لا شك في إيجابية توجيهات أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح التي أعاد فيها الجنسية لعدد من المواطنين الذين سُحبت جنسيتهم منهم في أوقات سابقة، تحديداً بعد حراك المعارضة في 2012، وذلك في ظل عدم تدخل القضاء في قرارات وزارة الداخلية التي مُنحت حقاً شبه مطلق في سحب الجنسية. وكانت محكمة التمييز الكويتية قد اعتبرت القرار "من أعمال السيادة" التي لا تمتد سلطتها إليها.
قرار إعادة الجنسية حلّ أزمة الأسر المتضررة، وهذه خطوة مهمة وكبيرة، لا يصح التقليل من قيمتها، لكن في الوقت نفسه، يشير إلى أزمة أعمق في الكويت، ودول خليجية أخرى، تتعامل مع حق المواطنة باعتباره "منحة"، يمكن سحبها في أي لحظة، لأي سبب كان.
المطلوب في هذا السياق، ألا يستخدم سحب الجنسية، والحرمان من حق المواطنة، أداة بيد السلطات متى شاءت في وجه المعارضين، خصوصاً مع توسّع بعض الدول في استخدامه بصورة تكاد تكون عبثية، أو بمثابة عقاب جماعي.
وفي حالات قصوى، يجب ألا تنفرد السلطة السياسية، والجهاز التنفيذي، بقرار كهذا، فإذا رأت السلطة أن هناك من منحوا الجنسية باعتبارها مكرمة، وليست حقاً أصيلاً مكتسباً، وهذا يحدث، وتريد أن تسحبها بسبب قضايا أمنية أو تورط في أعمال عنف أو غيره، فيجب ألا ينفرد الجهاز التنفيذي بسحبها، بل أن يشرك الجهاز القضائي في القرار، ويُستبعد منه ذوو "المتهم"، وتحديداً لمن ولدوا في الخليج.
في أوروبا، باعتبار أن الدولة الحديثة ومؤسساتها تطورت فيها بصورة أكبر، وصلت النقاشات حول سحب ومنح حق المواطنة إلى مستويات متقدمة، حتى أن السلطات البريطانية خاضت معارك قضائية طويلة استمرت لسنوات من أجل ترحيل متهم بدعم الإرهاب مثل أبو قتادة، ودول أخرى مثل فرنسا رُفض فيها سحب الجنسية حتى من المتورطين في قضايا إرهاب. في هذا السياق يجب أن ينظر الخليج إلى الأمام، ويحيّد حق المواطنة عن الصراعات السياسية.
بدر الراشد- العربي الجديد-