كلير جيست- انترناشونال بوليسي دايجست - ترجمة الخليج الجديد
اتفقت السعودية وحلفاؤها الخليجيون رسميًا على استعادة العلاقات مع قطر في يناير/كانون الثاني 2021، في اتفاق يعد إنجازًا ضخما من شأنه أن يضع حداً لأكبر أزمة في المنطقة بالسنوات الأخيرة.
ففي 5 يناير/كانون الثاني 2021، وقع قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي اتفاقية "التضامن والاستقرار" في قمة العلا في السعودية.
وفي الوقت نفسه، أصدرت السعودية والإمارات وقطر؛ بالإضافة لمصر غير العضو في مجلس التعاون الخليجي، بيانات تؤكد أنها سيستعيدون العلاقات الدبلوماسية الكاملة، وكانت السعودية أول من رفع الحظر الجوي والبري والبحري عن قطر، تلتها الإمارات والبحرين ومصر.
بدأت الأزمة الدبلوماسية في 5 يونيو/حزيران 2017، عندما قادت السعودية والإمارات حظرًا إقليميًا على قطر، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية وروابط السفر والتجارة معها.
وتحججت الدولتان بدعم قطر المزعوم للإرهاب باعتباره السبب الرئيسي للمقاطعة، وانتقدتا علاقات قطر مع إيران، وشبكة "الجزيرة" الإعلامية.
حدث الإعلان واتفاقية المصالحة التي تلته، قبل أسبوعين من تولي الرئيس "جو بايدن" منصبه، مما يطرح أسئلة مثل؛ كيف سيؤثر رفع الحصار على التجارة الاقتصادية الإقليمية؟ وهل قطر في وضع يمكنها من أن تكون بمثابة "جسر" بين مجلس التعاون الخليجي وإيران؟ وهل ستعود التجارة البينية الإقليمية إلى مستويات ما قبل الحصار؟.
لا تأثير اقتصادي كبير
كانت الطائرات والسفن المسجلة في قطر قد مُنعت بموجب الحظر من استخدام الأجواء والممرات البحرية لدول الحصار، وتم حظر المعبر البري الوحيد لقطر من قبل السعودية.
ومن المؤكد أن فتح المجال الجوي والمعبر البري سيؤديان إلى تعزيز قطاع السياحة في قطر، عبر السياح السعوديين أو الإماراتيين والعكس، ولكن، في سياق جائحة "كورونا"، يبدو من غير المرجح أن تحدث هذه الزيادة حتى عام 2022.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون لرفع الحصار تأثير اقتصادي كبير على البلاد (بخلاف الزيادة الطفيفة في مستويات السياحة) ويرجع ذلك إلى استجابة قطر للحظر.
فقبل الحصار؛ كانت قطر تستورد الكثير من سلعها من جيرانها الخليجيين، ولكنها اضطرت بعده إلى تطوير طرق تجارية بديلة وزيادة الإنتاج المحلي.
وكان أحد الآثار المهمة للحصار هي تعزيز العلاقات الاقتصادية بين قطر وتركيا وإيران، وكلاهما خصمان إقليميان للسعودية.
وأدى إغلاق المجال الجوي لدول مجلس التعاون الخليجي إلى إجبار قطر على استخدام المجال الجوي الإيراني، حيث دفعت لطهران 100 مليون دولار كرسوم سنوية.
وفي حين أن قطر ربما قد تكبدت خسائر مالية بسبب الحصار، فقد أصبحت أكثر استقلالية بشكل كبير عن مجلس التعاون الخليجي، وقد لا ترغب أو تحتاج إلى العودة إلى اعتمادها الاقتصادي السابق على دول الخليج.
جسر بين الخليج وإيران؟
على الرغم من أن قمة العلا كانت بداية لمرحلة جديدة، إلا أن هناك عددًا من الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي التي ما تزال أبعد ما يكون عن الحل.
فحتى الآن، لم تُقترح أي خطة ملموسة لمعالجة المواقف الرئيسية المتباينة بشأن القضايا الأمنية الرئيسية، بما في ذلك جماعة "الإخوان المسلمين"، والمواقف المتعارضة بشأن إيران وتركيا، والخلافات حول وسائل الإعلام.
وقال ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، في قمة العلا، إن الاتفاقية "تؤكد الوحدة والاستقرار الخليجي والعربي والإسلامي"، وهي شرط أساسي لمواجهة إيران.
وأضاف: "هناك حاجة ماسة اليوم لتوحيد جهودنا للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، خاصة التهديدات التي يمثلها برنامج النظام الإيراني النووي والصواريخ البالستية وخططه للتخريب والتدمير".
ومع ذلك، أصرت قطر على أنها لن تتزحزح في قضايا السياسة الخارجية، ولم تستسلم البلاد للمطالب الـ 13 السابقة التي أصدرها الرباعي العربي في عام 2017، والتي تضمنت إغلاق شبكة "الجزيرة" الإعلامية المملوكة لقطر، وتقليص العلاقات مع إيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في البلاد.
وبعد أيام من توقيع اتفاق المصالحة، أكد وزير الخارجية القطري، الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني"، أن قطر لن تغير علاقاتها مع إيران وتركيا.
وكشف "آل ثاني" أن الدوحة وافقت على التعاون في مكافحة الإرهاب وقضايا "الأمن العابر للحدود" مع دول الخليج؛ لكنه شدد على أنه "لا تأثير على علاقتنا مع أي دولة أخرى".
ولطالما دعا "آل ثاني" إلى عقد قمة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي 19 يناير/كانون الثاني 2020، قال وزير الخارجية إن الحكومة القطرية "تأمل في حدوث ذلك وما زلنا نعتقد أن هذا يجب أن يحدث".
يعتقد "آل ثاني" والحكومة القطرية أن الآن هو الوقت المناسب لإصلاح دول الخليج لعلاقاتها مع إيران، وأن قطر قد تكون في وضع جيد للتوسط في المناقشات.
رحبت إيران بعقد اتفاقية للمصالحة وقال وزير الخارجية الإيراني "جواد ظريف" إن هذه الخطوة "تساهم في الاستقرار والتنمية السياسية والاقتصادية لجميع شعوب منطقتنا".
الحاجة لإعادة بناء الثقة
في هذه المرحلة، من الواضح أن العديد من الخلافات لا تزال قائمة حول القضايا الأمنية الرئيسية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بإيران.
لا يعني رفع الحصار استعادة الثقة بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، والخطوات التالية تتطلب بناء الثقة بين المجموعة، وفي حين تعد القمة إنجازًا، فإن هناك حاجة لوضع خطة واضحة حول كيفية إدارة الخلافات الحالية.
تأسس مجلس التعاون الخليجي، في بدايته، للرد على التهديدات المشتركة التي تواجه الحلفاء الخليجيين، مدفوعة في البداية ببدء الثورة الإسلامية في إيران، ثم غزو الكويت، ويبقى أن نرى ما هي الآثار المترتبة من علاقات قطر بإيران على العلاقات المستقبلية مع دول مجلس التعاون الخليجي.