كانوا يقدمون لهن القليل من الطعام، أو بقايا الوجبات العائلية، أو يقومون بتجويعهن عقابا على «أخطاء» ارتكبنها في عملهن.
تحدثت النساء أيضا عن النوم في المطابخ، أو غرف تخزين أو غرف معيشة مفتوحة. كثيرات قلن إنهن تعرضن للإذلال والإهانة والصياح يوميا، كما أشار بعضهن إلى قيام أرباب عملهن بصفعهن أو ضربهن أو حرقهن. بعضهن تحدث عن حالات تحرش واعتداء جنسي وحتى اغتصاب.
في مواجهة مثل هذه الظروف المسيئة، خاطرت بعض النسوة بحياتهن للهرب، حيث تسلقن أسوار مبان شاهقة، أو قفزن من شرفات، أو مشين لأميال في حر الصحراء. لكن قليلات ممن هربن حصلن على مساعدة أو تعويض.
ووصفت نسوة، لـ«هيومن رايتس ووتش»، كيف أبلغ أرباب عملهن عن «هروبهن» للشرطة، أو لفقوا لهن اتهامات جنائية مثل السرقة. غالبا ما تقوم العاملات بإسقاط ادعاءاتهن ضد أرباب عملهن في إسقاط أرباب العمل اتهاماتهم لكي يتمكنّ من العودة إلى ديارهن.
أخريات وجدن أن محاولة المطالبة بالرواتب غير المدفوعة أو تقديم شكاوى جنائية عملية طويلة ومكلفة، في الوقت الذي لا يُسمح لهن بالعمل لدى رب عمل آخر أثناء ذلك. النتيجة النهائية هي أن العديد من العاملات المنزليات يعدن إلى وطنهن دون أجر أو تعويض.
معاهدة منظمة العمل
يصادف يوم 16 يونيو/حزيران – اليوم العالمي لعاملات المنازل – ذكرى مرور 5 سنوات على اعتماد «منظمة العمل الدولية» اتفاقية تاريخية بشأن العمل اللائق للعمال المنزليين.
كانت هذه المعاهدة الأولى التي تنص على مبدأ معاملة عاملات المنازل بشكل مساوٍ لباقي العمال وتوفير حماية كافية ضد العنف وسوء المعاملة. صدّق 22 بلدا على المعاهدة، وتبنت دول كثيرة إصلاحات لقانون العمل وحسنت الحماية للعاملات المنزليات.
حتى دول الخليج شهدت بعض الخطوات الصغيرة الإصلاحية. فأصدرت الكويت، في يونيو/حزيران 2015، قانونا يعطي عاملات المنازل حقوق العمال الآخرين مثل يوم عطلة أسبوعي، وتعويض العمل الإضافي، وإجازة سنوية.
«هيومن رايتس وتش» قالت أنه «على كل الدول التصديق على معاهدة منظمة العمل الدولية بشأن العاملات في المنازل، وإصلاح قوانين العمل والهجرة من أجل ضمان تمتع عاملات المنازل بالحقوق والحماية التي يتمتع بها العمال والعاملات الآخرون».
وكالات-