ماري بيث لونج- إيميلي برزيبوروسكي- المونيتور- ترجمة الخليج الجديد
وقّعت دول مجلس التعاون الخليجي، في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، اتفاقية "التضامن والاستقرار" خلال القمة الخليجية السنوية في السعودية.
واتخذت دول مجلس التعاون الخليجي التي شاركت في الحصار المفروض على قطر عدة خطوات مهمة لتنفيذ الاتفاقية الجديدة؛ ما ألهم الثقة في أن الترتيب سيحل الخلاف.
وتقود السعودية الطريق، حيث رفعت مع البحرين والإمارات ومصر مقاطعتها غير القانونية لقطر، التي دامت 3 سنوات مقابل موافقة الدوحة على تجميد الإجراءات القانونية ضدهم.
ولكن لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه.
وفي حين لم يتم الكشف عن التفاصيل الرسمية للاتفاق، يبدو أن الرباعية ربما تكون قد أسقطت أو على الأقل علّقت في الوقت الحالي طلباتها الـ 13 الأولية، التي تضمنت إجبار قطر على إغلاق قناة "الجزيرة"، وتخفيض علاقاتها مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في الدوحة، وإنهاء تعاونها العسكري مع أنقرة.
تبدو هذه الخطوات المبكرة واعدة، لكن الوقت وحده هو الذي سيحدد ما إذا كانت الصفقة تعكس مصالحة حقيقية محتملة تسوي الخلافات طوية الأمد بين دول مجلس التعاون الخليجي، أو إذا كانت الاتفاقية مجرد إجراء لحفظ ماء الوجه يسمح لجميع الأطراف بالعودة إلى الحالة المتوترة التي سبقت الحصار وشهدت التهديد بغزو قطر.
يبدو أن العلاقات بين قطر وراعية الاتفاقية الجديدة، السعودية، تتعافى بشكل أسرع.
في الواقع، قد تدفع شائعات المصالح الاقتصادية والمالية المشتركة البلدين إلى أشكال جديدة من التعاون.
ومع ذلك، من المرجح أن تحتاج العلاقات بين قطر والإمارات ومصر وقتًا أطول للتحسن؛ بسبب عدم الثقة والخلافات التي طال أمدها، لا سيما فيما يتعلق بدعم قطر للإخوان المسلمين.
ويمكن أن تتسم العلاقات مع كل من الإمارات ومصر إلى حد ما بالحذر والتشكيك.
يمكن القول إن أكبر عقبة أمام المصالحة الخليجية هي عدم رغبة قطر في التنازل عن علاقاتها مع طهران وأنقرة.
فبعد يوم واحد فقط من توقيع الاتفاق، ذكّر وزير الخارجية القطري الشيخ "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" المراقبين بأن العلاقات الثنائية لدولة قطر ستظل محكومة بقرارها السيادي.
وحث، في وقت لاحق، دول الخليج على الدخول في حوار مع إيران وعرض التوسط في مفاوضات بين دول مجلس التعاون الخليجي وطهران.\
لم يكن من المستغرب أن تتحسن العلاقات الثنائية والعلاقات الاقتصادية لقطر مع كل من تركيا وإيران بعد فرض الحصار.
فقد كان أحد أسباب زيادة الاتصالات مع إيران هو إجبار الطيران القطري على استخدام المجال الجوي الإيراني بعد أن أغلق جيران قطر مجالاتهم الجوية أمامها؛ وقد أجبر ذلك قطر بشكل أساسي على التفاوض مع إيران بشأن إمكانية قطر في استخدام مطاراتها وأجوائها.
من غير المرجح أن تتخلى الدوحة عن أولئك الذين وقفوا إلى جانبها مقابل مصالحة غير مؤكدة مع جيرانها في مجلس التعاون الخليجي.
علاوة على ذلك، نظرًا لاهتمام إدارة "بايدن" المعلن بالعودة إلى نوع من الاتفاق مع إيران بشأن تطوير أسلحتها النووية، إن لم يكن حول برامجها الصاروخية وتوسعها الإقليمي، فقد يستنتج المرء أن قطر يمكن أن تهيئ نفسها للعب دور الوسيط في مفاوضات إيران في الأشهر المقبلة.
ومن المؤكد أن البعض ينظر إلى مثل هذا الدور على أنه لا يتعارض تمامًا مع رغبة ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" في أن يعكس الاتفاق الأخير الوحدة بين الأطراف في مواجهة إيران كتهديد إقليمي؛ ومع ذلك، فإن آخرين سينظرون إلى دور الدوحة على أنه تأكيد على أن قطر لا تزال قريبة جدًا من النظام الحاكم في إيران.
للأسف، ازدادت التوترات بين الدوحة والمنامة منذ الحماس الأولي بعد توقيع الاتفاقية، إلى حد كبير؛ بسبب مزاعم بأن البحارة والطائرات البحرينية انتهكوا الأراضي القطرية.
بعد أسبوعين من المصالحة، صادرت المنامة عقارات في البحرين مملوكة للعائلة القطرية الحاكمة.
وقال وزير الخارجية البحريني "عبداللطيف بن راشد الزياني"، في 21 يناير/كانون الثاني، إنه منذ توقيع الاتفاقية في العلا، لم تُبد السلطات القطرية أي اهتمام بحل القضايا العالقة مع البحرين أو دول الخليج الأخرى.
بالنسبة للولايات المتحدة، يبدو أن تصريحات البنتاجون الأخيرة تشير إلى أن الجيش الأمريكي يفحص ما هو المكان الذي ينبغي أن تحتفظ فيه الولايات المتحدة بقواتها في منطقة الخليج، وذلك بالرغم من أنه هناك شك في حرص صناع السياسة في البنتاجون أو الكونجرس على وضع جميع الأصول العسكرية الأمريكية في سلة واحدة أوعلى إنفاق المليارات المطلوبة للانتقال.
وسرعان ما صدرت توضيحات بأن المقالات المتعلقة بالتوسع العسكري المحتمل في المملكة قد عكست مناقشات أولية كانت استكشافية فقط.
ومع ذلك، فإن السعوديين أفضل بكثير في اللعب من حيث التنافس على الاهتمام العسكري.
ومع ذلك، من دون معرفة الشروط الفعلية للاتفاقية وتوقعات كل طرف، فمن الصعب القول ما إذا كانت المصالحة ستنجح، ولكن الخلافات التي ظهرت بالفعل مثيرة للقلق.
بينما تركز الولايات المتحدة على المنافسة مع القوى العظمى وتسعى في المحاولة الثانية للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يخنق تطلعات إيران إلى الهيمنة، فإن الوحدة بين حلفائها في الشرق الأوسط بشأن القضايا الأمنية الأساسية أمر بالغ الأهمية للاستقرار في المنطقة وتأمين مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.
هناك الكثير من القضايا الأيديولوجية وقضايا السياسة الخارجية التي يجب التعامل معها، ولكن لا يزال من الممكن أن تتمسك دول مجلس التعاون الخليجي بالاتفاقية. ولكن لابد من التأكد من منع تفاقم الخلافات وتحولها إلى أزمة جديدة، وأن يدرك الخصوم أنهم لن يكسبوا من خلال استغلال الثغرات.