وكالات-
رغم أن "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس الإيراني، قتل بالعاصمة العراقية بغداد، لكن المخاوف من احتمال حدوث ارتدادات للعملية على أمن منطقة الخليج العربي بدت مطروحة على أكثر من مستوى.
سيناريوهات محتملة لتأثيرات قد تبعثر المشهد بالخليج، خصوصا في ظل العلاقات الاستراتيجية التي تربط دولا بالمنطقة مع واشنطن، سواء بحكم وجود قواعد عسكرية للأخيرة هناك، أو في علاقة بإنتاج النفط والغاز.
وعقب مقتل "سليماني"، دعت جميع دول الخليج إلى ضبط النفس وتجنب مظاهر التصعيد، كما ناشدت المجتمع الدولي القيام بدوره في صيانة أمن واستقرار المنطقة الحيوية.
وفجر الجمعة، قتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، "قاسم سليماني"، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبومهدي المهندس"، و8 أشخاص كانوا برفقتهما، إثر قصف جوي أمريكي استهدف سيارتين على طريق مطار بغداد.
والأحد، هدد الرئيس الأمريكي، "دونالد ترامب"، بقصف 52 "هدفا هاما" لإيران حال استهدفت طهران أي مواقع تابعة للولايات المتحدة، وذلك ردا على تصريحات مسؤولين إيرانيين بـ"الانتقام" على خلفية مقتل "سليماني".
المشهد في غاية الضبابية
"محجوب الزويري"، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، رأى أنه من المبكر الحديث عن التأثيرات التي يمكن أن يتركها مقتل "قاسم سليماني" على أمن الخليج.
وفي حديث للأناضول، قال المتخصص في شؤون الخليج: "أعتقد أن المرحلة غاية في الضبابية، وحالة الخوف والفزع التي تثيرها إيران مهمة بالنسبة لها وتحاول أن تقول من خلالها إنها تدير المشهد، وأن ما حدث له تبعات على دول كثيرة في العالم".
وأضاف: "المشهد في غاية الضبابية، وسيبقى هكذا لحين حصول حدث معين يكسرها إما في شكل ردّ من طهران أو رد آخر من واشنطن أو فتح باب التفاوض بين البلدين".
ومفسّرا الوضع الحالي، قال "الزويري": "ما هو واضح حتى الآن هو أن مستوى التصعيد في حالة متزايدة، وإيران تتبنى خطابا بلهجة حادة، وتتحدث عن رد حازم ومؤذ ومؤلم للولايات المتحدة الأمريكية".
وأشار إلى أن طهران "تقول أيضاً وبشكل واضح إنها لن تتردد عن هذا الرد مهما كانت حجم الوساطات القادمة من أي طرف".
إيران تبحث عن مكاسب سياسية
ووفق الخبير نفسه، فإن "طهران ستسعى -في الآن نفسه- للاستفادة سياسيا وبشكل كبير من هذا الحدث، وإظهار نفسها بموقع الضحية بحثا عن إثارة تعاطف العالم كله والدول الكثيرة التي تنتقد إيران يشكل مستمر".
وحول الموقف الأمريكي، قال إن "واشنطن لا تملك في هذه اللحظة سوى الانتظار، فهي لا تستطيع فعل أي شيء بما في ذلك بعث رسائل إيجابية لطهران لثنيها عن ردة فعل أو رد كبير".
سيناريوهات الرد الإيراني
وحول سيناريوهات الرد الإيراني، يرى الباحث في منتدى السياسات العربية، "جلال سلمي"، أنها "تكمن في سيناريو الرد القاسي، وهذا مستبعد نظراً لرغبة طهران في عدم الدخول في فوضى تعكر صفو تثبيت نفوذها الاستراتيجي في سوريا ومحيطها".
وأضاف "سلمي"، للأناضول، أن "قوة واشنطن هي التي تمنع طهران من تطبيق هذا السيناريو".
وتابع: "هناك سيناريو آخر وهو الرد المنسق والمُتزن، وهو الأكثر ترجيحا وقد يشمل ردا إيرانيا معتادا يستهدف سفن نقل الطاقة أو موانئ دول حليفة لواشنطن، أو سفارات واشنطن في مناطق نفوذ إيران وغيرها".
وفي السيناريو الثاني، اعبتر "سلمي"، أنه "يمكن القول بأن الأحداث قد تتمحور حول دول الخليج بما يتضمن استهداف أمن طاقتها، وأمنها الداخلي، وموانئها في هرمز، والخليج العربي، ومنشآت النفطة القريبة من الجغرافية اليمنية وباب المندب".
أما السيناريو الثالث المحتمل، يقول، فيشمل "رد اللارد، وهو غير متوقع نظراً لوضع شخصية سليماني في إيران، ورغبة طهران في حفظ ماء وجهها بعد المساس بهيبتها الدبلوماسية".
قطر ودبلوماسية التهدئة
ويؤكد أستاذ دراسات الخليج وإيران في جامعة قطر، "الزويري"، أن "زيارة وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى إيران ليست بعيدة عن المشهد وأنها ذات أهمية بالغة".
وأجرى وزير خارجية قطر، السبت، أي بعد يوم من مقتل "سليماني" زيارة إلى طهران التقى خلالها الرئيس الإيراني، "حسن روحاني"، ووزير الخارجية، "جواد ظريف"، ورئيس مجلس الشورى، "علي لاريجاني".
وبحسب الخبير، فإن من أكبر المعضلات أن "عددا قليلا من الدول لديه مصداقية في التوسط؛ أوربا في حالة صمت، والصين وروسيا تنتقدان ما قامت به واشنطن، ولم نرى سوى التحرك القطري حالياً".
وأجرى "آل ثاني" اتصالين هاتفيين خلال الأيام الثلاثة السابقة مع نظيره الأمريكي "مايك بومبيو" حول تطورات الوضع في العراق.
كما أجرى اتصالين هاتفيين آخرين مع وزيري خارجية تركيا وفرنسا، تناول خلالهما سبل التهدئة بعد تصاعد الأحداث.