الخليج أونلاين-
تباينت ردود فعل الساسة والإعلاميين الخليجيين على سيطرة حركة طالبان على أفغانستان وعودتها للحكم مجدداً بعد عشرين عاماً من الغزو الأجنبي، وجاءت التعليقات بين مؤيد ومعارض ومتسائل.
وأحدث النصر المفاجئ لـ"طالبان" ضجة كبيرة في الشارع السياسي العالمي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بالنظر إلى عدم قدرة الجيش الأفغاني الذي أنفقت عليه الولايات المتحدة أكثر من 80 مليار دولار، على المقاومة فيما فرَّ الرئيس أشرف غني هارباً.
ورغم الوعود والتطمينات المتكررة التي تطلقها الحركة، المعروفة تاريخياً بتشددها، بشأن حماية حقوق الإنسان، فإن عملية النزوح الكبيرة من قِبل مواطنين أفغان إلى مطار كابل فور دخول مقاتلي "طالبان" إلى العاصمة، دفع كثيرين إلى التساؤل عما إذا كانت الحركة قد تغيرت، فيما قال آخرون إن ما يجري "صناعة للإرهاب".
ودار السجال على مواقع التواصل بين مشكك في انتصار "طالبان" وبمستقبل البلاد في ظل حكمها، ومن ينتقد هذا العداء لأي حركة مسلمة حتى لو هزمت محتلاً.
انتقادات وتساؤلات
البداية كانت من الإمارات، حيث تساءل الأكاديمي المعروف عبد الخالق عبد الله: "هل كانت طالبان في 2021 هي نفسها طالبان 2001 أم أنها قد تغيرت؟ هل كانت قبل عشرين عاماً نسخة إرهابية واليوم هي نسخة منقّحة؟".
وأشار عبد الله في تغريدة على "تويتر"، إلى أن الحزب الشيوعي الفيتنامي الذي قاتل الولايات المتحدة وهزمها أصبح لاحقاً شريكاً قوياً لواشنطن، وتساءل عما إذا كان ممكناً أن يحدث الأمر نفسه مع "طالبان"، التي وصفها بالمنتصرة.
أما المحلل السعودي تركي الحمد فقال إن ما جرى في أفغانستان "أمر دُبر بليل"، وإن ما يظهر منه أقل بكثير مما هو مخفيّ، متهماً الولايات المتحدة بتسليم البلاد لحركة طالبان على طبق من ذهب.
في السياق، علق الإعلامي السعودي حسين الغاوي قائلاً إن ما يحدث هو "صناعة للإرهاب"، مستنداً إلى وثائق يقول إنها أمريكية تم الإفراج عنها، تثبت تمويل إيران للحركة بالأسلحة والصواريخ.
بدوره، اعتبر قائد شرطة دبي السابق ضاحي خلفان، أن هزيمة الجيش الأفغاني المدرب والمزود بأحدث الأسلحة مجرد "فيلم هوليوودي"، واصفاً انتصار الحركة بأنه مسألة "سلّم واستلم".
وعلى الخط نفسه، وصف الأمير السعودي عبد الرحمن بن مساعد، سيطرة "طالبان" على البلاد بأنها "مسرحية سمجة".
وعلّق على حديث الرئيس بايدن، متسائلاً: "أليسوا هم (الأمريكان) من يقيمون علاقاتهم بالدول على أساس حقوق الإنسان والمرأة؟".
وبالمثل، اعتبر الإعلامي السعودي عضوان الأحمري انتصار "طالبان" جزءاً من صفقة أبرمتها الأطراف، مشيراً إلى أن "الأيام القادمة ستكشف موقف الحركة من الحرية وحقوق الإنسان".
كما اعتبر الكاتب السعودي المعروف خالد الدخيل أن ما جرى "مؤامرة"، وأبدى تخوفه من عودة الإسلام السياسي إلى المشهد.
ماذا لو كانوا شيوعيين؟
الأمين العام السابق لمنظمة العالم الإسلامي للعلوم والتربية والثقافة (إيسيسيكو)، عبد العزيز التويجري، وصف الأمر بأنه "عودة إلى المربع الأول"، لكنه عبّر عن رضاه لدخول مقاتلي الحركة إلى كابل ومدن أخرى دون قتال.
كما تساءل التويجري: "ماذا كانت تريد الولايات المتحدة من أفغانستان: تدمير البلاد ونهب ثرواتها؟"، وذلك تعليقاً على قول الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن مهمة بلاده لم تكن بناء أفغانستان أو إقامة ديمقراطية فيها.
في المقابل، اعتبر الإعلامي القطري جابر الحرمي أن بعض الإعلاميين متحاملون على "طالبان" التي وصفها بأنها "حركة تحرُّر قاتلت المحتل لعشرين عاماً وهزمته"، مضيفاً: "هل كانوا سيفعلون ذلك لو كان المنتصر شيوعياً أو علمانياً؟ بالطبع: لا".
وفي السياق، كتب النائب الكويتي السابق وليد الطبطبائي قائلاً: إنها "حركة مسلمة انتصرت على محتل أجنبي"، منتقداً من يهاجمون "طالبان" وينتقدون انتصارها.
من جهته، أعرب الإعلامي الإماراتي يوسف الهوتي عن أمله أن تتحول "طالبان" إلى منظومة حكم تسهم في بناء دولة حديثة وتعمل على جمع كل المكونات الأفغانية في إدارة البلاد، وأن تفتح علاقات مع المجتمع الدولي.
وسيطرت "طالبان"، الأحد الماضي، على العاصمة كابل بعد أن سيطرت على كل أفغانستان تقريباً، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى ما يقرب من 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.
وكانت كل من قطر والسعودية والإمارات قد أجْلت بعثاتها الدبلوماسية من أفغانستان، في إطار سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابل.
ومنذ مايو الماضي، بدأت "طالبان" بتوسيع رقعة نفوذها في أفغانستان، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس الجاري، وفق اتفاق الدوحة للسلام في أفغانستان الموقع في فبراير 2021.