وبدرجات متفاوتة، رأت هذه المشيخات العربية أن النظام الإيراني الثوري الناشئ خطر يهدد استقرارها وأمنها.
وفي ذلك الوقت، كان هناك الكثير من المنطق وراء فكرة سعي هذه الملكيات للتجمع في إطار مجلس التعاون الخليجي.
ويقول "مروان قبلان"، مدير تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسة: "يبدو أن مجلس التعاون الخليجي فقد أسس وجوده. ومع عدم وجود قيم مشتركة أو مصالح مشتركة، ودون الاتفاق على تصورات التهديد المتصور، يبدو أنه لم يبق سوى القليل من الزخم لتبقى الكتلة قائمة".
علاوة على ذلك، كانت هذه هي المرة الثانية منذ 3 أعوام التي يتعذر فيها على مجلس التعاون الخليجي منع 3 من دولها الأعضاء من الاتفاق على الإضرار برابع، بعد أن سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من الدوحة لمدة 9 أشهر في عام 2014.
وبالرغم من نفي المسؤولين في الدوحة، ظهرت تقارير وشائعات بأن قطر تفكر في الخروج من المجلس، ويُزعم أن الدبلوماسيين الكويتيين يحثون قطر على عدم مغادرة المجلس.
ومن الناحية الأمنية، فإن أهم شركاء وحلفاء قطر ليسوا في دول مجلس التعاون الخليجي؛ الولايات المتحدة وتركيا.
وبالتالي، لن يكون من المفاجئ أن تغادر قطر دول مجلس التعاون الخليجي في المستقبل غير البعيد.
وجاءت أزمة مجلس التعاون الخليجي لعام 2017 من العدم من منظور الدوحة، وفي الواقع، كانت القيادة السعودية ودية للغاية مع قطر في الفترة بين الخلاف عام 2014 والحصار المستمر الذي بدأ في منتصف عام 2017.
ومن الصعب تخيل أن تثق قطر بالرياض مرة أخرى كحليف أو شريك في المنطقة، وبالنظر إلى أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، الذي يتوقع الجميع أن يصبح الملك التالي، في منتصف الثلاثينات من عمره فقط، يمكن أن تتوقع الدوحة منه أن يصبح حاكما على العرش لعدة عقود قادمة.
وفي وضع افتراضي تخرج فيه قطر من مجلس التعاون الخليجي، أين تجد الكويت وعُمان نفسيهما؟ وهل من المرجح أن تنضم هاتان الدولتان الخليجيتان إلى قطر في مغادرة المؤسسة، أم ستبقيان في مجلس من 5 دول أعضاء فقط؟
وتتساءل كل من الكويت وعمان إذا ما كان من الممكن أن تتعرض لـ"معاملة قطر" من المحور السعودي الإماراتي.
وفي حين بذلت أسرة "الصباح" جهودا حثيثة للحفاظ على الحياد الكويتي في الأزمة الخليجية، فقد أعرب بعض الكويتيين عن مواقف مؤيدة لقطر تثير غضب السلطات في الرياض وأبوظبي، الذين رغبوا في رؤية الحكومة الكويتية تسكت هؤلاء المواطنين.
وإذا كان هناك مستقبل لم تعد فيه قطر في المجلس الخليجي، فيجب أن تكون هناك مخاوف في الكويت بشأن المزيد من الضغط السعودي الإماراتي على الكويت لاحتضان المزيد من المبادئ الأساسية لجدول أعمال الرياض وأبوظبي الحالي عبر الشرق الأوسط.
وبالرغم من بعض المعلقين الذين يشيرون إلى خلاف ذلك، فإن عُمان تفضل دائما مجلس تعاون خليجي قويا.
ولطالما كان هناك قلق بين العمانيين من أن السعودية تسعى لتأكيد نفسها كقوة مهيمنة في شبه الجزيرة العربية، قوة لا تحترم غالبا سيادة الدول الخليجية الأصغر.
وعلى غرار الكويت، لدى عُمان مخاوف بشأن كونها هدفا لحملة منسقة تشنها السعودية والإمارات في أي وقت، وبحسب ما ورد، بدأت السعودية منذ أعوام محاولة لإقناع إدارة "ترامب" بأن عُمان أصبحت قريبة جدا من طهران، وأنه يجب ممارسة الضغط الأمريكي على مسقط من أجل إبعاد عمان عن جارتها الفارسية مع تقريبها من الحظيرة السعودية الإماراتية.
وفي النهاية، لا توجد حلول سهلة لأزمة مجلس التعاون الخليجي، وإذا غادرت أي من دول مجلس التعاون الخليجي المنظمة، فسيظل هناك توتر بين مختلف أنظمة الخليج العربي وكذلك بين سكان الخليج الذين أصبحوا قوميين بشكل متزايد في الأعوام الأخيرة.
ولن يتغير تصور الدوحة للتهديد الذي يمثله المحور السعودي الإماراتي، وكذلك لن تتغير نظرة الرياض وأبوظبي إلى قطر على أنها خطر، بغض النظر عن كيفية تطور مجلس التعاون الخليجي كمنظمة في المستقبل القريب أو حتى تفككه.
خالد الجابر وكريستيان أولريخسن | ريسبونسيبل ستيت كرافت -