الخليج أونلاين-
تتصدر دول الخليج العربي المراكز الأولى في حجم السلاح المستورد من الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، في ظل التوترات والتحديات الأمنية المتفاقمة في المنطقة، إلا أن امتلاك هذه الأسلحة لم يجعلها الأقوى.
ويأتي ترتيب الدولة الأقوى بالشرق الأوسط لصالح "إسرائيل"، التي تحوز دعماً وافراً من السلاح الأمريكي على مدار 7 عقود ماضية تقريباً، جعلها متفوقة على جميع جيرانها ومحيطها بالمنطقة العربية من حيث نوع السلاح وقوته.
واللافت في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، والأمريكية الخليجية، أن كل تلك الدول حليفة ومقربة من الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن تضمن التفوق العسكري لجانب على حساب آخر، رغم التطبيع الشامل الحاصل مؤخراً بين عواصم خليجية و"تل أبيب".
دول خليجية تتصدر المستوردين
وشكلت التحديات الأمنية والحروب المشتعلة في المنطقة هاجساً أمام بعض الدول الخليجية، ما دفعها لإنفاق مبالغ هائلة على استيراد السلاح بشكل خاص من الولايات المتحدة، ودول أخرى أوروبية، بالإضافة لروسيا والصين.
وفي مارس عام 2020، أصدر معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام تقريراً له حول حجم صادرات السلاح في العالم، بين عامي 2015 - 2019، راسماً صورة قاتمة حول ارتفاعها خلال السنوات الخمس الأخيرة، التي ازدادت بنسبة 5.5%، مقارنة بالأعوام 2010 - 2014.
وبيّن التقرير أن السعودية أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم خلال خمس سنوات (2015 - 2019)، وتشير الإحصائيات إلى أن وارداتها من الأسلحة خلال تلك الفترة زاد بنسبة 130% مقارنة بذات الفترة (2010 - 2014).
كما تشير الإحصائيات إلى أن واردات الأسلحة السعودية في السنوات الخمس الأخيرة (2015 - 2019) تمثل 12% من إجمالي واردات الأسلحة العالمية خلال تلك الفترة.
وكشف التقرير أن مصر احتلت المرتبة الثالثة عالمياً في استيراد الأسلحة في نفس الفترة، حيث بلغت وارداتها من الأسلحة نحو 5.58% من السوق العالمية.
ووضع التقرير الجزائر والمغرب ضمن أكبر مستوردي الأسلحة في أفريقيا، إذ احتلت الجزائر المركز السادس عالمياً، في حين جاءت الإمارات في المرتبة الثامنة عالمياً.
وفي ظل سباق التسلح الكبير الذي يجري في الشرق الأوسط لعل المستفيد الأكبر منه هو الولايات المتحدة، أكبر مصدر للسلاح في العالم خلال السنوات الخمس الماضية، حيث زادت صادرات الأسلحة الأمريكية بنسبة 23%، وارتفعت نسبتها من صادرات الأسلحة العالمية إلى 36%.
وبيّن تقرير معهد استوكهولم أن نصف الأسلحة الأمريكية التي تُصدَّر إلى الشرق الأوسط تصل إلى السعودية، وهو ما يعني أن المملكة اشترت نحو 25% من إجمالي صادرات واشنطن من السلاح.
وتتربع كل من الإمارات والسعودية على قائمة تضم أكبر 10 دول في العالم من حيث الإنفاق على السلاح، وذلك منذ سنوات طويلة.
ومنذ قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة عام 2016، نشطت مبيعات السلاح الأمريكية لدول الخليج، وبخاصة السعودية، حيث عقد صفقات وصلت إلى نصف تريليون دولار تقريباً.
في الوقت نفسه ذكر معهد استوكهولم أن دولة الإمارات تنفق سنوياً على التسلح والقطاع العسكري أكثر من 22.5 مليار دولار.
وينطبق الأمر ذاته على دول خليجية أخرى، بالإضافة إلى دول عربية مثل مصر والعراق والأردن والجزائر.
