متابعات-
بعد 11 يوماً من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، دمرت "إسرائيل" آلاف البيوت، واستهدفت البنية التحتية في القطاع، وخطوط المياه والكهرباء، وهو ما يضع العالم أمام مسؤولياته الأخلاقية للمساهمة في الإسراع بإعادة إعمار قطاع غزة.
وتعد دول الخليج العربي من أكثر الدول دعماً لقطاع غزة في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال سابقاً، من خلال منح القطاع تمويلاً بملايين الدولارات لصالح مشاريع الإسكان، والبنى التحتية، من خلال شركائهم في الأمم المتحدة، أو السلطة الفلسطينية.
وبعد عدوان عام 2014، شهد قطاع غزة بطئاً في إعادة الإعمار، بسبب الآليات التي وضعتها دولة الاحتلال على المعابر، وتشديد دخول مواد البناء، في حين كانت اللجنة القطرية التي بدأت العمل في غزة تسهل دخول المواد بعد تنسيق أممي.
ويخشى المواطنون في قطاع غزة من تكرار ما حدث بعد عدوان عام 2014، خاصة مع وصول غالبية أموال الإعمار إلى خزينة السلطة في رام الله، والتي بدورها أشرفت على الإعمار.
وأمام تلك الآلية، انتهجت قطر طريقة عملية في إعمار قطاع غزة من خلال تأسيسها اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة، حيث شكلت نقطة تحوُّل بمجال تنمية وإعمار القطاع، وتلبية طلبات سكانه في مختلف المجالات.
وبدأت اللجنة عملها بمنحةٍ قدمها أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بقيمة 407 ملايين دولار، ونفذ خلالها تأهيل شارع صلاح الدين وشارع البحر ومدينة حمد السكنية وكثير من المشاريع الحيوية الأخرى في مختلف مجالات الإعمار والبنى التحتية والزراعة والصحة.
وسبق بدء عمل اللجنة، زيارة أمير قطر السابق قطاع غزة، في (أكتوبر 2012)، عقب الحرب الإسرائيلية الثانية، في زيارة تاريخية هي الأولى والوحيدة لزعيم عربي يصل لغزة، معلناً كسر حصارها وتقديم مساعدات مالية بملايين الدولارات، في حين وصفها إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس السابقة ورئيس مكتبها الحالي، بـ"أول الغيث قطر ثم ينهمر".
وأشرفت اللجنة على مئات المشاريع الإنسانية ضمن خطط متكاملة، لتوفير وتلبية احتياجات سكان غزة في مختلف المجالات.
وبعد تلك المنحة، استمرت قطر من خلال لجنتها بغزة، في تنفيذ حزمة جديدة من المشاريع بقطاع غزة، كان أبرزها إنشاء ثماني عمارات سكنية ومركز إصلاح وتأهيل، وتوريد وتركيب معدات وأجهزة طبية، وتأثيث مبنى مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية.
وعملت اللجنة على تأهيل مبانٍٍ ومختبرات زراعية، وتنمية مناطق زراعية حدودية، ومشاريع رياضية كثيرة، منها إنشاء ملعب فلسطين الدولي الذي تعرَّض لتدمير بشكل شبه كامل في 19 نوفمبر 2012، خلال حرب "إسرائيل" الثانية على قطاع غزة.
وبعد عدوان عام 2014، بدأت اللجنة إعادة إعمار ألف وحدة سكنية مهدمة كلياً بفعل الحرب الأخيرة، بتكلفة 50 مليون دولار، إلى جانب مشاريع أخرى تتعلق بالكهرباء، والطرق الداخلية.
وبعد العدوان، شهد قطاع غزة بطئاً في إعادة الإعمار، بسبب الآليات التي وضعتها دولة الاحتلال على المعابر، وتشديد دخول مواد البناء، في حين كانت اللجنة القطرية التي بدأت العمل بغزة تسهل دخول المواد بعد تنسيق أممي.
