أحمد شوقي- راصد الخليج-
لم يطرح المشروع النووي الخليجي الا حديثا وربما مع تصاعد الحديث عن المشروع النووي الايراني والقلق من تخصيب ايران لليورانيوم بمعدلات شكلت خطا احمر للعدو الاسرائيلي.
وربما لم يطرح المشروع الخليجي في السابق لاسباب متعددة، اهمها اكتفاء الخليج بالطاقة وعدم الحاجة للطاقة النووية في استخدامها السلمي، وكذلك تحالف الخليج مع امريكا وعدم وجود دواعي للقلق وخاصة انها على علاقات وثيقة لقوى نووية حايفة مقل باكستان وايران في عصر الشاه.
بينما تغيرت الامور بعد الثورة الاسلامية، وتحول الدعم الامريكي لايران الى عداء وحصار، وهو ما استتبع بدوره عداء خليجيا لايران لا نرى مبررا له سوى التبعية لامريكا.
ومع تطور المشروع الايراني برز الحديث عن مشروع خليجي مقابل وتصدرت واجهة هذا المشروع السعودية والامارات.
ففي عام 2011 أعلن الأمير تركي الفيصل الذي شغل منصب رئيس الاستخبارات السعودية وسفيرا للولايات المتحدة أن المملكة قد تنتج أسلحة نووية إذا وجدت نفسها محاطة بين نووي إيران ونووي (إسرائيل)ـ، وفي عام 2012 تم التأكيد على أن المملكة العربية السعودية ستطلق برنامجها للأسلحة النووية الخاصة فورا إذا طورت إيران بنجاح الأسلحة النووية، وذكرت التقارير حينها، إن المملكة العربية السعودية ستبدأ العمل على منصة جديدة للصواريخ الباليستية، وشراء رؤوس نووية من الخارج وتهدف إلى شراء اليورانيوم لتخصيبها داخل أراضيها.
وأكّد سفير باكستان لدى المملكة العربية السعودية محمد نعيم خان أن باكستان تعتبر أمن المملكة العربية السعودية مسألة شخصية وقال نعيم أيضا أن القيادة السعودية تعتبر باكستان والمملكة العربية السعودية دولة واحدة. أي تهديدات للمملكة العربية السعودية فهي أيضاً تعتبر تهديدات لباكستان. وقالت مصادر استخبارات غربية للجارديان ان السعودية قد دفعت أموال لمشاريع قنابل ذرية تصل نسبة الانتهاء منها 60٪ وفي المقابل لدى السعودية خيار شراء خمس إلى ستة رؤوس نووية جاهزة من باكستان.
وفي 30 مارس 2015 أعلن السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير في حوار على CNN الأمريكية أن السعودية ستبني برنامجها النووي الخاص وستصنع قنبلة نووية لمواجهة برنامج إيران النووي، مؤكداً أنه لا يُمكننا أن نتفاوض على عقيدة المملكة وأمنها.
وفي سبتمبر 2018 أعلن وزير الطاقة الأمريكي ريك بيري إن الولايات المتحدة تقترب من العمل مع السعودية لبناء مفاعلات للطاقة النووية لكن المحادثات مع المملكة بشأن وضع معايير صارمة لمنع الانتشار لا تزال تمثل تحديا.
وعلى الجانب الاماراتي، فقد تم تدشين مفاعل براكة، وتقع محطة براكة للطاقة النووية في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي، وتطل على الخليج العربي وتبعد نحو 53 كيلومترًا إلى الجنوب الغربي من مدينة الرويس.
وقد بدأت الأعمال الإنشائية في المحطة في يوليو 2012 بعد الحصول على الرخصة الإنشائية من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية وشهادة عدم الممانعة من هيئة البيئة – أبوظبي.
ووفقا للمعلومات تالمنشورة، يطلق على النموذج الإماراتي عبارة "المعيار الذهبي" لتطوير برنامج نووي سلمي، إذ يخلو من مرحلة التخصيب، وكذلك إعادة معالجة الوقود المستهلك في المفاعلات النووية، وذلك للتأكيد على التزام دولة الإمارات بأعلى معايير الأمن والسلامة، ومعايير حظر الانتشار النووي.
وقد تأجل افتتاح المحطة اكثر من مرة وصدرت رخصة التشغيل في فيراير الماضي يعد خمسة اعوام تقديم الطلب و12 عام من المراجعات ولم تبدأ التشغيل حتى الان.
ما نريد قوله هنا، ان الملاحقات الامريكية للمشروعات النووية هي ملاحقات انتقائية وهي ملاحقات لمن يهدد امن العدو الاسرائيلي او المصالح الامريكية، لذلك نرى ملاحقات للبرنامج الايراني وبرنامج كوريا الشمالية، بينما تطورت مشروعات اخرى لمرحلة انتاج قنابل نووية دون ملاحقات جدية ليس لسبب الا انها مشروعات لدول حليفة.
في عام 1962 وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على تزويد باكستان بمفاعل أبحاث صغير من نوع الماء الخفيف قدرته 5 ميغاواط والذي بدأ تشغيله عام 1965 الذي شهد أيضًا الشروع في البحث النووي في مدينة راولبندي وفي العام 1968 رفضت باكستان التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) وطوّرت سيوباركو في العام 1970 قدراتها من أجل إنشاء مركبات صاروخية.
وأعلن رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو في العام 1974 عن عزم بلاده تطوير السلاح النووي بعد أول تفجير نووي هندي.
وقامت كندا في عام 1972 بتزويد باكستان بمفاعل من نوع الماء الثقيل مع منشأة لإنتاج الماء الثقيل، وقد قام العلماء الباكستانيون بعد ذلك بزيادة قدرة هذا المفاعل إلى 50 ميغاواط وحاولت باكستان الحصول على الأسلحة النووية عن طريقين، الأول: الحصول على البلوتونيوم من مفاعل الأبحاث بعد فصله، والثاني: إشباع اليورانيوم. والطريق الأول كان هو المرشح، حيث يتوفر لديهم المفاعل، وكان عليهم استخراج اليورانيوم وفصله بطريقة خاصة بمساعدة الفرنسيين الذين وقَّعوا اتفاقًا مع باكستان لإنشاء مصنع لتوضيب وقود البلوتونيوم عام 1974، إلا أن المشروع لم يسر بالطريقة المطلوبة وانسحب الفرنسيون بسبب الضغوط الأمريكية.
ضغطت امريكا لخطورة وجود سياق تسلح نووي يهدد امن جنوب اسيا، وفي نهاية النطاف تم انتاج ما اطلق عليه (القنبلة الاسلامية) بمساعدات سعودية ضخمة لان القنبلة داخل نفس المعسكر!
وفي عام 2001، وافق الكونجرس الأمريكي على رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على باكستان في خطوة اعتبرها البعض مكافأة الحليف الرئيسي لواشنطن في حربها ضد الإرهاب.
ومن المعلوم ان باكستان عضو في حلف السنتو والذي يشكل امتدادا لحلف بغداد وهي بالتالي حليفة لامريكا!
لن تسمح امريكا لحلفائها بتهديد امن العدو الاسرائيلي ولن تسمح بسباق تسلح نووي يهدد مصالحها في الخليج، وما تسمح به فقط هو وجود مشروعات سلمية بضمانات صارمة وعدم السماح باية احتمالات للتطوير حتى بعد تبدل الانظمة.
هذا هو حال المشروعات داخل الحضن الامريكي ولازالت اتفاقية كوبنسي هي المتحكمة في امن الخليج.