دول » دول مجلس التعاون

هل تتوجه دول الخليج للضرائب لتعزيز إيراداتها المالية؟

في 2021/11/04

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

على الرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي كانت بشكل عام لا تفرض أية ضرائب أو كانت تفرض ضرائب منخفضة للغاية، فإن التحديات الاقتصادية التي باتت تواجهها بالسنوات الأخيرة فرض عليها إعادة النظر في النموذج الضريبي الذي تتبعه لتنويع وارداتها المالية وتخفيف تداعيات هبوط أسعار النفط.

وفي يوليو الماضي، أصدر سلطان عمان هيثم بن طارق، مرسومين سلطانيين بالتصديق على الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة والاتفاقية الموحدة للضريبة الانتقائية لدول مجلس التعاون الخليجي.

وكانت سلطنة عمان قد قررت البدء بتطبيق ضريبة القيمة المضافة في منتصف شهر أبريل من العام الجاري، فيما يأتي قرار إصدار المراسيم السلطانية كإجراء قانوني يؤكد هذه الضريبة ويثبتها.

وتعتبر عمان رابع بلد خليجي يقوم بتطبيق الاتفاقيات الخاصة بالضريبة والتي وقعتها دول الخليج أواخر عام 2016 عقب انخفاض أسعار النفط، إذ سبقتها دول السعودية والإمارات والبحرين.

وبدأت الإمارات والسعودية، تطبيق الضريبة المضافة بواقع 5 بالمائة اعتباراً من مطلع 2018، في حين بدأت البحرين تطبيق الضريبة في مطلع 2019، فيما تؤجل قطر والكويت فرضها حتى الآن.

ورفعت السعودية، ضريبة القيمة المضافة لثلاثة أمثالها العام الماضي إلى 15 بالمئة بسبب جائحة كورونا وتراجع الطلب على النفط.

وفي الأول من نوفمبر الجاري، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إنَّه "لن يكون هناك خفض لضريبة القيمة المضافة في فترة قريبة".

وأوضح الجدعان في لقاء مع قناة "الشرق" السعودية، أنه "متى تحسّنت المالية العامة بعد عدة سنوات، فسيتم النظر في الضريبة".

فيما قررت البحرين في 1 نوفمبر الجاري، رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 10%، ضمن خطتها للتعافي الاقتصادي.

وقالت الحكومة البحرينية، في بيان لها آنذاك، إن "رفع قيمة الضريبة يأتي ضمن خطة للتعافي الاقتصادي التي تستهدف تحقيق التوازن المالي في ميزانية البلاد بحلول 2024".

وذكرت الحكومة أن برنامج التوازن المالي المحدث يضم أيضاً "خفض المصروفات من خلال خفض المصروفات التشغيلية في الجهات الحكومية، وتعزيز كفاءة ميزانية المشاريع، وضبط المصروفات المتعلقة بالقوى العاملة".  

كما قالت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية للأنباء في سبتمبر من العام الجاري، نقلاً عن مصادر بالحكومة البحرينية، إن المملكة تستهدف إعادة مضاعفة ضريبة القيمة المضافة بحلول العام 2024، لتعزيز الإيرادات والحد من عجز الميزانية مع بدء الاقتصاد بالتعافي من تداعيات كورونا.

ضريبة الدخل والرفاهية

وإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة، أعلنت وزارة المالية العمانية في نوفمبر الماضي، أنها ستستحدث فرض ضريبة دخل على أصحاب الدخل المرتفع في العام 2022.

والهدف من ذلك هو خفض عجز الميزانية إلى 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2024، من عجز نسبته 15.8% في العام الماضي.

كما تستهدف السلطنة زيادة الإيرادات غير النفطية للحكومة إلى 35% من الإجمالي بحلول 2024، بدلا من 28% العام الماضي.

ولا تحصل أي من دول مجلس التعاون الخليجي الست، وجميعها منتجة للنفط، على ضريبة دخل من الأفراد.

وضمن توجه دول الخليج لتعزيز الضرائب تدرس مجتمعة توسعة نطاق الضريبة الانتقائية المفروضة على عدد من السلع لتشمل السلع المدرجة تحت تعريف "سلع الرفاهية".

