القدس العربي-
بعد (وقبل) إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ملامح خطّته المسماة «صفقة القرن» تنطح كتاب وناشطون عرب إلى طرح آراء تروّج لقبول الفلسطينيين للصفقة المذكورة، على شكل «نصائح» تعيد تذكيرهم بتواريخ نكباتهم و«الفرص» التي خسروها.
أولا بعدم قبول قرار التقسيم عام 1948، ثم القرارات 338 و242، وصولا إلى الخطة الأمريكية الحالية، وهو عبّر عنه الكاتب السعودي صالح الفهيد، المقرب من الديوان الملكي، بالقول إن من الأفضل للفلسطينيين القبول بالخطة الراهنة لأن أطماع الإسرائيليين «تفوق الواقع البيئيس بكثير»!
كما أن قبولهم يعني أن «ملايين الفلسطينيين خارج فلسطين سيتم توطينهم وتجنيسهم في البلدان التي يقيمون فيها»، ولأنهم كلما رفضوا حلا يحصلون على عرض أقل «فيتمنون العرض السابق ولا يجدونه».
ولمن لا يحبون الاستماع إلى «النصائح» فقد وجّه كتاب آخرون، كمحمد آل الشيخ، هجمات عنيفة اتهم فيها الفلسطينيين بأنهم «وبال على كل من يستضيفهم» كونهم حولوا «منابرهم لشتمنا ونكران مواقفنا».
واعتبر أن الطرف الوحيد الذي يعرف كيف يتعامل معهم هو «جيش الدفاع الإسرائيلي»، معتبرا هتافهم للأقصى عند مشعر منى «رفثا وفسقا»، واصفا إياهم بـ«كلاب حماس» ومطالبا بمنعهم من الحج، وهو ما استدعى سيلا من التعليقات الساخرة والمستهزئة بالكاتب مذكرة إياه بأن مكة للمسلمين وبأنه لا يستطيع إعطاء ومنع من يشاء.
أما الأكاديمي الإماراتي والمستشار السابق لحاكم أبو ظبي، عبد الخالق عبد الله، فكان قد رأى أن وضع الضفة الغربية إذا قبل الفلسطينيون بالاتفاق سيكون وضعها مثل وضع هونغ كونغ في علاقتها مع الصين وأنه «إذا لم تقبل السلطة الصفقة، فسيصدر العدو الإسرائيلي تشريعا بضمها كليا ونهائيا»، فـ«عنتريات عريقات لن تفيد القضية. هذا ما تبقى من فلسطين».
وإذا كان هؤلاء ونظراؤهم اكتفوا بالنصح والتهديد والهجوم على الفلسطينيين فإن الإمارات حاولت عمليّا تمويل عمليات لتسهيل خطة إسرائيل في الاستيلاء على أراض في منطقة سلوان ووادي حلوة في القدس الشرقية عام 2014.
وكذلك مناطق في القدس القديمة ولا سيما المناطق القريبة من المسجد الأقصى عام 2018 تحت مزاعم بأنهم يريدون إعادة بناء المدينة المقدسة وترميمها ودعم المقدسيين ضد المستوطنين ليفاجأ الفلسطينيون بعدها ببيع تلك المنازل لمستوطنين يهود.
لا يحتاج الردّ على أطروحات «النصائح» الكثير فالأمر لا يحتاج إلى كثير ذكاء لمعرفة أن «موافقة» الفلسطينيين على الخطة لا يعني أن مخططات الإسرائيليين لمنع حصول دولة فلسطينية ستتوقف، فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واضحا في هذا الخصوص.
والأمر ينطبق كذلك على مخططات الاحتلال للإطباق على كامل القدس والغور ومناطق أكثر فأكثر من الضفة، وبالتالي فإن «القبول» بالصفقة ليس إلا اعترافا من الفلسطينيين بالاستسلام والتنازل عن حقوقهم، والنتيجة أن مقاومتهم ورفضهم هي أملهم الوحيد بصد عملية الاستباحة التي يتعرضون عليها.