دول » دول مجلس التعاون

مع ارتفاع عدد السكان.. ما المشاكل التي تواجه حكومات الخليج؟

في 2021/01/02

الخليج أونلاين-

لا تخلو زيادة النمو السكاني في دول الخليج من وجود تحديات على الحكومات الخليجية تتطلب اتخاذ إجراءات ذكية لتوطين الوظائف، في وقت تشهد فيه منطقة الخليج تحديات كبيرة تواجه اقتصادياتها مع تراجع أسعار الخام، وتأثير جائحة كورونا.

عدد سكان مجلس التعاون الخليجي بلغ -وفق مركز الإحصاء الخليجي التابع لمجلس التعاون- 57.4 مليون نسمة في أحدث الإحصائيات الرسمية.

وبلغ عدد سكان السعودية 34.2 مليون نسمة، والإمارات 9.8 ملايين نسمة، وسلطنة عُمان 4.6 ملايين نسمة، والكويت 4.5 مليون نسمة، وقطر 2.8 مليون نسمة، وأخيراً البحرين 1.5 مليون نسمة، وفق المركز.

تفيد الإحصائية بأن "نسبة الذكور بين سكان الخليج تبلغ 61.3%، فيما تبلغ نسبة الإناث 38.7%"، مفيدة بأن "هناك 159 ذكراً لكل 100 أنثى"، في حين بلغ معدل النمو السنوي للسكان 2.5%، خلال الفترة ما بين عامي 2015 و2019، وفق المصدر.

تمثل أعمار أقل من 15 سنة ما نسبته 21.9% من سكان الخليج، في حين أن معدل إعالة صغار السن 29%، ومعدل الإعالة الكلية 32.6%.

وحتى عام 2012 كان عدد سكان دول الخليج قد وصل إلى 47.4 مليوناً، ما يعني ارتفاعاً وصل إلى نحو 10 ملايين نسمة في أقل من 10 سنوات.

نسبة الوافدين إلى المواطنين

يختلف عدد سكان دول الخليج بالنسبة للمواطنين والأجانب، وتشير الإحصاءات إلى أن الإمارات تعد في مقدمة الدول التي يحتل الأجانب فيها نسبة كبيرة بإجمالي 88% من عدد السكان.

خلف الإمارات تأتي قطر؛ حيث يبلغ عدد السكان الأجانب فيها 87% من السكان، ثم الكويت بـ70%، ثم البحرين بنسبة 53%، بعدها سلطنة عمان بـ41%، فيما كانت السعودية الأقل من حيث نسبة الوافدين إلى عدد السكان؛ إذ بلغت 37%، وفقاً للتقارير الإحصائية لعام 2019.

وتعد منطقة الخليج العربي من أكثر المناطق استقطاباً للوافدين من مختلف الجنسيات، في وقتٍ يشهد فيه النمو السكاني بالدول الست انخفاضاً لأسباب كثيرة؛ أهمها تتعلق بالتبعات الاقتصادية.

وعلى الرغم من أن دول الخليج تبنَّت سياسات تعزز ارتفاع نسب المواليد لدى مواطنيها فقد استمر عدد الأجانب في الارتفاع كنسبة من إجمالي عدد السكان؛ بسبب ارتفاع نسبة العمال الوافدين.

وحاولت الدول الخليجية مراراً إنجاح سياسات مختلفة لإحلال العمال المواطنين مكان الأجانب؛ من أجل تخفيض الطلب على الأجانب أو إحداث زيادات كبيرة في نسبة المواطنين بقوة العمل، لكن كان لجائحة كورونا دور أكبر في انخفاض نسبة السكان بدول الخليج.

تراجع أسعار النفط

تقرير لوكالة الأنباء الألمانية قال إن عام 2020 قد يكون بداية النهاية لازدهار النفط، وإن دول الخليج قد لا يكون بوسعها الانتظار، في ظل مخاوف من تراجع الإيرادات.

وبصفتها أول عملاق في هذا القطاع أعلنت مجموعة "بريتيش بتروليوم" (BP)، في سبتمبر الماضي، أن عصر الطلب المتزايد على النفط قد انتهى، متوقعة أن الاستهلاك قد لا يصل أبداً إلى مستوى ما قبل بدء أزمة كورونا.

لكن أسعار النفط ستأخذ وقتاً طويلاً حتى تتحسن، وبدأت تزداد قائمة المحللين الذين يتوقعون ارتفاع أسعار النفط في السنوات الـ15 المقبلة، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة بلومبيرغ للأنباء الاقتصادية.