وتم بحث ذلك خلال الاجتماع الـ 113 للجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون، والذي عقد عبر تقنيات الاتصال المرئي، في أبريل الماضي، دون اتخاذ قرار حاسم بشأنه.

وتعرف سلع الرفاهية بأنها السلع الكمالية أو الفاخرة وهي سلعة مترفة، وعادة تكون فاخرة وباهظة الثمن.

وتسعى دول الخليج في أن تسهم الضريبة الانتقائية بزيادة الإيرادات الحكومية التي تُخصص لتغطية تكاليف الخدمات العامة ذات الفائدة.

وحسب تقرير لوكالة "موديز" الأمريكية للتصنيفات الائتمانية، أصدرته في أبريل 2021، فإن فرض ضرائب واسعة النطاق على أساس الدخل، هو أمر ضروري للحد من الاعتماد على النفط بشكل دائم.

وتسهم ضريبة القيمة المضافة وحدها في تمويل 5 % من العجز السنوي في ميزانية دول الخليج التي تطبقها، وفق تقرير سابق لوكالة "بلومبيرغ".

تعزيز الضرائب أولوية

ويقول المحلل الاقتصادي، عاصم أحمد، لـ"الخليج أونلاين"، إن "تعزيز جباية الضرائب على مستوى دول الخليج يمثل أولوية قصوى لا سيما الدول ذات الاحتياطات المالية الأقل، مثل سلطنة عمان ومملكة البحرين".

ويضيف: "الدول تلجأ إلى فرض الضرائب، لزيادة إيراداتها العامة، ومع ذلك هناك خطر من أن زيادة الضرائب من شأنه أن يثقل كاهل الشركات، لا سيما في هذه الفترة التي تتعافى من تداعيات جائحة كورونا".

ويتابع المحلل الاقتصادي: "يمكن أن يعيق ذلك جهود جذب الاستثمارات الأجنبية لذلك يجب أن يكون فرض الضرائب وفق خطط معتدلة".

ويشير إلى أن معظم دول الخليج قدمت خلال العام الماضي إعفاءات ضريبية مؤقتة للشركات بالقطاعات الأكثر تضرراً من تداعيات كورونا، ولذلك لتجنب انهيار هذه الشركات ولمساعدتها على مواجهة تداعيات الجائحة.

إصلاحات اقتصادية

من جانبه، يقول المختص الاقتصادي صادق جبون، إن توجه دول الخليج لتعزيز الضرائب الموجودة وربما فرض ضرائب جديدة مستقبلاً، يأتي ضمن إصلاحات اقتصادية تحاول من خلالها التوقف عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي لإيراداتها العامة، وذلك في ظل التراجع المتواصل بأسعار النفط.

ويوضح جبون لـ"الخليج أونلاين"، أن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وغيرها من المنظمات الاقتصادية الدولية ومراكز الأبحاث المالية، تشجع دول مجلس التعاون على فرض ضرائب جديدة وزيادة القائمة منها.

ويشير إلى أن دول مجلس التعاون ظلت على مدار العقود الماضية، بدون فرض أي ضرائب خاصة على المواطنين، وهذا أدى إلى اعتمادها على النفط كمصدر رئيس لإيراداتها العامة الأمر الذي بات يؤثر بشكل كبير على اقتصادها.

ويعتبر جبون أن ضريبة القيمة المضافة تعمل كآلية سياسة مالية مفيدة لزيادة الإيرادات الحكومية كما أنها تجنب العديد من المخاطر السياسية المرتبطة بضرائب الدخل أو الإجراءات الضريبة المباشرة الأخرى، وبمعنى أوضح فإنها تبعد الحكومات عن الاحتكاك المباشر مع المواطنين من خلال فرض هذه الضريبة غير المباشرة.

إلا أنه توقع أن تعمل دول الخليج خلال السنوات المقبلة على فرض ضرائب جديدة مثل ضريبة الدخل، وذلك في طريقها لتعزيز إيراداتها المالية غير النفطية.