DW- عربية-
العالم مذهول بسبب التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. لكن مؤشرات قليلة توحي باحتمال نشوب مواجهة عسكرية حقيقية، كما يعتبر راينر هرمان من صحيفة فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ.
حتى لو أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية حاملة طائرات إلى الخليج، وحتى لو حددت إيران إنذارا زمنيا لأوروبا بستين يوما لإنقاذ الاتفاقية النووية، فإنّ خطر الحرب الوشيك لا يمكن استنباطه من هذا. أكيد أن التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الاسلامية في إيران تتصاعد مجددا، والقافلة العسكرية البحرية الأمريكية التي كانت متجهة إلى المحيط الهندي قد حولت مسارها إلى الخليج، لكن هذا لا يكفي للقيام بعملية كبيرة، وإيران تستمر في التأكيد على استعدادها للتفاوض. وتمديد الإنذار المعلن من قبل الرئيس روحاني بعد 60 يوما يبقى بالتالي مرجحا.
كلا الطرفين لا يحبذ سبيل السلاح
القليل يوحي بمواجهة عسكرية مرتقبة إذا ما تمعنا في مصالح الخصمين. فالرئيس الأمريكي دخل المعترك السياسي ببذله وعداً بأنه يريد إعادة جنود بلاده من الشرق الأوسط إلى ديارهم. ويبدو أنه تعلم من أخطاء أسلافه، وهو غير مستعد ليجر نفسه إلى حرب جديدة لا تخرج منها الولايات المتحدة الأمريكية بخسائر كبيرة. ومقابل ذلك هو يستخدم ـ أحيانا في مبالغة منه ـ تهديدات لفرض "صفقته" ضد إيران.
في الجانب الآخر، إيران ليست بلدا ينزلق في مغامرات. فالسياسة الخارجية والأمنية الإيرانية حتى ولو أنها تتعارض مع مصالح الغرب يمكن التنبؤ بها. فإيران ترد على ضعف خصومها كما تفعل في العالم العربي أو على قوة خصومها كما تتعامل مع الضغوط الأمريكية. وفي أحسن حال تكون إيران مستعدة لتصعيد محسوب. وفي النهاية يجب القول بأنها تدير النزاع الحالي من موقف ضعف: فالجيش الأمريكي متفوق كثيرا على القوات الإيرانية والاقتصاد الوطني منهار.
لكن في هذا الوضع يوجد أيضا خطر أن يدير كلا الطرفين لولب التصعيد ولا يمكن لهما بعد نقطة حرجة إعادة دورانه. وفي النهاية يجب الإقرار بأن جون بولتون مستشار الأمن القومي لترامب، سبق وأن حصل في عامن 2003 على الحرب التي كان يريدها. وعُرفت جملته التي قال فيها "من يرد تفادي القنبلة النووية الإيرانية عليه قصف إيران"، كما أنه يحبذ بشكل عنيف حصول تغير في النظام في طهران لا يعرف أحد ماذا سيأتي بعده.
وفي إيران قد يضغط المتشددون من حرس الثورة لإعادة العمل بالبرنامج النووي، ما سيشكل ماء يصب في ناعور الصقور في الولايات المتحدة والعربية السعودية وإسرائيل.
مفاوضات جديدة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية؟
الأمر الحاسم هنا سيكون: تحت أي شروط سيكون الطرفان مستعدان للتفاوض من جديد؟ دونالد ترامب أعلن (الخميس 9 ايار/مايو 2019) أن القيادة الإيرانية ما عليها إلا أن تتصل به هاتفيا. وهذا تم رفضه للوهلة الأولى بسرعة في طهران، لكن ذلك كان كمثل كرة تجريبية أولى تركها وزير الخارجية الإيراني ظريف تصعد للسماء في الـ 24 من نيسان/ أبريل المنصرم. وترامب اجتمع في الأثناء مرتين مع حاكم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون. لكن مرشد الثورة الإيرانية خامنئي يبقى مهووسا بسوء ظن كبير تجاه الولايات المتحدة الأمريكية. وسلفه خميني تجرع كما قال بكلماته كأس سم عندما وافق في 1988 على اتفاق السلام مع العراق.
وقبل أن تندلع حرب لا يمكن استبعادها، فإن كثيراً من الخيارات المحتملة لحلول أخرى مازالت ممكنة.