دول » دول مجلس التعاون

في الذكرى الثلاثين.. ماذا تعلم الخليج من الغزو العراقي للكويت؟

في 2021/08/09

محمد الرميحي/ منتدى الخليج الدولي - ترجمة الخليج الجديد- 

في 2 أغسطس/آب 2021 حلت الذكرى الثلاثين لغزو العراق للكويت، ومن حسن حظ نصف الكويتيين الذين يعيشون اليوم أنهم لم يكونوا قد ولدوا ليشهدوا هذه الأيام التي يعتبرونها تاريخًا قديمًا، لكن المنطقة تشهد أحداثا تجدد الذكرى وتجعل من المهم استرجاع الدروس التي علمها الغزو العراقي للمنطقة.

وفي حين أن العديد من المحللين كتبوا في ذلك الوقت عن نظرتهم للغزو العراقي إلا أن عددا قليلا منهم اهتم بالعواقب طويلة الأجل على المجتمع الكويتي.

المسمار الأخير في نعش العروبة

يجب القول إن مجتمع الكويت لم يعد نفس المجتمع الذي كان موجودا قبل الغزو العراقي. فقبل الغزو، دعم الشعب الكويتي والمسؤولون الحكوميون الكويتيون فكرة التضامن العربي بالرغم من جميع العقبات التي أضرت بالعلاقات بين الدول العربية وبعضها.

وكانت الصحافة الكويتية عبارة عن منصة حرة للأفكار المتعلقة بالعروبة، وكان البرلمان داعما لقضايا الأمة العربية، كما كانت هناك 3 مؤسسات تنموية موجهة لصالح الشعوب العربية والعالم العربي.

لكن نهاية هذا الحلم حانت عندما احتل العراق الكويت عام 1990، وعانى شعب الكويت من صدمتين شكلتا تفكيره، حيث تمثلت الأولى في سوء معاملة العراقيين للكويتيين رغم أنهم إخوتهم في العروبة؛ أما الثانية فتمثلت في دعم مختلف الحكومات العربية لاحتلال العراق بالرغم أن هذه الحكومات كانت لها علاقات ودية مع الكويت قبل الغزو العراقي.

وتسبب دعم العرب لتصرفات العراق غير القانونية في تعثر علاقات الكويت مع هذه البلدان بعد التحرير الذي قادته الولايات المتحدة في عام 1991، لكن معظم الشقاقات تم علاجها بمرور الوقت.

وتجلت آثار هذا الشرخ في اليمن، فقبل الحرب الأهلية، دعمت حكومة "علي عبدالله صالح" الاحتلال العراقي، وبالتالي أوقف صندوق التنمية الكويتي نشاطه في صنعاء في مجالات التعليم والعلاج وبناء الطرق، ولم يتم استئناف العمل إلا بعد 4 سنوات من الحرب الأهلية. كما حدث الأمر ذاته مع جميع البلدان التي اعتبرتها السياسة الكويتية "غير صديقة" بما في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية.

ويظهر هذا الدرس أهمية التماسك العربي وضرورة التفاعل الإقليمي بالرغم من الصعوبات وتجاهل القادة.

ويبدأ الحل من تنظيم العلاقة بين العرب بطريقة عقلانية وغير عاطفية، فقد أدى غياب ذلك إلى كوارث في العالم العربي بالرغم من المصالح المشتركة. ويجب أيضا توجيه هذه المصالح نحو الصالح العام وكذلك حل الاختلافات وفهمها.

تأثيرات ممتدة

كانت هناك عواقب وخيمة لأسلوب حكم "صدام حسين" الذي تضمن التنمر على البلدان الأخرى وجيران العراق وكذلك تجاهل مبادئ الحكم الرشيد.

وكان النظام العراقي شموليًا مع اللجوء إلى الحكم بقبضة حديدية لنشر الخوف وفرض التغييرات التي تعتبر ضرورية لاستمرار حكم "صدام".

وأثرت تصرفات "صدام" وأسلوبه في الحكم على الدولة العراقية حتى الآن. وعلاوة على ذلك، فإن التقدير غير الواقعي لقدرات الجيش العراقي أنتج صورة قوية زائفة في أذهان "صدام" وضباط الجيش مما أدى إلى مواجهة الولايات المتحدة في النهاية، وأنتج أزمة عميقة ما يزال العراق يعاني منها.

ومن ناحية أخرى، استغل "صدام" السلطة والقيم القبلية، كما استخدم شعارات محفزة ولكنها مفلسة أيديولوجيًا لتعزيز حكمه، وتجاهل حقيقة أن العلاقات الدولية في العالم اليوم تنظمها القوانين الحديثة التي تختلف تماما عن القيم القبلية التقليدية في الخليج.

وأدى استعراض القوة الذي قام به نظام "البعث" آنذاك لجعله مخيفًا للدول المجاورة، كما جعله غير موثوق في منطقة الشرق الأوسط.

دروس الغزو العراقي

كان أهم درس قدمه الغزو العراقي هو أهمية التضامن الخليجي وضرورة إبرام اتفاقية دفاع مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي، فقد تلقى الكويتيون الدعم من السعودية والبحرين وقطر والإمارات وعمان، حيث رحبوا جميعًا باللاجئين الكويتيين في عامي 1990 و 1991.

ولا يمثل ذلك مفاجأة لأولئك الذين يعرفون عمق العلاقة التاريخية بين هذه البلدان، لهذا عملت الحكومة الكويتية بعد ذلك على الحفاظ على هذه العلاقات وتطويرها.

وبينما رحل "صدام حسين" منذ فترة طويلة، إلا إن هذه الدروس لا تزال مهمة رغم مرور 3 عقود، حيث ما تزال هناك بلدان في المنطقة تتنمر على جيرانها.

وتكرر طهران الآن نفس الخطأ الذي قام به "صدام" قبل 3 عقود، حيث تتدخل سياسيا وعسكريا في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وتتحدث عن حقها في السيطرة على المنطقة، فيما يشبه استعراض القوة والغطرسة الأيديولوجية التي أبداهما "صدام".

وينبغي أن يفكر حكام إيران في نتيجة تنمر الديكتاتور العراقي مما أدى في نهاية المطاف إلى إفقار العراق وتدميره.

وفي حين تعاني إيران من أزمة اقتصادية وزيادة الاضطرابات الداخلية المتعلقة بالمشاكل الاقتصادية وسوء الإدارة، تمتد يد الحرس الثوري الإيراني إلى أماكن بعيدة معظمها في العالم العربي. وتستند طهران في تبرير تورطها إلى الشعارات القومية ومكافحة الغرب.

لذلك فإن القلق الخليجي من التوغل الإيراني يجعل ذكريات 1990 ما تزال حاضرة.