دول » دول مجلس التعاون

اندلعت بمستهل حكمه.. هل يضع ترامب حداً للأزمة الخليجية قبل رحيله؟

في 2020/11/17

الخليج أونلاين-

في الفترة الراهنة عادت التساؤلات والسيناريوهات التي تطرق الباب مجدداً حول إمكانية نجاح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحل الأزمة الخليجية التي اندلعت بعد أقل من 6 أشهر على توليه مقاليد الحكم في البيت الأبيض، وذلك قبل مغادرته بعد فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية.

كما تثار تساؤلات حول إمكانية عقد قمة خليجية كاملة بحضور جميع زعماء الدول الست؛ لرأب صدع البيت الخليجي.

وكانت آخر قمة خليجية في الرياض بديسمبر عام 2019، قد حملت معها بودار لاقتراب حل الأزمة الخليجية بين قطر وجيرانها السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة لمصر، والتي اندلعت صيف عام 2017 بدعوى العواصم الأخيرة أن الدوحة تدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه قطر بشدة، مؤكدة أنه محاولة للسيطرة على قرارها السيادي.

في تلك القمة بدا أن الأزمة الخليجية باتجاه حل نهائي، خصوصاً مع حضور رئيس وزراء قطر السابق، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، ممثلاً عن أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وسط ترحيب كبير من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز.

إلا أن تلك القمة فشلت في إنهاء أكبر أزمة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي داخلياً منذ تأسيسه، ولم تستطع أن تعيد الوئام للبيت الخليجي الذي ما زالت الكويت تسعى عبر وساطتها لإنهائه منذ بدأ، لكنها لم تفلح بذلك بعد.

فوز بايدن وحل الأزمة

ولا شك أن نتائج الانتخابات الأمريكية على اتصال مباشر بالأزمة الخليجية؛ لارتباط واشنطن بقضايا المنطقة، ودورها المؤثر في إنهاء مثل هذه الخلافات بين حلفائها، وتأييدها المستمر لإيقاف هذه الأزمة.

ومع إعلان وسائل إعلام أمريكية الفوز المؤكد للمرشح الديمقراطي جو بايدن بعد حيازته غالبية أصوات المجمع الانتخابي مقابل الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترامب، تعود سيناريوهات اقتراب حل الأزمة الخليجية والدور البناء للرئيس المنتخب الجديد في تحريك المياه الراكدة.

فقد كان لترامب دور سلبي بداية الأزمة الخليجية؛ حيث بدت إدارته منحازة للطرف المعادي لقطر، وإن أظهر فيما بعد تأييده لحل الأزمة عبر دعم الوساطة الكويتية التي ما زالت تبذل جهوداً واسعة في إطار إنهاء الخلاف الخليجي وإعادة الوئام السياسي لسابق عهده، في حين يعتقد كثيرون أن ترامب لم يرد جدياً حل الأزمة الخليجية.

ويبدو أن هناك تحركات من المؤسسات الأمريكية لإنهاء ملف الأزمة قبل رحيل ترامب وقدوم بايدن، المقرر في يناير 2021، حيث قد تسعى الدول الأربع لحل الخلاف مع قطر في إطار التوافق مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

وفي إطار ذلك قال مستشار الأمن القومي الأمريكي روبيرت أوبراين، في تصريحات صحفية، في 16 نوفمبر 2020: "نريد حلاً للأزمة الخليجية خلال الـ70 يوماً المقبلة إذا كنا سنغادر الإدارة"، مضيفاً: "وحدة الخليج تصب في مصلحتنا، ووجود علاقات ودية بين دول مجلس التعاون الخليجي من مصلحتنا".

وأكّد أوبراين: "نرغب في أن يتمكن الطيران القطري من التحليق فوق أجواء السعودية والبحرين".

ويعد مجلس التعاون الخليجي أحد أكثر المجالس العربية تماسكاً منذ تأسيسه عام 1981، حيث تمكن على مدار ما يقارب العقدين من لم شمل الشعوب الخليجية وتحقيق توافقات بارزة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، بالإضافة للتعاون في مجالات التجارة والاتصالات والنقل وغير ذلك.

وفي كل عام يلتقي زعماء الدول الست أو من ينوب عنهم (السعودية والإمارات وعُمان والكويت وقطر والبحرين) المؤسسة للمجلس للتباحث في آخر التطورات على الساحة الخليجية وبحث سبل تطوير العلاقات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم القائمة فيما بينهم، بالإضافة لمجريات المشاريع المشتركة التي سبق أن أقروها، أو الجديدة التي سيعملون على اعتمادها.

حراك وتبادل أدوار

الدكتور ماجد الأنصاري، رئيس أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية، وأستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قطر، لم يستبعد وجود حراك في الخليج، خاصة مع زيارة (وزير الخارجية الأمريكي) بومبيو للمنطقة، إلا أنه يرى أن ذلك الحراك "لن يكون مؤثراً".

وأرجع في حديثه لـ"الخليج أونلاين" سبب عدم تأثير هذا التحرك على الأزمة الخليجية "لاكتفاء هذه الدول بالمماطلة مع ترامب حتى 20 يناير، والتعامل مع سياسة جديدة بإدارة جديدة".

