دول » دول مجلس التعاون

لماذا تتسابق دول الخليج لتجنيس أصحاب المواهب والمستثمرين؟

في 2021/11/25

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

على مدى سنوات طويلة كان المغتربون الذين توافدوا إلى الخليج يحلمون بالحصول على جنسيات الدول التي يوجدون فيها، أو الحصول على امتيازات عن غيرهم، لكنهم لم يحصلوا على ذلك رغم أن كثيراً منهم أمضوا فيها سنوات طويلة؛ ما اضطر العديد منهم لمغادرتها إلى دول أخرى كأمريكا وأوروبا.

وفي الوقت الحاضر عندما أصبح الطلب العالمي والمحلي على أصحاب المهارات والمواهب مرتفعاً غيرت دول الخليج مواقفها من ذلك، وأصبحت تتنافس لتقديم مميزات كبيرة لتلك الشخصيات، ووصل الحال ببعضها كما الإمارات والسعودية إلى منح الجنسية لبعضهم.

وعلى ضوء الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي عاشتها البلدان الخليجية، خاصة مع انخفاض أسعار النفط، وأمام الاستحقاقات الإقليمية والتحديات الجيوستراتيجية، تقود الإمارات والسعودية توجهاً ومساراً حقيقياً في كسر دائرة الانغلاق الخليجي الذي وُسمت به، والانفتاح في المقابل على الخبرات والكفاءات.

السعودية أخيراً

بموافقة رسمية من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، أعلنت السلطات السعودية، يوم 11 نوفمبر الجاري، فتح باب تجنيس مختلف الكفاءات الشرعية والطبية والعلمية والثقافية والرياضية والتقنية التي بإمكانها إضافة قيمة للبلاد وتعزيز عجلة التنمية.

هذه الخطوة جاءت تماشياً مع "رؤية 2030" التي كان أعلنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عام 2016، والتي تهدف إلى تعزيز البيئة الجاذبة التي يمكن من خلالها استثمار الكفاءات البشرية واستقطاب المميزين والمبدعين، وذلك حسبما جاء في وكالة الأنباء السعودية "واس".

كما أن القرار يندرج ضمن مجموعة من الإجراءات والتعديلات في قانون الإقامة والتجنيس السعودي التي أطلقتها المملكة مؤخراً؛ لمزيد من الانفتاح على الطاقات ورؤوس الأموال من مختلف الجنسيات، والتي ستسهم في تنويع موارد الاقتصاد السعودي بعيداً عن المصادر النفطية التقليدية.

وسبق أن قررت السعودية، في عام 2019، منح "الإقامة المميزة" للأجانب الأثرياء؛ لمزيد من جذب المستثمرين. وقال حينها وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد بن عبد الله القصبي، في تصريح إعلامي: "إن نظام الإقامة المميزة سيعزز التنافسية وسيمكّن المملكة من استقطاب مستثمرين وكفاءات نوعية".

سبقتها الإمارات

السعودية لم تكن الدولة الخليجية الأولى التي خطت هذه الخطوة في اتجاه مزيد من الانفتاح على الكفاءات، إذ سبقتها في ذلك مؤخراً دولة الإمارات التي قررت منح جنسيتها للمستثمرين والموهوبين والمتخصصين من العلماء والأطباء، بعدما أعلن نائب رئيس دولة الإمارات، محمد بن راشد، في وقتٍ سابق، اعتماد "تعديلات قانونية تجيز منح الجنسية والجواز الإماراتي للمستثمرين والموهوبين والمتخصصين من العلماء والأطباء والمهندسين والفنانين والمثقفين وعائلاتهم".

وأضاف في يوليو الماضي: إن "الهدف هو استبقاء واستقطاب واستقرار العقول التي تساهم بقوة في مسيرتنا التنموية"، موضحاً أنه سيتم "ترشيح الشخصيات المؤهلة للحصول على الجنسية الإماراتية عبر مجلس الوزراء والدواوين المحلية والمجالس التنفيذية".

وتطمح بذلك الإمارات إلى تعزيز اقتصادها وتطويره وجلب الاستثمارات إليها، واستقطاب اليد العاملة المختصة والنوعية، كما يؤكد خبراء ومختصون.

وفي إعلان شهر نوفمبر 2020 عن الإطلاق الفعلي للبرنامج، قال بن راشد إنه تم اعتماد برنامج إقامة لعشر سنوات لعدد من الفئات.

ووفقاً للبوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات، فإن برنامج الإقامة الذهبية هو "نظام تأشيرة إقامة طويلة الأمد، لخمس أو عشر سنوات تُجدد تلقائياً عند توافر نفس الشروط، وذلك لفئات معينة تشمل المستثمرين، ورواد الأعمال، وأصحاب المواهب التخصصية".

