سون إنجل راسموسين - وول ستريت جورنال-
يشي إعلان الولايات المتحدة، الجمعة، بأنها بصدد تقديم المزيد من أنظمة الدفاع الصاروخي والقوات إلى المملكة العربية السعودية بتكثيف المواجهة مع إيران، التي حذرت من أن أي هجوم على البلاد سيؤدي إلى "حرب شاملة".
وستكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية خصما مختلفا تماما عما كانت عليه آخر مرة استهدفت فيها الولايات المتحدة البلاد مباشرة عام 1988. وتمتلك إيران الآن آلاف الصواريخ، والكثير منها قادر على الوصول إلى (إسرائيل)، وإلى البحر الأبيض المتوسط، وفي بعض الحالات إلى أصول تابعة للولايات المتحدة، كما تبدو الصواريخ الإيرانية قادرة على الهروب من دفاعات حلفاء الولايات المتحدة المسلحين بأنظمة دفاعية أمريكية. ولدى إيران قوات أو ميليشيات موالية قادرة على إطلاق صواريخ من اليمن والعراق وسوريا ولبنان. ولديها أكثر من مليونين من القوات النظامية والخاصة وقوات الاحتياط والقوات شبه العسكرية تحت تصرفها.
وتقول إيران إنها قادرة على تهديد العديد من المواقع العسكرية الأمريكية. وقال القائد الإيراني العميد "أمير علي حجي زاده"، الشهر الماضي، وفقا لوكالة "فارس" شبه الرسمية للأنباء: "إنهم يعتقدون أنهم سيكونون آمنين إذا ابتعدوا عنا مسافة 400 كيلومتر. لكن أينما كانوا، بمجرد اندلاع الحرب، سنضع سفنهم أولا تحت النار".
ترسانة الصواريخ الإيرانية
ونفت إيران تورطها في هجمات 14 سبتمبر/أيلول الصاروخية على البنية التحتية النفطية السعودية، في حين أعلنت قوات الحوثي المتحالفة معها في اليمن مسؤوليتها. لكن إذا كانت واشنطن والرياض على حق في إلقاء اللوم على طهران، فقد أظهرت إيران، تحت ضغط العقوبات الأمريكية، أنها مستعدة وقادرة على الرد.
وأصبحت ترسانة الصواريخ الإيرانية الآن حجر الزاوية في استراتيجية طهران الدفاعية. ويشرف الحرس الثوري الإسلامي، المسؤول عن الدفاع عن إيران من الأعداء الأجانب، على تشغيل معظم الترسانة.
ويقول بعض خبراء الأسلحة إن الهجوم على البنية التحتية النفطية السعودية يتوافق مع عنل أحد أكثر الصواريخ الإيرانية تطورا، وهو صاروخ "سومار"، الذي كشفت عنه إيران عام 2015، وهو الأطول مدى في ترسانة إيران، بمدى مفترض يبلغ ألفا و200 ميل، أو ألفا و800 ميل، إذا كانت مزاعم إيران صحيحة.
ويعد صاروخ "سومار" ابنا للطريقة التي حولت بها إيران جيشها منذ عام 1988، عندما أغرقت البحرية الأمريكية سفينتين حربيتين إيرانيتين، ودمرت منصة نفطية إيرانية، انتقاما لسفينة أمريكية تم ضربها بلغم في الخليج العربي.
وقامت إيران منذ ذلك الحين ببناء قواتها المسلحة لتشمل أكثر من 500 ألف جندي، من بينهم 125 ألفا من قوات الحرس الثوري، الذي يضم قوات برية وجوية وبحرية. ويمكن لإيران أن تطلب ما يقرب من 350 ألفا من قوات الاحتياط، وتعبئة القوات شبه العسكرية التي يقدر عددها بنحو 1.5 مليون شخص، وفقا لمحللي الأمن الأمريكيين، مثل "أنتوني كوردسمان"، خبير الدفاع البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
قوة بشرية مدربة
وبالإضافة إلى ذلك، فقد وفر القتال الذي دام 8 أعوام في سوريا، نيابة عن الرئيس "بشار الأسد"، تدريبات في ميدان المعركة للقوات الإيرانية، وعزز التعاون الوثيق بين الجيش النظامي والحرس الثوري.
وقال "ستيف وارد" المحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية، ومؤلف كتاب عن تاريخ إيران العسكري: "لا تملك إيران القدرة اللوجيستية لنشر قواتها بكثافة خارج البلاد. لكن إذا كانوا ينتظرونك في إيران، فسيكونون مستعدين بشكل جيد للغاية".