ويعتقد أن الموقف الإماراتي "الأكثر تشدداً في حل الأزمة الخليجية"، إلا أنه يرى أيضاً أن "الأمر ينظر إليه على أنه توزيع أدوار بين أبوظبي والرياض، بحيث تكون الإمارات العائق أمام حل الأزمة بما يخفف الضغط على السعودية".

وفيما يتعلق بقدرة إدارة ترامب على حل الأزمة الخليجية استبعد الأنصاري ذلك قائلاً: "لم تستطع إدارة ترامب حل الأزمة في فترة قوتها قبل أكثر من 3 أعوام من اليوم، عندما كانت العلاقات بينها وبين الإمارات والسعودية أكثر حميمية".

وأضاف: "لا يمكن أن يتصور أن تكون هناك قدرة لدى هذه الإدارة -التي يعلم الجميع أنها راحلة بعد شهرين- في أن تحدث أي تغييرات حقيقية على الأرض".

وحول ما إن كانت إدارة بايدن ستضع هذه الأزمة ضمن أولوياتها الرئيسية يقول الأنصاري: "لا أعتقد أن الأمر سيشكل أولولة بالنسبة لإدارة بايدن، لكن هناك بعض الأشخاص الذين تدور أسماؤهم حالياً بأنهم ضمن اختيارات رئيسية ضمن حكومة بايدن القادمة تربطهم علاقات وثيقة بقطر، وقد يكون رفع هذا الموضوع في قائمة الأولويات وارداً في حال تولت هذه الشخصيات مناصب في الخارجية أو الأمن القومي".

قمة وعقبات ماثلة

ورغم أن القمة الخليجية القادمة لم يحدد موعدها حتى الآن، والتي يفترض أن تكون في بدايات ديسمبر كعادتها سنوياً، فإنه لا تأكيدات رسمية عن توقيتها الدقيق حتى الآن.

ومن المتوقع أن تعقد القمة في العاصمة البحرينية المنامة، وهو ما أكّده الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي (وزير الخارجية البحريني الآن) عبد اللطيف الزياني، حيث سبق أن صرح، في ديسمبر 2019، أن القمة الخليجية الـ41 ستستضيفها البحرين.

ولكن حتى الآن لا يمكن معرفة ما إن كان سيغير مقر انعقاد القمة لمكان آخر من أجل حضور جميع زعماء دول الخليج إليها، أو أنها ستكون قمة افتراضية في ظل استمرار تفشي وباء فيروس كورونا المستجد.

بدورها نقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد الناصر، قوله: إن "موعد القمة الخليجية المقبلة لم يحدد إلى الآن".

وبخصوص الأزمة الخليجية أوضح الناصر، الأحد (15 نوفمبر 2020)، أن "المساعي الكويتية لحل الأزمة الخليجية متواصلة"، مشيراً إلى أن "موعد القمة الخليجية المقبلة لم يتحدد بعد".

وأضاف أن المساعي الكويتية لحل الأزمة الخليجية "متواصلة بناء على توجيهات القيادة السياسية، واستكمالاً لمساعي الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد".

ويدعم التوجه الكويتي في حل الأزمة الخليجية أمير البلاد الجديد الشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي ما لبث بعد الوصول للحكم أن أكد، نهاية سبتمبر الماضي، دعمه للمِّ الشمل الخليجي وإعادة اللُّحمة لمجلس التعاون؛ لمواجهة التحديات الخطيرة المحيطة بالمنطقة.

وتنال التحركات الكويتية دعماً أمريكياً؛ فقد ثمّن الوزير الكويتي دعم الولايات المتحدة والدول الصديقة والحليفة للوساطة الكويتية التي تسعى لرأب الصدع الخليجي.

في الوقت الذي تؤكد فيه قطر دوماً دعوتها للحوار غير المشروط لإنهاء الأزمة الخليجية، وقد أكّد وزير خارجيتها، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في تصريحات له، يوم الاثنين (16 نوفمبر 2020): "منفتحون منذ البداية على حوار مبني على الاحترام المشترك واحترام سيادة كل بلد"، مشدداً: "ليس هناك رابح من الأزمة الخليجية، والنتيجة مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة".

في المقابل يبدو أن هناك سعياً إماراتياً لعرقلة التوصل إلى حل خليجي-خليجي بين قطر والدول التي أعلنت الأزمة، حيث يؤكد مسؤولوها ذلك من حين لآخر.

وقال سفير أبوظبي لدى واشنطن يوسف العتيبة، عبر الفيديو في لقاء مع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، في 13 نوفمبر 2020: إنه "لا حل قريباً للأزمة ما لم تتراجع دولة قطر عن مواقفها"، مضيفاً أنه "ثمة محور يضم قطر وتركيا وإيران يستدعي الدين في السياسة ويدافع عن العنف".

وأردف السفير الإماراتي: "في مقابل محور آخر يضم الإمارات والسعودية ومصر والبحرين والأردن، يتعامل بطريقة مدنية براغماتية".