ظافر محمد العجمي- العرب القطرية-
رحيل ترامب يعني وصول «أوباما جديد» يميل لترك الخليج أو التوافق مع طهران.
بحسب المثل «وجه تعرفه ولا وجه تنكره» يبدو أنه أفضل لنا أن نرى خبلاً نعرفه من أن نرى خبلاً ننكره.
علاقة أميركا بدول الخليج مصلحة استراتيجية أميركية فالخليج أحدة الدعامتين وأمن الخليج جزء من الأمن القومي الأميركي.
لم يتوقف الديمقراطيون في حملات بايدن عن مهاجمة التحالف العربي باليمن والمطالبة بمعاقبة دوله وقطع السلاح عن بعضها.
* * *
تصدرت معزوفة «ابتزاز ترمب للخليجيين مقابل حمايتهم» مبيعات الألحان المنفردة طوال الأعوام الثلاثة الماضية، وقد تجاهل من تطربه تلك النغمة أن ترمب الذي لا يملك تفويضاً بشنّ الحرب، قد هزّ أيضاً قلوب رجال طهران بنغمات من تغريداته وقراراته الاقتصادية، لكن ذلك لم يساعد الخليجيين في التخلص من الضغط النفسي الإيراني، كما لم يشفِ غليل الخليجيين قانون قيصر ضد الأسد، بعد سحب القوات الأميركية، ولم تسعد الخليجيين صفقة القرن ولا قول ترمب عن الصهاينة إنهم قتلة، لكنه سيحفظ أمن تل أبيب.
وبعد أن صوّت مجلس النواب باتهام ترمب باستغلال السلطة، وانتظار موقف الكونجرس، يحق لنا بعد سيل التناقضات أن نتساءل إن كان بقاء ترمب مصلحة خليجية:
- تشير متابعات عزل ترمب من قبل من يناهض الخليج إقليمياً ودولياً إلى حماس تحليلاتهم الرغائبية بعزله، ليس كرهاً فيه، بل نكاية بدول الخليج التي بنت علاقات استراتيجية قوية عابرة للتغريدات وللبلطجة اللفظية والتصريحات الترمبية، ومن ذلك القول إن أفول ترمب يعني أن تنهار قلاع الاستبداد والطغيان العربي.
- إن رحيل ترمب يعني كسر ظهر الحزب الجمهوري، ووصول الديمقراطيين للسلطة، مما يعني وصول «أوباما جديد» يميل إلى ترك الخليج أو التوافق مع طهران، كما أن الديمقراطيين لم يتوقفوا في حملات كبيرهم جو بايدن، عن مهاجمة التحالف العربي في حرب اليمن، وضرورة معاقبة الدول المشاركة فيه وقطع السلاح عن بعضها.
- من جانب آخر، يجب أن نؤكد أن علاقة أميركا مع دول الخليج مصلحة استراتيجية أميركية، فالخليج عند نيكسون هو عقيدة الدعامتين، وأمن الخليج جزء من الأمن القومي الأميركي، كما في عقيدة كارتر التي ما زلنا تحت مظلتها، فالعلاقة ليست بين شخصيات المشهد الراهن، كما يرى من يعتمد مسارات ضيقة الأفق.
- لا يبدو أن دول الخليج تميل إلى فقدان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فالخنجر الذي طاله كان قادماً من تسرب تفاصيل فضيحة في أوكرانيا، وكما هو معروف، فللرئيس ترمب مشاريع تجارية عدة في دول الخليج، وكان بالإمكان جمع هفواته في صفقاته هنا، والكيد له رداً على تصريحاته المستفزة للخليجيين.
- يسكن أسلوب إدارة الرئيس ترمب للبيت الأبيض خارج النصوص الأميركية المعتادة، لذا بدأ حكمه شاذاً تسهل مهاجمته، في تجاوز لمبدأ السهل الممتنع، فالهجوم على ترمب سهل لكن هزيمته شبه مستحيلة، مع وقوف الجمهوريين حول بيرقه، والخوف هو أن يكون ما يجري عقوبة في الشكل ومكافأة في المضمون، فتجاوز ترمب للأزمة شبه مؤكد، مما يعني إطلاق العنان لغطرسته كمنتصر، وهنا مربط الفرس، فقد تكون دول الخليج أحد منافذ تنفيس غطرسته.
سيبقى ترمب وستواصل تغريداته فجورها وتقواها، وستكون دول الخليج في محتواها، وعلى قياس المثل «وجه تعرفه ولا وجه تنكره»، يبدو أنه أفضل لنا أن نرى خبلاً نعرفه من أن نرى خبلاً ننكره.