"إسرائيل" الأكثر تفوقاً
ورغم كل الأموال الطائلة التي دفعتها وتدفعها دول الخليج على استيراد السلاح الأمريكي وغيره فإن دولة الاحتلال ما زالت متفوقة عسكرياً على جميعها بفضل الولايات المتحدة، والتي ساعدتها لتكون المصدر الأول لتصدير السلاح في منطقة الشرق الأوسط.
ويقترب الدعم الأمريكي الذي تلقّته "إسرائيل"، منذ احتلال فلسطين عام 1948 وحتى 2017، من الـ130 مليار دولار، بحسب التقديرات الرسمية، إلا أن تقديرات أخرى تقول إنه وصل إلى نحو 270 مليار دولار.
وبفضل جزء من الدعم الأمريكي أصبحت صناعة الأسلحة الإسرائيلية واحدة من أقوى الصناعات في العالم؛ فبين عامي 2001 و2008، كانت "تل أبيب" سابع أكبر مصدّر للأسلحة عالمياً، حيث باعت معدّات بقيمة 9.9 مليارات دولار، وفي 2015 باعت إسرائيل بما قيمته 5.7 مليارات دولار من البضائع العسكرية إلى دول أخرى.
كما أن جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يحصل على ميزانية سنوية تبلغ 15 مليار دولار يعدّ الأقوى بمنطقة الشرق الأوسط، ويليه الجيش التركي ثم السعودي، وفقاً لتصنيف مؤسسة "IHS" الاستشارية للفضاء والدفاع والأمن، ومقرّها في بريطانيا.
وأعاد تطبيع الإمارات والبحرين مع "إسرائيل" (مع اقتراب دول خليجية وعربية من ذلك) موضوع التفوق الأمني لـ"إسرائيل" بالمنطقة في ظل امتلاكها لأقوى الأسلحة الأمريكية، والتي لا تصدرها إلا لأبرز الحلفاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وبعد إعلان التطبيع مع الإمارات برزت قصة محاولة الأخيرة امتلاك طائرات "إف-35" الأمريكية المتفوقة، في حين رفضت "تل أبيب" الحليف الجديد لأبوظبي امتلاكها لهذه الطائرات، بالإضافة لأسلحة أخرى تعد على درجة عالية من التقنية.
وبين الحين والآخر يعود للسطح محاولات "تل أبيب" ثني واشنطن عن قرار بيع الإمارات هذه الطائرات؛ بموجب التزامها بتفوق "إسرائيل" الأمني في المنطقة.
وهو ما أكده البنتاغون في آخر تصريحات وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، أثناء التقائه مع نظيره الإسرائيلي الذي طار إلى واشنطن لهذا الأمر، أن "إحدى الدعائم الأساسية لعلاقاتنا الدفاعية هي الحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة".
وأردف: إن "الولايات المتحدة ملتزمة بذلك، ووزارة الدفاع تحترم هذا الالتزام"، متعهداً "بمواصلة دعم السياسة الأمريكية القديمة القائمة على الحفاظ على أمن إسرائيل".
من جهته تعهد غانتس بالحفاظ على علاقات دفاعية وثيقة مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن هذا الأمر "امتياز، ولكنه أيضاً ضرورة".
ومنتصف سبتمبر 2020، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعهد سراً لدولة الإمارات بشأن صفقة بيع مقاتلات متطورة وطائرات مسيَّرة (درون) تنفذ ضربات مميتة.
وأوضحت الصحيفة أن الإمارات تعتقد أن "اتفاق التطبيع من المفترض أن يكون قد أزال أي عقبات أمام إتمام هذه الصفقة".
ورغم أن "إسرائيل" لا يمكنها إجبار واشنطن على عدم إتمام الصفقة مع الإمارات فإن ضغوطها قد تحقق مبتغاها بإيقاف مبيع "إف-35" للحليفة الخليجية الجديدة عبر اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.