الخليج أونلاين-
ودع الخليجيون، عام 2020، نهاية حقبة 10 سنوات من تولي عبد اللطيف الزياني لمجلس التعاون الخليجي، شهدوا خلالها أسوأ الأزمات التي كادت أن تعصف بالمجلس وتسبب حرباً بين أعضائها.
ويبدو أن على نايف الحجرف، أمين عام المجلس الجديد، القيام بأعمال كثيرة فشل فيها أمين عام المجلس المنتهية ولايته، وفي مقدمتها تقريب وجهات النظر، وحل المشكلة الخليجية المتمثلة في حصار قطر 2017.
ويأمل الخليجيون أن يكون تغيير أمين عام المجلس الخليجي بداية لإنهاء الخلاف بين الدول الأعضاء، وتغيير سلوك الأمانة العامة للمجلس بحيث تسهم في التفاعل مع القضايا داخل الدول الخليجية الست وخارجها.
الهروب قبل انتهاء فترته
ولم ينتظر الزياني كثيراً لتسليم منصبه لخلفه في الوقت المحدد في شهر أبريل من العام الجاري 2020، بعدما تحدثت مصادر كويتية عن اعتزامه التخلي عن منصبه قبل الفترة المحددة بشهرين.
ونقلت صحيفة "السياسة" الكويتية، في 20 يناير، عن مصادر دبلوماسية قولها: إن الزياني "يرغب في إنهاء عمله في شهر فبراير المقبل وليس نهاية أبريل؛ تمهيداً لتسلم منصبه وزيراً لخارجية مملكة البحرين".
وزار الزياني الكويت في 19 يناير 2020، في جولة خليجية وداعية استهلّها بسلطنة عمان وختمها بالإمارات لتوديع القيادات وكبار المسؤولين.
وعين حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، الزياني وزيراً للخارجية، خلفاً للوزير البحريني خالد بن أحمد آل خليفة، الذي يتولى المنصب منذ عام 2005، واختير ليكون مستشاراً دبلوماسياً للملك.
وكان قادة مجلس التعاون الخليجي اتفقوا، في ختام القمة الخليجية الأربعين، التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض، في 11 ديسمبر الماضي، على تسمية الأكاديمي الكويتي نايف الحجرف أميناً عاماً جديداً لمجلس التعاون الخليجي خلفاً للبحريني الزياني.
وكان من المزمع أن يتسلم الحجرف مهامه في أبريل عام 2020، حيث تنتهي فترة الأمين العام الحالي عبد اللطيف الزياني، لكن مع هذه الأنباء سيتسلم الحجرف مهامه قبل انتهاء الموعد بنحو شهرين.
فشله في حل الأزمة
في نوفمبر 2017، أي بعد قرابة 5 أشهر من الصمت على عاصفة حصار قطر التي قامت بها السعودية والإمارات والبحرين إلى جانب مصر، في يونيو من نفس العام، أعلن الزياني عجزه وبراءته من مسؤوليته تجاه حل الأزمة الخليجية، مؤكداً أن حلها بيد قادة دول المجلس.
الزياني لم يلتزم بالحيادية حينها كأمين عام لمنظمة يفترض أنه على مسافة واحدة من جميع أعضائها؛ بل هاجم وسائل الإعلام القطرية دون غيرها، حيث عبَّر عن "استغرابه الشديد من محاولة بعض وسائل الإعلام القطرية تحميل الأمين العام مسؤولية حل الأزمة الخليجية".
وقال إن إلقاء المسؤولية عليه يأتي "رغم أن المسؤولين في الحكومة القطرية والإعلام القطري يدركون تماماً أن حل الأزمة وإنهاء تداعياتها بيد أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، أعضاء المجلس الأعلى، وليس أحداً آخر، وهو ليس من مسؤوليات وواجبات الأمين العام، الذي يتلقى وينفذ قرارات وتوجيهات وأوامر المجلس الأعلى والمجلس الوزاري فقط، ملتزماً بما ينص عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون".
وأبدى الزياني انحيازاً فجاً لصالح دول حصار قطر، وتحديداً السعودية؛ ففي تصريح له في ديسمبر 2018، أشاد بما وصفه "حرص القيادة السعودية على تعزيز أواصر العلاقات الأخوية بين أبناء دول المجلس"، متناسياً أن الرياض كانت عاملاً مهماً في ضرب أسس الوحدة الخليجية والتفريط بالمنجزات التاريخية للمجلس.
