إيان كوبين - ميدل إيست آي- شادي خليفة-
يضع مسؤولون حكوميون بريطانيون متخصصون في إدارة ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الهجمات الإرهابية برامج لسلسلة من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقد تأكدت "ميدل إيست آي" من أن "مخططي الطوارئ" في المملكة المتحدة يعملون عن كثب مع حكومات المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين، و8 دول أخرى.
ويساعد هؤلاء في وضع خطط تحضيرية لمجموعة من الكوارث، بما في ذلك الهجمات الإرهابية، ويشاركون تلك الدول التقنيات المستخدمة حاليا في المملكة المتحدة لتشكيل ردود الفعل العامة.
وقد طور مخططو الطوارئ البريطانيون علاقة وثيقة مع السعودية، حيث ساعدوا في تأسيس منظمة في الديوان الملكي بالرياض تسمى "وحدة المخاطر الوطنية".
وتخضع هذه الوحدة حاليا لإدارة ملازم أول في الجيش البريطاني ونائب رئيس سابق لأمانة الطوارئ المدنية، وهي هيئة حكومية بريطانية تعد خطط الطوارئ في المملكة المتحدة.
وفي الأعوام الأخيرة، كانت تلك الهيئة تخطط مسبقا للهجمات الإرهابية، عبر بث تصنيفات ووسوم، واختيار صور للنشر على "إنستغرام"، وتصميم ملصقات، يتم نشرها لتظهر كردود مرتجلة على الهجمات الإرهابية من قبل الجمهور البريطاني.
العفوية الخاضعة للسيطرة
وفي العمليات التي يطلق عليها بعض مخططي الطوارئ "العفوية الخاضعة للسيطرة"، يتم أيضا التخطيط بعناية لبيانات السياسيين، والفعاليات الدينية، استعدادا لأي هجوم إرهابي.
ويعد الغرض من تلك العمليات، وفقا لعدد من الأشخاص المشاركين في إنشائها، هو تشكيل وتوجيه ردود الجمهور، وتشجيع الأفراد على التركيز على الشعور بالوحدة والتعاطف مع الضحايا، بدلا من الرد بالعنف أو الغضب.
وتعتمد العديد من العمليات على خطط تم وضعها في المملكة المتحدة لتوجيه الغضب العام في أعقاب أي هجوم محتمل على أولمبياد لندن عام 2012.
وعلى الرغم من عدم وقوع أي حادث إرهابي في أولمبياد 2012، يقال إن الخطط التي شملها البرنامج قد تم نشرها في أعقاب كل هجوم في المملكة المتحدة منذ ذلك الحين.
وتشمل الأمثلة التي اطلعت عليها "ميدل إيست آي" نشر ملصقات مصممة مسبقا، مع تجمع للأئمة من جميع أنحاء البلاد بعد الهجوم نفسه، وحملة إعلامية على موقعي "تويتر" و"فيسبوك"، وتم استخدام هذه التقنيات تزامنا مع هجوم جسر لندن في يونيو/حزيران 2017 والذي أسفر عن مقتل 8 أشخاص.
ويبدو أن "أمانة الطوارئ المدنية" تنظر إلى نفسها كزعيم عالمي في تطوير البرامج التي تهدف إلى تشكيل ردود الفعل العامة على الإرهاب، وقد وقعت حكومة المملكة المتحدة عقود تدريب مربحة مع ما يصل إلى 30 دولة حول العالم.
ومع ذلك، قيل إن العديد من شركائها في الخارج شعروا بالفزع الشديد من استجابة السلطات البريطانية لحريق برج "غرينفيل"، المبنى السكني المكون من 24 طابقا في غرب لندن، الذي غمرته النيران في يونيو/حزيران 2017، وأدى إلى مقتل 72 شخصا.
وأدت الاستجابة الفوضوية لتلك الكارثة إلى انهيار ثقة السكان المحليين في كل من الحكومة المحلية والوطنية، وبلغت ذروتها بمطاردة رئيسة الوزراء "تيريزا ماي" في مكان الحادث من قبل حشد غاضب.
ويقول أحد مخططي الطوارئ في المملكة المتحدة: "كانت هناك مكالمات واردة من مختلف الحكومات تقول لنا: لقد كنتم هنا قبل أسابيع قليلة لتخبرونا بأنكم قادة العالم في التعامل مع هذا النوع من الكوارث. كيف حدث هذا في غرينفيل؟".
دورات مفصلة باللغة العربية
وتساعد عقود التخطيط للطوارئ الخارجية على تمويل كلية "أمانة الطوارئ المدنية" في "يوركشاير" في شمال إنجلترا، وهي منشأة تقول إنها "تقدم خدمات للمجتمع في جميع أنحاء العالم".
وتدير الكلية دورات لتعليم مخططي الطوارئ كيفية "حشد الشبكات الاجتماعية لتقديم ردود أفعال أكثر فعالية، وطرق إشراك الأطفال في المدارس في بث الرسائل المرغوبة".
وقامت الكلية بتدريب مخططين من 30 دولة، 12 منهم في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وتقول إنها "تقوم بتصميم وتقديم دورات مفصلة باللغة العربية للإمارات وقطر والبحرين والسعودية، في المملكة المتحدة وخارجها".
وقد قدم المدربون دورات تدريبية لأكثر من 350 مسؤولا سعوديا، وأكثر من 1500 موظف من الإمارات.