الكويت وعُمان على الخط

وفي خطوة تعتزم الكويت القيام بها، قالت صحيفة "القبس" الكويتية، في 23 نوفمبر 2021، إن الحكومة تعتزم منح إقامات للمستثمرين الوافدين وأصحاب المشاريع تتراوح مدتها بين 5 سنوات و15 سنة، وذلك بغية تعزيز الانفتاح ودعم تنويع الاقتصاد.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أن الخطوة تأتي أسوة بالدول الخليجية الأخرى التي مضت في هذا الطريق لجذب مزيد من الاستثمارات.

وقال المصدر إن الحكومة تتجه لتعديل نظام الإقامات وأذونات العمل وتنويع أشكال الإقامة دون الحاجة إلى نظام الكفيل، وذلك لبعض الوافدين الذين يخدمون الاقتصاد الوطني.

وفي سبتمبر من العام الجاري، سلّمت الحكومة العُمانية الدفعة الأولى من برنامج "إقامة مستثمر"، الذي يمنح المستثمرين والمتقاعدين الأجانب إقامة طويلة الأمد في السلطنة.

ويهدف البرنامج لتسهيل منح الإقامة للمستثمرين الراغبين بالاستثمار في عُمان لفترات تتراوح بين 5 و10 سنوات قابلة للتمديد، وفق ضوابط وإجراءات محددة، على ألا تكون تلك الإقامات دائمة.

سد الاحتياجات

الباحث حسين الخولاني، يرى أن الدول التي تلجأ إلى التجنيس تهدف إلى سد احتياجاتها في عدد من الاختصاصات النادرة، إضافة لتكريم بعض الشخصيات من كتاب ومؤرخين ومثقفين.

ويرى أن الاهتمام الخليجي يرتكز على القطاعات أو على الجهات التي قد تخدم البلاد، موضحاً: "مثلاً بدأت دول الخليج بالاهتمام في التكنولوجيا بشكل كبير، وهذا جعلها تستقطب كثيراً من الشخصيات العربية والعالمية، وتقدم لهم مميزات من بينها الجنسية لتستفيد منهم".

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن كثيراً من الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا اتخذت هذه الخطوات من أجل الاستفادة من هذه الخبرات العالمية بعدما منحتهم جنسياتها، "وقد استفادت بالفعل من الكثير منهم".

ويرى أن الانفتاح الذي انتهجته دول الخليج، خصوصاً السعودية والإمارات، دفعها للسير نحو هذه الخطوة، موضحاً: "كانت دول الخليج إلى ما قبل سنوات منغلقة على نفسها ولا تمنح الجنسيات إلا لأشخاص محدودين، لكن الفترة القادمة سنشهد خطوات أكبر لتجنيس أوسع، وقد يصل إلى حد التنافس بين الدول الست".

تجنيس في قطر والبحرين

ولقطر والبحرين خطوات سابقة في التجنيس، فقد اتخذت الدوحة الإجراء ذاته من قبل باستهدافها تجنيس الكفاءات في مختلف المجالات الثقافية والرياضية والطبية، بخاصة خلال فترة الأزمة الخليجية لتجاوز التضييقات الاقتصادية المفروضة عليها.

وإلى جانب ذلك أعلنت قطر، في عام 2018، الإجراءات التنفيذية الخاصة بالحصول على الإقامة الدائمة في البلاد، إضافة للامتيازات التي ستمنح للحاصل على هذه الإقامة من غير القطريين.

وبالنسبة لمملكة البحرين، تقول منظمات حقوقية معارضة إنها تقوم بتجنيس الكثيرين سعياً لتغيير ديموغرافي ــ طائفي ــ سياسي. وتتركز عمليات التجنيس على الوافدين الباكستانيين والهنود وبعض العرب من الجنسيات السورية والأردنية، ومن طائفة معينة، بحسب ما نقل موقع "الحرة" الأمريكي، وهو ما ينفيه آخرون، مؤكدين أنه يجري وفق سياق قانوني.

وطبّقت البحرين أيضاً "التجنيس الرياضي" الذي تمارسه كافة دول الخليج، إذ جنست العشرات من لاعبي كرة القدم واليد والسلة والطائرة وألعاب القوى.

وينص قانون الجنسية في البحرين، لسنة 1963، على إمكانية الحصول على الجنسية البحرينية بعد الإقامة في البلد لمدة 15 عاماً بالنسبة للعرب، و25 سنة لغير العرب، غير أنه يعطي الملك حق منح الجنسية لمن "يأمر عظمته بمنحها له".