جهد محدود للزياني.. والحجرف مرحَّب به
ويقول الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي الدكتور عائد المناع، إن بلاده ستحاول بكل جهدها من خلال تولي الدكتور نايف الحجرف للأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، "بذل كل الجهد لإعادة اللحمة الخليجية إلى سابق عهدها، لتطبيق فلسفة سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي بذل جهوداً مضنية للوصول إلى حل للأزمة".
وأشار إلى أن الزياني بذل جهوداً محدودة في حل الأزمة الخليجية، مرجعاً -في حديثه لـ"الخليج أونلاين"- ذلك إلى "ارتباطه بدولة مقاطعة لقطر (البحرين)"، مضيفاً: "وقد يكون جهده محدوداً ولا يكون له القبول من الطرف الآخر".
ويؤكد أن وصول الأمين العام الجديد، الدكتور الحجرف، إلى الأمانة العامة للمجلس سيحظى بقبول من كافة الأطراف، مضيفاً: "لا أعتقد أن الجميع، ومن ضمنهم الطرف القطري، سيكون بعيداً عن حل الأزمة، بل سيكون حريصاً على أن يساعد في حل الإشكال، نظراً للتقدير الذي تكنّه قطر لسمو الأمير صباح، وللجهود الكويتية بهذا الجانب".
وأشار إلى أن الكويت تعمل على "عودة المظلة الخليجية دون أي خروقات أو إزعاجات من داخلها"، مؤكداً أهمية "عودة مجلس قوي ومتلاحم يستطيع أن يتغلب على أي مشكلة أو تباينات داخله من خلال الحوار الخليجي الخليجي".
ويرى في حديثه أيضاً أن تولي الدكتور نايف الحجرف الأمانة بوقت أسرع مما كان مفترضاً "ربما يكون نتيجة أن الزياني أصبح وزيراً للخارجية في البحرين، ويتطلب منصبه أن يكون موجوداً في بلاده وأن يتحرك على هذا الإطار".
أزمتان في مسيرة الزياني
خلال تولي الزياني لمنصبه؛ منذ عام 2011 وحتى 2020، لم تكن أزمة حصار قطر (يونيو2017) المفروض عليها من قبل الدول الأربع والمستمرة حتى اليوم، هي الأزمة الأولى؛ فقد سبقتها أزمة مماثلة في عام 2014.
ووقع خلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي كان الأول في تاريخه، واستمر أكثر من 8 أشهر، بدأ في 5 مارس 2014، بإعلان السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر، وانتهى في 16 نوفمبر من نفس العام بإعلان الدول الثلاث عودة سفرائها مجدداً، وتوّجت تلك المصالحة بعقد قمة خليجية في الدوحة، في 9 ديسمبر أيضاً من 2014.
وبدأت بوادر الخلافات الخليجية خلال هذا العام إثر خطبة للشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، انتقد فيها الإمارات، في 24 يناير 2014، متهماً إياها بإيواء المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق، الذي وصفه بأنه "من رجال (الرئيس الأسبق) حسني مبارك".
وسرعان ما بدأت جهود دبلوماسية كويتية توّجت بعقد قمة خليجية في الرياض، في نوفمبر 2014، أعلن خلالها كل من السعودية والإمارات والبحرين "عودة سفرائها إلى دولة قطر"، بعد نحو 8 شهور من سحبهم، وذلك بموجب اتفاق جديد تحت عنوان "اتفاق الرياض التكميلي".
ولوحظ غياب تام خلال تلك الأزمة للزياني، الذي لم يؤدِّ دوراً كبيراً في حلها، واكتفت دولة الكويت، ممثلة بأميرها ووزارة خارجيتها، بأداء دور الطرف الذي أنهى خلافاً هو الأول في تاريخ المجلس، وسط فشل للأمين العام للمجلس الذي هو دوره بالأساس.
وغير بعيد عن المجلس، ولكن على الحدود الجنوبية الغربية، فشل الزياني أيضاً في إنجاح ما أطلق عليها اسم "المبادرة الخليجية" لنقل السلطة في اليمن، في أعقاب الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في 2011.
ورغم تولي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للحكم، في 2012، فإن المبادرة الخليجية ساهمت في إحياء الحوثيين الذين انقلبوا على الحكم في اليمن عام 2014، ولم يستطع الزياني ومجلس التعاون إنهاء الانقلاب، لتتدخل معظم دول المجلس في حرب تقودها السعودية والإمارات ضد الحوثيين ما زالت مستمرة حتى اليوم، منذ مارس 2015.