دول » دول مجلس التعاون

هل تعود بريطانيا من جديد إلى الخليج عبر البوابة الكويتية؟

في 2018/03/05

جورجيو كافييرو - منتدى الخليج الدولي-

كانت هناك أخبار هذا الشهر حول نظر بريطانيا في قاعدة عسكرية دائمة في الكويت، بناء على طلب الدولة الخليجية، في تطور مهم بشأن عودة لندن لاستراتيجيتها في المنطقة.

وعلى الرغم من أن الفكرة ليست جديدة، غير أن التطورات الجارية في المنطقة تمنح القيادة الكويتية حافزا أكبر لزيادة تنويع تحالفات الكويت والاستثمار في شراكة دفاعية أوثق مع البريطانيين.

وفي نهاية المطاف، مع استمرار بريطانيا في إجراء تعديلات استراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي، في إطار السياسة الخارجية الجديدة لما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تنظر بريطانيا في الحصول على دور أكثر حزما في الشرق الأوسط، وقد تلعب الكويت دورا أكبر في نهج لندن تجاه المنطقة.

وكشف السفير البريطاني في الكويت «مايكل دافنبورت»، في مقابلة مع شبكة «فورسز» أن بلاده تدرس إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في الكويت، وقال: «نحن نبحث في كل الاحتمالات، ولا نتحدث عن نشر كبير، لا أعتقد هذا، ولكننا نبحث في ما يمكن أن يكون في صالح كل من المملكة المتحدة والكويت، وكما أقول، إن الأمر في مرحلة مبكرة جدا».

وفي عام 2017، دعت وزارة الدفاع الكويتية أفراد القيادة البريطانية من اللواء 51 إلى المشاركة في تدريبات عسكرية، «النسر 15»، لمحاكاة سيناريو ينطوي على عدوان أجنبي على الكويت.

ويشارك البريطانيون أيضا في نفس المناورات عام 2019، وفي العام المقبل أيضا، سيقوم الكويتيون والكتيبة الملكية الثانية التابعة لأميرة ويلز بممارسة تدريب في الخارج لاختبار التخطيط التشغيلي ونشر القوات.

وفي أغسطس/آب، أعلن وزير الدفاع البريطاني عزم لندن توقيع اتفاقية تعاون عسكري مع الكويت، كجزء من التزام المملكة المتحدة تجاه الكويت والأمن الإقليمي.

العودة إلى الخليج

وشملت خطط لندن لتعزيز موقفها العسكري في دول مجلس الخليجي العديد من دول الخليج.

وفي عام 2015، عززت المملكة المتحدة والبحرين خططا لقاعدة بحرية بريطانية في البحرين، الأمر الذي شكل بداية عودة لندن إلى منطقة الخليج بعد انسحابها الرسمي قبل 44 عاما.

وفي عام 2017، وقعت المملكة المتحدة وسلطنة عمان اتفاقات عسكرية تسمح للبحرية الملكية باستخدام مرافق في ميناء الدقم في السلطنة، وتقع على طول ساحل بحر العرب في سلطنة عمان.

ولأعوام، احتفظ البريطانيون بقاعدة جوية سرية في الإمارات العربية المتحدة في المنهاد، جنوب دبي، والتي استخدمتها لندن لنشر قوات إلى أفغانستان وشن ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وتسعى المملكة المتحدة إلى إعادة تأكيد النفوذ في الخليج بعد 5 عقود تقريبا من الخروج رسميا من شواطئ شرق شبه الجزيرة العربية.

ويعد التراجع النسبي للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط وعدم الاستقرار الإقليمي المتزايد عاملان رئيسيان يدفعان سعي لندن إلى تقديم نفسها لأعضاء المجلس الخليجي كقوة عالمية بديلة قادرة على تعزيز الاستقرار والأمن، في الوقت الذي شهدت فيه مصداقية السياسة الخارجية في واشنطن تراجعا بشكل متزايد، بعد المواقف المتضاربة حول أزمة قطر، واعتراف الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بالقدس عاصمة لـ (إسرائيل)، بالإضافة إلى قضايا أخرى.

وتهتم لندن باستغلال «فرصة لا مثيل لها» لبيع الأسلحة لدول المجلس، وعلى الرغم من الخلافات السياسية والقانونية في مبيعات الأسلحة في المملكة المتحدة إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، فقد كانت لندن واحدة من مورديها الرئيسيين للأسلحة.

وبين مايو/آيار عام 2015 ويوليو/تموز عام 2017، أصدرت الحكومة البريطانية ترخيصا ببيع 5.3 مليار دولار من الأسلحة إلى الشرق الأوسط، المنطقة الرئيسية لصادرات الأسلحة من المملكة المتحدة.