دور خليجي بارز
وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، ناجي سرحان، يؤكد أن العدوان الإسرائيلي على القطاع تسبب في تدمير ألفي وحدة سكنية بالكامل، و15 ألف وحدة تضررت جزئياً.
وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يبين سرحان أن قطاع غزة يحتاج 400 مليون دولار أمريكي؛ لإعادة ما دمره الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة، متوقعاً أن يزيد الرقم مع زيادة عمليات الإحصاء التي تقوم بها الجهات الرسمية.
وتابع: "حتى الآن ننتظر المانحين، ولدينا تجربة من خلال الحروب السابقة، مع المؤسسات الشريكة، ولدينا منهجية واضحة وطرق للحصر، مع كل الجهات الدولية، وما ينقصنا هو التمويل، وفي حالة توافر التمويل فآليات الإعمار واضحة".
ويحتاج قطاع غزة، حسب سرحان، عاماً كاملاً لإعادة ما دمره الاحتلال خلال عدوانه الأخير، في حال تم توفير الدعم والتمويل اللازم، خاصةً أن وزارته لديها منهجية واضحة، بالتعاون مع الجهات الدولية المختلفة.
وعن جهود دول الخليج في إعادة إعمار قطاع غزة، يوضح سرحان أن وزارته لديها تجربة سابقة مع دول الخليج والمانحين حول إعادة الإعمار، حيث تعمل قطر من خلال لجنتها التابعة لوزارة الخارجية، بالتعامل معهم مباشرة في الميدان والإشراف على مشاريع الإعمار.
وخلال العدوان، يشير سرحان، إلى أن وزارته وبالتعاون مع اللجنة القطرية ووزارة التنمية الاجتماعية، وزعت مبلغاً إغاثياً بقيمة 2000 دولار لكل وحدة سكنية مهدمة كلياً، و1000 دولار للوحدات السكنية غير الصالحة للسكن، حيث بلغ عدد المستفيدين في الدفعة الأولى 330 مستفيداً.
وتسبب العدوان، حسب سرحان، في نزوح أكثر من 120 ألف فلسطيني بقطاع غزة من منازلهم بسبب القصف، منهم 50 ألفاً في مراكز الإيواء، وأكثر من 70 ألفاً خارج المراكز لدى الأقارب.
ووفق سرحان، تقدم السعودية مِنح إعادة الإعمار، من خلال مؤسسات الأمم المتحدة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إضافة إلى مصادر تمويل تُقدَّم من البنك الإسلامي للتنمية.
البنك الإسلامي للتنمية
ويعد البنك الإسلامي للتنمية، حسب سرحان، شريكاً أساسياً لوزارة الأشغال، حيث سبق أن أسهم في مشاريع إعمار مختلفة بغزة، منها طرق وبنية تحتية، وفي قطاعات أخرى.
ويوضح أنه إلى جانب قطر والسعودية فإن الكويت قدمت منحة مالية لقطاع غزة عن طريق السلطة؛ للمساهمة في إعادة ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان عام 2014.
ويتوقع وكيل وزارة الأشغال بقطاع غزة، في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، أن تسهم دول الخليج بشكل أساسي، في إعادة إعمار غزة، خاصةً أنها تعد سنداً أصلياً للشعب الفلسطيني.
ويعد البنك الإسلامي للتنمية منسق برنامج دول مجلس التعاون لإعادة إعمار غزة، حيث سبق أن وقَّع مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) اتفاقيتين بقيمة 9.2 ملايين دولار، لدعم القطاع التعليمي والمشاريع الطارئة لإعادة إعمار المنازل في قطاع غزة.
وسبق تلك الاتفاقية توقيعُ البنك اتفاقيات مع "الأونروا" بقيمة نحو 21 مليون دولار، حيث في يوليو 2010 تم توقيع اتفاقية بقيمة 6.5 مليون دولار لإصلاح 852 منزلاً.
كما عملت سلطنة عُمان على تنفيذ مشاريع إعمار لقطاع غزة من خلال الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية، من خلال تشييد مشاريع إسكان، وأخرى لها علاقة بالقطاع الصحي.