ومن بين هؤلاء شركة النفط النرويجية "إكوينور"، التي تتوقع الارتفاع بحلول عامي 2027 و2028، ومجموعة "توتال" الفرنسية (بحلول 2030)، وشركة الاستشارات الإدارية "ماكينزي" (بحلول 2033). وتتحدث منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" عن ارتفاع في أسعار النفط بحلول عام 2040.

وحتى ذلك الحين لا تريد أو لا تستطيع دول الخليج -التي تنتج خُمس إنتاج النفط العالمي- الانتظار.

ويحذر صندوق النقد الدولي من أنه يمكن أن تستنفد هذه الدول أصولها في غضون 15 عاماً في حال كان التطور سلبياً، ويتحدث الصندوق عن "تحدٍّ كبير" فيما يتعلق بميزانيات هذه الدول.

الأمن الغذائي

الارتفاع الكبير في عدد سكان دول الخليج قد يزيد من مخاطر استنزاف موارد هذه الدول الطبيعية، خاصة المياه والغذاء، بحسب ما ذكر "مركز الشرق الأوسط للاستشارات الاستراتيجية والسياسية".

وقال المركز في دراسة نشرها على موقعه الرسمي إنه بات من الضروري أن تعيد الحكومات الخليجية النظر في تركيبتها السكانية التي تفاقمت أكثر من الحد الذي تحتمله موارد هذه المنطقة.

ولم تستبعد الدراسة أن يكون هناك خطر حقيقي متنامٍ قد يواجهه أجيال المستقبل في المنطقة، يتمثل في شح الموارد ومواجهة أزمة أمن غذائي ومائي وصحي.

واعتبرت أن الزحف السكاني في دول الخليج، وخاصة في الدول الصغيرة، خطر داهم يهدد المساحات الخضراء الصالحة للزراعة، كما يستنزف أيضاً مصادر المياه.

وفي أبريل الماضي، اقترحت دولة الكويت إنشاء شبكة أمن غذائي إقليمية خاصة بدول المجلس الست لضمان تأمين الإمدادات الغذائية الكافية، وتلبية الاحتياجات الغذائية، وسد نقص الغذاء الأساسي في أوقات الأزمات.

ودعت الكويت إلى وضع ترتيبات خاصة في مراكز مراقبة الحدود والجمارك لضمان الحركة السلسة للإمدادات الغذائية والأدوية الأساسية بين دول مجلس التعاون الخليجي.

وأكدت أن الكويت ستواصل تنسيق الجهود وتبادل المعلومات مع دول مجلس التعاون الأخرى في هذا الوقت الدقيق للمساعدة في تأمين الاحتياجات الغذائية.

ضعف تخطيط

ليس المجال المالي للدول الخليجية بالمرونة التي كان عليها في السابق؛ فهذه الدول تقلّل من أعداد عمّالها الوافدين منذ عام 2015، وفق تقرير نشرته جامعة "جورج تاون -قطر".

وأكد التقرير أن المجال لم يعد متاحاً جداً لإجراء المزيد من التخفيضات، مبيناً أن الإمعان في التخفيض فيه خطر التخلي عن خبرات لازمة.  

وحول زيادة عدد السكان يرى الكاتب السعودي عبد الله غانم القحطاني، في مقال له على موقع قناة "الرأي" المحلية، أن كفاية وكفاءة القوة البشرية الفاعلة التي تنهض بالدولة تتمثل في تلك الخلاصة القليلة المأخوذة من المجموع الكلي للسكان.

واستطرد يقول: "لكن تلك الخلاصة لا يمكن توفيرها بنجاح إلا من خلال كثافة سكانية كافية تتناسب وحجم ومسؤوليات وأدوار الدولة. ولا نريد زيادة فوضوية تساهم في رفع نسبة الطلاق وضياع الأطفال وضعف الأسرة وانتشار الأمراض، بل العكس هو هدفنا".

وزاد: "هناك من سيقول لدينا بطالة حالياً فكيف نطالب بالزيادة؟ والرد هو: ولماذا يعيش معنا ملايين الوافدين الذين يصنعون طعامنا ويحلقون لحانا، ويشغلون عياداتنا ومشافي أجسادنا وسياراتنا، ومثلهم في صيانة مدارسنا وجامعاتنا وشوارعنا ووزاراتنا؟! لا توجد بطالة بل يوجد ضعف تخطيط".

وتابع: "وعلى الأقل نريد عدد سكان محلياً يكافئ عدد الجاليات الهائلة التي قد تستوطن بالقانون الدولي! والمخيف أن تحديد النسل في الخليج أصبح حقيقة، وسنلحق بأوروبا في العجز السكاني ما لم نتدارك ذلك".