وبلغت مبيعات دول الخليج وحدها أكثر من نصف مبيعات الأسلحة البريطانية إلى جميع أنحاء العالم في عام 2015، وبالنظر إلى المستقبل، ستظل تجارة الأسلحة واحدة من المصادر الرئيسية لتأثير المملكة المتحدة في شبه الجزيرة العربية، خاصة مع استمرار المحور الاقتصادي لمجلس التعاون الخليجي مع الصين وغيرها من الدول الآسيوية الكبرى.

البحث عن الرعاية

وتطالب الكويت بوجود عسكري بريطاني دائم على أراضيها، في وقت تشهد فيه اضطرابات إقليمية كثيرة، تتنوع بين الوضع الأمني الحساس للعراق، والحرب اليمنية، والنزاع بين دول المجلس.

وقد عملت السياسة الخارجية الكويتية، بوصفها دولة صغيرة نسبيا محاطة ببلدان أكبر من حيث القوة العسكرية، منذ عام 1991 على موازنة المصالح والضغوط من السعودية والعراق وإيران، من أجل تعزيز مصالح الكويت في حماية سيادتها، وهي قضية حساسة للغاية في قلوب وعقول الكويتيين، نتيجة للغزو والاحتلال العراقيين.

وعلى غرار ما حصدته قطر من رهانات خارج الولايات المتحدة كضمانة أمنية لها، من خلال إنشاء قاعدة عسكرية تركية قطرية مشتركة في قطر، فإن اهتمام الكويت بقاعدة عسكرية بريطانية دائمة على أراضيها يرسل رسالة حول الدور السياسي الجديد للسلطات البديلة التي تلعب كأغطية وقائية لدول مجلس التعاون الخليجي الأصغر حجما.

ومن الواضح أن التداعيات السياسية التي شهدتها أزمة الخليج منذ 9 أشهر تقريبا، والتي تنطوي على مخاوف جديدة بشأن المواجهات العسكرية بين قطر ودول الحصار، أدت إلى سعي أعضاء مختلفين من دول المجلس للحصول على دعم من مضيفين متنوعين بشكل متزايد، فضلا على استجلاب دعم الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية للحماية من التهديدات المتصورة من قبل الأعضاء الآخرين في المنظمة دون الإقليمية.

ومما لا شك فيه أن الاتهامات التي وجهها المسؤولون السعوديون ضد نظرائهم الكويتيين بسبب حفاظهم على علاقات وثيقة مع قطر، وزعم انحياز الكويت لموقف مؤيد للدوحة في النزاع، قد تركت الكثير من الكويتيين يشعرون بالتوتر حيال بلدهم، بعد ما حصل لقطر.

وحذر رئيس لجنة الأولويات في البرلمان الكويتي «أحمد الفضل» من احتمال تعرض بلاده للمقاطعة أو الضغط، وقال: «إن الأمن الغذائي والأمن الطبي أمرين مهمين، خاصة أن الوضع فى بعض الدول مقلق».

وقد مكن المناخ السياسي الليبرالي والديمقراطي في الكويت (من خلال معايير دول مجلس التعاون الخليجي) الإسلاميين، وعلى رأسهم الجناح السياسي لجماعة «الإخوان المسلمون» في البلاد، من ترشيح المرشحين والحصول على مقاعد في الجمعية الوطنية، وهو الوضع الذي يفهم الكويتيون أنه من المحتمل أن يتغير إذا خضعت البلاد لمزيد من الضغط للمواءمة مع سياسات وليي العهد في أبوظبي والرياض.

ما يمكن لبريطانيا تقديمه

وفي هذا المنعطف، من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان الوجود العسكري البريطاني الدائم سيخدم غرضا يتجاوز الرمزية.

ومع ذلك، وبغض النظر عن الأسئلة حول احتمال أن يكون البريطانيون طموحين بشكل مفرط في دورهم في المنطقة، فإن أجندة لندن السياسية المرنة تساعد الكويت بالحصول على مساحة للإسلاميين أكثر من السعودية والإمارات، فضلا عن دعم جهود أمير الكويت للتوسط لحل أزمة قطر، وتعزيز تحالف المملكة المتحدة مع الدوحة.

وبما أن الكويت حريصة على الحفاظ على سياستها الخارجية العملية في المنطقة وعلاقاتها الطيبة مع الجهات الفاعلة على جانبي الصدع القطري في المجلس، فمن المنطقي أن يرى «الصباح» أن المملكة المتحدة وسيط قوي، وقوة عظمى مقبولة بشكل أكبر، الأمر الذي قد يكون مفيدا للمساهمة في الاستقرار في الكويت ودول الخليج الأخرى.