أحمد شوقي- راصد الخليج-
ما يحدث بالخليج من انتشار عسكري امريكي وما يتزامن معه من تطورات سياسية، يمكن ان يطلق عليه باطمئنان انه "لعب على المكشوف"، ولا يترك الامر التباسا يمكن ان تتعدد فيه التحليلات او تنتظر به التسريبات.
فهناك خطط اوروبية امريكية مختلفة وقد تبدو متنافسة وعاكسة لخلافات، وهناك تصريحات علنية لترامب تكشف حقيقة ما يجري.
وبمجموع هذه الظواهر يمكن الخروج بتوصيف مختلف لحقيقة الوضع بالخليج كما يلي:
اولا: هناك خطط فرنسية المانية لمشروع اوربي، كان من المفترض ان تنضم اليه بريطانيا، ولكنها خالفت الرأي الاوربي وانضمت لترامب في مشروع قوته البحرية المراد لها ان تقوم بدوريات (حماية) كما يروج لها ترامب في الخليج.
ثانيا: هناك تصريح علني كاشف يضم الى تصريحات ترامب الفجة والمهينة لحكومات الخليج، فقد أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن نقل قوات أمريكية إضافية إلى المملكة السعودية بعد هجوم أرامكو تم على نفقة المملكة السعودية بالكامل.
وجاء تأكيد ترامب خلال مؤتمر صحفي عقده مع الأمين العام للناتو، ينس ستولتنبيرغ، على هامش اجتماعات قمة الحلف في لندن.
وقال ترامب في المؤتمر نصا: "إن ذلك سابقة هي الأولى من نوعها"، حيث اشار إلى أنه "من غير العدل أن تنفق الولايات المتحدة كميات كبيرة من الأموال لحماية كثير من الدول الأخرى بينها دول غنية جدا".
وأجرى ترامب محادثات مع 6 دول بهدف دفع التكاليف للقوات الأمريكية لحمايتها، لافتًا إلى أن المملكة السعودية تدفع مليارات الدولارات للقوات الأمريكية.
وأشار ترامب إلى أن حديثه عن دفع مليارات الدولارات السعودية إلى القوات الأمريكية، بأنه الأول من نوعه الذي يسمعه الصحفيون خاصة أنهم لم يسمعوا في حياتهم أننا ننقل قوات عسكرية إلى دولة أخرى ولا ندفع شيئا.
مضيفا ان هذه الأمور لم يحققها أوباما أو بوش أو كلينتون لكنها تم تحقيقها في عهد دونالد ترامب وهم الآن يدفعون، ولقد أحالوا لنا مليارات الدولارات وهي الآن في البنوك وهم حقا سعداء بذلك.
كما وجه ترامب رسالة إلى الكونغرس لرفع عدد القوات الأمريكية في السعودية إلى 3 ألاف عسكري خلال الأسابيع المقبلة بزعم ردع "إيران".
ثالثا: تطور الامور والتصعيد في الخليج لا يصب في صالح احتمالات الحرب، لان الخشية على سوق النفط لا تقود الى عمل مدمر لسوقه، وكما يقول إميلي ميرينج في مقال على مجلة فورين بوليسي " من المرجح أن تمنع المصالح النفطية الحرب أكثر من إثارتها".
اذن ما يحدث هو ابتزاز علني ولا نرى ردا خليجيا مقنعا او توصيفا استراتيجيا لهذه التدابير، ولا نرى ردة فعل لسوابق مثل التي يحدثها ترامب بكشف جميع الاوراق والتفاصيل والافصاح علنا على المقاربة الاستراتيجية الخليجية والتي تقول "الدفع مقابل الحماية"، وهي مقاربة مختلفة عن المقاربة التاريخية التي كانت قائمة على تبادل المنافع.
كما ان موضوع الحماية ذاته بحاجة الى مناقشة، فأي حماية وممن؟ هل حماية من الجار الايراني الذي يعرض بشكل دائم الحوار وترك امور المنطقة لاهلها؟ ولو فرضنا انه جار يمارس العدوان وانه هو الذي قام بالاعتداء على ارامكو، فهل استطاعت امريكا حماية ارامكو وهل من ضمان لحماية اي اهداف سعودية في حال اندلاع النزاع؟
ان التوصيف الاوجه لما يحدث بالخليج، هو ان هناك ابتزاز غربي به تنافس بين المعسكر الامريكي البريطاني والاوربي في الرؤى والامتيازات وهو ابتزاز بشأن صراع مفتعل يمكن حله فورا بحوار داخلي بين دول المنطقة.
هل يفضل الخليجيون الابتزاز والصمت على الاهانات اكثر من الحوار بين الجيران؟ اي منطق استراتيجي او اخلاقي هذا؟