أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
يعيش الخليج بشكل عام بروح اتفاق كوينسي الذي تم التوصل إليه في 14 فبراير 1945 وذلك على متن طراد يو أس أس كوينسي (CA-71)، بين الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت العائد من مؤتمر يالطا.
والذي ناقشا به موضوع مستقبل العائلة المالكة السعودية والنفط العربي، واتهيا إلى اتفاق يضمن للحكم الملكي السعودي حماية عسكرية مقابل الحصول على النفط.
وكما هو معلوم، يرتكز اتفاق كوينسي على نقاط:
1/ استقرار المملكة العربية السعودية هو جزء من المصالح الحيوية للولايات المتحدة التي تقدم كذلك الحماية الغير مشروطة لعائلة آل سعود، وأقل منها للمملكة بصفة عامة ضد أي تهديد خارجي.
وبالتالي استقرار شبه الجزيرة العربية وإعطاء القيادة الإقليمية للمملكة العربية السعودية ودورها الهام في المنطقة هم أيضا جزء من المصالح الحيوية للولايات المتحدة.
2/ في المقابل، تضمن المملكة الجزء الأكبر من إمدادات الطاقة للولايات المتحدة، دون أن تعطي حق الملكية لأي جزء من الأراضي السعودية، والشركات المتعاملة تقوم فقط بشراء الأراضي التي تعمل فيها. شركة أرامكو السعودية تتمتع باحتكار جميع حقول النفط في المملكة لمدة لا تقل عن 60 سنة.
3/ بقية النقاط هي حول التعاون الاقتصادي والتجاري والمالي بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وبشأن عدم التدخل الأمريكي في شؤون السياسة الداخلية السعودية.
ومدة اتفاق كوينسي هي ستون سنة انتهى مفعولها عام ٢٠٠٥، وجددها الرئيس جورج بوش الابن لستين سنة أخرى.
وان كانت لدول الخليج اتفاقات منفصلة الا انها تدور في ذات دائرة ميثاق كوينسي.
وفي تقريرأصدرته هيئة "خدمات بحوث بالكونغرس" Congressional Research Services وهي أحد هيئات دعم القرار بالكونغرس، قيم التقرير العلاقات الأمريكية مع دول مجلس التعاون الخليجي.
ويقول التقرير إن حجر الأساس في التعاون العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة هي مجموعة اتفاقيات تعاون دفاعي تسمح للولايات المتحدة بالاحتفاظ بقواعد عسكرية داخل هذه البلاد، وفي المقابل تقدم واشنطن لحلفائها مساعدات عسكرية في شكل تدريبات واستشارات عسكرية وتدريبات مشتركة ومبيعات كبيرة من الأسلحة.
وينقل التقرير عن مسئولين أمريكيين "دون تحديد هويتهم" أن تلك المعاهدات لا تتضمن بنودا تفرض على الطرف الأمريكي حماية الحليف الخليجي في حالة تعرض أحدهم لهجوم عسكري ولا تعطى هذه المعاهدات الولايات المتحدة الحق في استخدام قواعدها بالخليج لعمليات عسكرية بدون الحصول على موافقة الدولة المستضيفة.
ويذكر كاتسمان كاتب التقرير، أن المملكة العربية السعودية لم توقع على اتفاقية تعاون دفاعي شاملة مثل غيرها من دول الخليج، وإن وقعت المملكة على عدة اتفاقيات دفاعية محدودة مع حليفها الأمريكي. والسبب في ذلك على حد تعبير الكاتب هو "قلق الحكومة السعودية من المعارضة الداخلية". ومن المعروف أن القوات الأمريكية الجوية التي تمركزت داخل المملكة لغرض فرض منطقة حظر الطيران بالعراق تركت السعودية في 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين.
ويقول الكاتب الامريكي براء ميكائل في كتابه " السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط": في عام 1951 اضطرت الولايات المتحدة للاكتفاء بخمسين بالمائة من الموارد النفطية، لتهدئة الاضطراب الذي شعر به السعوديون المعادون لاستغلال ثرواتهم على يد أجانب.
هنا تنبغي وقفة للتساؤل، ماذا اذا حدث تهديد داخلي وما هو مستقبل الحماية الامريكية للخليج؟
والسؤال الاولى بالذكر، هل تحترم امريكا تعهداتها مهما حدث؟
التطورات الحديثة تنبئ بالعكس، ونذكر منها ما يلي للعبرة:
اولا: ندَّد مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون مؤخرا، بمحكمة العدل الدولية، واصفاً إياها بأنها "مسيَّسة وغير فعالة"، معلناً أن الإدارة الأمريكية قررت الانسحاب من اتفاقيتين دوليتين تتعلقان بإيران والفلسطينيين.
وجاء ذلك بعدما اشتكت إيران والفلسطينيون في محكمة العدل الدولية من سياسات أمريكية.
وردَّت واشنطن بالانسحاب من المعاهدة، التي لم يكن الضوء مسلَّطاً عليها، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي: إن "الولايات المتحدة ستنسحب أيضاً من (البروتوكول الاختياري) بشأن حل النزاعات والملحق بمعاهدة فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961".
وأوضح أن هذا الانسحاب "يتعلق بقضية رفعتها ما تسمى بدولة فلسطين والتي تشير إلى الولايات المتحدة كمتهمة، وتطعن على نقل سفارتنا من تل أبيب إلى القدس".
وأضاف: "سنجري مراجعة للاتفاقيات الدولية كافة، التي ربما تعرّض الولايات المتحدة لولاية قضائية مزعومة ملزمة، وحل النزاعات بمحكمة العدل الدولية".
ثانيا: منذ توليه منصبه قبل ما يقرب من عامين، انسحب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي المبرم بين ست قوى عالمية وإيران، ومن اتفاق عالمي للمناخ، ومن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، وهدد الحلفاء العسكريين في حلف شمال الأطلسي بأن الولايات المتحدة "ستمضي بمفردها" إذا لم ينفقوا أكثر على الدفاع.
والسؤال هنا يكبر ويتطور ليصبح: من يضمن للسعودية والخليج ككل التزام امريكا باتفاق كوينسي والاتفاقات الامنية مع الخليج؟! وهل البدائل جاهزة ومتاحة؟ ام اننا امام انكشاف استراتيجي محتمل؟