وفي حين تتفوق الولايات المتحدة على إيران إلى حد كبير في قدرات الحرب التقليدية، فقد أصبحت إيران بارعة في حرب العصابات أو ما يشبهها. ويعد ذلك جزءا أساسيا من استراتيجيتها الدفاعية، حيث تلعب صواريخها دورا حيويا، هو ردع هجمات الأعداء عن طريق الحفاظ عليهم دائما تحت التهديد.
وتحاول إدارة "ترامب"، بعد انسحابها من الاتفاق النووي متعدد الجنسيات لعام 2015 مع إيران، الضغط على طهران للدخول في مفاوضات حول اتفاق نووي جديد، من شأنه كبح برنامجها الصاروخي، وما تعتبره الولايات المتحدة عدوانا إيرانيا على خصومها الإقليميين.
وتشتمل عمليات النشر الأمريكية في السعودية على أنظمة صواريخ باتريوت، المصممة لتغطية قاعدة أو منشأة معينة، ونظام الدفاع الجوي عالي الارتفاع، "ثاد"، الذي يوفر دفاعات جوية ضد الصواريخ الباليستية.
وقد فشلت أنظمة "باتريوت" في حماية المنشآت النفطية السعودية من هجوم سبتمبر/أيلول. ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها مصممة لاعتراض الصواريخ التي تطير على ارتفاع أعلى، وعلى مدى أطول من صواريخ كروز المستخدمة في تلك الضربة والتي تطير على ارتفاع منخفض نسبيا. وليس من الواضح ما إذا كان نظام "ثاد"، الذي لا تملكه السعودية في الوقت الحالي، سيوفر حماية أفضل ضد الهجمات المماثلة. فقد تم تصميم نظام "ثاد" لاعتراض الصواريخ التي قد تنتقل إلى الغلاف الجوي قبل أن تصل إلى أهدافها، وقد لا يكون في إمكانه استهداف صواريخ كروز منخفضة التحليق.
لعبة الصواريخ
وكان برنامج صواريخ طهران قد بدأ في عهد الشاه، قبل ثورة 1979، وبدأ بالانتشار والتوسع في عام 1985، عندما تلقت إيران أول صواريخ "سكود-بي" من ليبيا. ومع اشتداد حربها مع العراق، تلقت إيران المزيد من صواريخ "سكود-بي" من كوريا الشمالية، وصواريخ كروز المضادة للطائرات من الصين، والتي استخدمتها إيران لتطوير أسلحتها المنتجة محليا.
واستخدمت إيران معظم صواريخها خلال الحرب، عازمةً على الدفاع عن نفسها ضد المعتدين. ووقعت طهران عام 1990 اتفاقية لمدة 10 أعوام مع الصين لنقل تكنولوجيا الصواريخ.
واليوم، تعد الدعامة الأساسية في ترسانة إيران من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى هي سلسلة "شهاب-3"، التي من المحتمل أن تشبه في عملها صاروخ كوريا الشمالية "دونج-1"، بمدى 600 ميل. ومنذ عرضه للمرة الأولى عام 1998، حفز "شهاب-3" ظهور العديد من المنتجات المحلية المماثلة، مثل صواريخ "سجيل" و"عماد" و"غدر"، بمدى يصل إلى 1200 ميل، وفقا لخدمة أبحاث الكونغرس.
وتدعي وزارة الخزانة الأمريكية أن الشركات الصينية ساعدت إيران أيضا على تطوير الصواريخ الباليستية.
وتملك إيران في ترسانتها أيضا عدة مئات من الصواريخ الباليستية والصواريخ قصيرة المدى. وتقول الولايات المتحدة إن إيران نقلت بعضها إلى حزب الله في سوريا ولبنان، وإلى الميليشيات الشيعية في العراق، وإلى الحوثيين في اليمن.
وأظهر الحوثيون، على وجه الخصوص، وعيا بنقاط الضعف لدى أعداء إيران، وضربوا السعودية عدة مرات في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك استهداف محطة لتحلية المياه، وتهديد إمدادات مياه الشرب، ومحطات الطاقة.
وترفع ترسانة الصواريخ الموسعة من مخاطر المواجهة العسكرية مع إيران. وتشمل الأهداف المحتملة نقاط تحميل الناقلات والموانئ المدنية، والبنية التحتية للنفط والغاز، والأصول الأمريكية في المنطقة مثل أنظمة الرادار والطائرات بدون طيار والسفن القتالية.
وقال الخبير العسكري "إريك بروير": "سيكون هدف إيران هو إظهار أنها لن تتراجع. ولا أعتقد أن إيران قد قررت إلى أي مدى تريد الذهاب، وهم يحاولون تخمين هذا المدى مع الوقت".