الخليج أونلاين-
يوماً بعد الآخر تتكشف حقائق جديدة حول الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي بعيداً عن اللون السياسي له، إذ برزت زاوية أخرى كان الجميع يحذر منها قبل التطبيع الكامل، وهي الملف الأمني بين الجانبين.
وبلا شك سيهيئ الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي موطئ قدم لجيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر، وهو ما سيثير غضب عدة أطراف وخاصة إيران التي تنظر إلى "إسرائيل" على أنها دولة عدو تهدد مصالحها.
وسريعاً بدأت ملامح الترتيبات الأمنية تظهر على الأرض، حيث وصل رئيس الموساد (جهاز الأمن الخارجي الإسرائيلي) يوسي كوهين إلى الإمارات؛ لبحث تفاصيل اتفاقية التطبيع بين البلدين، حسب إعلام عبري.
وسيكون التعاون الأمني والعسكري أبرز الأجندة التي سيناقشها كوهين والوفد المرافق مع القادة الإماراتيين، وفق مصادر أمنية إسرائيلية.
ويتصدر الأمن الاتفاق الذي أعلن عنه، الخميس (13 أغسطس)، وفق وثائق وتأكيدات إسرائيلية رسمية، إذ يمهد لتكثيف التعاون العسكري بين أبوظبي و"تل أبيب" خاصة في منطقة البحر الأحمر والخليج العربي الملتهبة بسبب إيران.
وثيقة صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية أظهرت وجود تعاون في مجالات أمنية محتملة مع الإمارات.
وجاء في الوثيقة التي نشرتها هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، الاثنين (17 أغسطس)، أن "إسرائيل" مهتمة بتوسيع التعاون الأمني مع الإمارات، إذ يتصدر الملف الأمني قائمة مجالات التعاون المحتملة بين البلدين.
وتنص الوثيقة على أن اتفاق التطبيع يجعل من الممكن تعزيز تحالف عسكري بين "إسرائيل" دول الخليج (الإمارات، والسعودية، والبحرين)، فضلاً عن تكثيف التعاون بشأن أمن البحر الأحمر.
ويذهب مراقبون إلى أن "إسرائيل" تتحرك بكثافة، لا سيما عبر دول في منطقة القرن الإفريقي، أبرزها إثيوبيا، لمنع تحول البحر الأحمر إلى "بحيرة عربية أو إسلامية".
وفي الوقت نفسه، تسعى شركات الأسلحة الإسرائيلية جاهدة لزيادة صادراتها الدفاعية إلى دول الخليج، مع تحول العلاقات إلى علنية ورسمية، وفق هيئة البث.
إلى جانب تلك الوثيقة أظهرت القناة العامة الإسرائيلية "كان 11" حرص دولة الاحتلال الإسرائيلي على تعزيز التعاون الأمني مع الإمارات بعد الاتفاقية، حيث سيتم الوصول إلى مذكرة تفاهم بين البلدين حول ذلك الملف.
وستشمل المباحثات الإسرائيلية الإماراتية في ملف الأمن، حسب "كان 11"، تبادل معلومات استخباراتية على نطاق واسع.
تعزيز أمني
الخبير العسكري يوسف الشرقاوي يؤكد أن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي سيعزز من وجود جيش الاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر والخليج العربي، وهو ما قد يشكل انزعاجاً كبيراً للإيرانيين.
وستعمل دولة الاحتلال الإسرائيلي، وفق حديث الشرقاوي لـ"الخليج أونلاين"، على التركيز بشكل كبير على التعاون الأمني والعسكري مع الإمارات عبر الاتفاق، بهدف تحقيق مصالحها، وهو ما يهدد الأمن الخليجي بشكل عام، بسبب إمكانية حدوث أي مناوشات مع إيران.
كما سيحدث الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، حسب الشرقاوي، تغييراً في الخريطة العسكرية في منطقة البحر الأحمر والخليج العربي، من جراء وجود جيش الاحتلال الإسرائيلي وخاصة قواته البحرية التي تمتلك قدرات عالية.
تحذيرات إيرانية
إيران سارعت، بعد الاتفاق، إلى التحذير من أن فتح الأبواب لـ"إسرائيل" سيؤدي إلى زعزعة الأمن في المنطقة، مع دعوتها الإمارات إلى أن تتحمل المسؤولية لأنها لن تسلم من تداعيات ذلك.
جاء التحذير الإيراني على لسان وزير الدفاع الإيراني اللواء أمير حاتمي، خلال مؤتمر صحفي له، (الأحد 16 أغسطس)، إذ وصف اتفاقية التطبيع بين الإمارات و"إسرائيل" بـ"الخيانة بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة".
كذلك حذر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، من توفير أي موطئ قدم لإسرائيل في المنطقة، بعد إعلان الإمارات تطبيع كامل علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وحول إمكانية حدوث مناوشات عسكرية بين إيران وجيش الاحتلال في منطقة الخليج، لا يستبعد الخبير العسكري وقوع بعض الخلافات التي قد تصل إلى إطلاق النار المتبادل، كما يحدث بين القوات البحرية الإيرانية والبحرية الأمريكية.
ويتوقف الاستقرار الأمني في منطقة الخليج، كما يؤكد الشرقاوي لـ"الخليج أونلاين"، على قدرة الجهات الأخرى على مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي سيعمل على الاستفادة من الاتفاق في التدخل بكل التفاصيل في المنطقة.
وإلى جانب الانزعاج الإيراني من الوجود الإسرائيلي بمنطقة الخليج، يضع الشرقاوي سيناريو آخر لوجود ربما اعتراض مصري على تعزيز وجود جيش الاحتلال بالمنطقة، بسبب عداء سابق بينهما.
شراء الأسلحة
وبعد الاتفاق، برز ملف بيع الأسلحة الأمريكية المتطورة إلى الإمارات، ومن ضمنها طائرة إف-35 التي تصنّعها شركة لوكهيد مارتن، وهو ما آثار خلافات داخل الأوساط الإسرائيلية.
مدير مشروع العلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ديفيد ماكوفسك، اعتبر الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي مكسباً لـ"أبوظبي"، لكونها ستكون مؤهلة للمبيعات العسكرية التي لم يكن بوسعها الحصول عليها بموجب قيود التفوق العسكري النوعي، بسبب الخوف من إمكانية استخدام تكنولوجيا معينة ضد "إسرائيل".
المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنيّاع، تساءل: "هل تتضمن الاتفاقية بنداً سرياً يغير سياسة مشتريات (الأسلحة) الأمريكية؟ هل هناك تفاهم ضمني حول هذه المسألة بين الشركاء الثلاثة (نتنياهو وبن زايد وترامب)؟ وبعبارة أخرى: هل هناك أي شيء يذكرنا بقصة بيع الغواصات الألمانية لمصر دون علم الأجهزة الأمنية؟... ليس لدي جواب".
ورد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية على استفسارات "هآرتس" في هذا الشأن، بالتشديد على أن "إسرائيل لم تغير خلال المحادثات (مع الإمارات) مواقفها الثابتة في معارضة بيع أسلحة تخل بالتوازن (العسكري) وتقنيات أمنية متطورة لأي دولة في الشرق الأوسط".