دول » دول مجلس التعاون

عقوبات غربية على روسيا.. ما تداعياتها على دول الخليج؟

في 2022/02/26

متابعات-

مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا يومها الثاني تزداد معها حدة العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، واليابان، وكندا، على روسيا، وهو ما سيترك تداعيات على العالم، ومن ضمنه دول الخليج العربي.

وسيعطي فرض مزيد من العقوبات العالمية على روسيا، خاصة في مجال الطاقة، فرصة قوية لدول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة قطر، لتكون بديلاً قوياً لكثير من الدول الأوروبية ودول العالم لإمدادات الطاقة.

وتظهر تقديرات رسمية أن دول الاتحاد الأوروبي تعتمد في تلبية نحو 40% من حاجتها للغاز الطبيعي على روسيا.

كما ستترك تلك العقوبات تداعيات سياسية على دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة في مجال استمرار علاقاتها مع روسيا، والتعامل مع تلك العقوبات والقبول بها.

أبرز العقوبات

بدأت العقوبات الأمريكية حين أعلن الرئيس جو بايدن عقوبات الحظر على "البنك الروسي للتنمية" (VEB)، والبنك المركزي الروسي، وعقوبات على ديون روسيا السيادية، مما يمنع عنها الوصول للتمويل الغربي.

وتضمنت العقوبات التي أعلنها بايدن، الخميس 24 فبراير الجاري، الحد من قدرة على التعامل تجارياً بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.

كما شملت العقوبات ضد أكبر مؤسستين ماليتين في روسيا؛ وهما شركة الأسهم العامة (سبيربنك)، وشركة VTB Bank العامة للأوراق المالية المشتركة.

وتجري المؤسستان معاملات صرف أجنبي بقيمة 46 مليار دولار على مستوى العالم، 80% منها بالدولار الأمريكي، وستعطل العقوبات نسبة كبيرة من هذا النشاط.

وطالت العقوبات نحو 25 شركة تابعة لسبيرنك الروسي، بما فيها مؤسسات وصنادق إئتمانية وشركات تأمين في روسيا وستة بلدان أخرى.

وشملت العقوبات الأمريكية أيضا شركة روستليكوم العامة للأوراق المالية، وهي أكبر شركة اتصالات في روسيا، وشركة الأسهم العامة "روس هيدرو"، وهي شركة للطاقة الكهرومائية، وواحدة من أكبر شركات الطاقة في روسيا.

وطالت العقوبات أيضاً شركة السكك الحديدية الروسية المفتوحة، وهي واحدة من أكبر شركات السكك الحديدية في العالم.

بريطانيا بدورها كانت أول دولة تعلن عقوبات ضد شخصيات ومؤسسات روسية، فأقر رئيس الوزراء البريطاني العقوبات على 5 مؤسسات مالية روسية من بينها مؤسسات بنكية، وكذلك على 3 مليارديرات روس مع منعهم من السفر إلى بريطانيا.

أيضاً أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا الموجهة ضد قطاع الطاقة ستجعل "من غير الممكن" تحديث مصافي النفط في روسيا.

وأكدت المسؤولة الأوروبية في تصريح عقب القمة الأوروبية، الجمعة 25 فبراير الجاري، أن العقوبات الأوروبية الجديدة موجهة ضد قطاع الطاقة في روسيا، وهو مجال اقتصادي رئيسي ذو أهمية خاصة للدولة الروسية".

اليابان أعلنت، الأربعاء 23 فبراير الجاري، فرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا، كان أبرزها حظر الإصدار الجديد للسندات الحكومية الروسية وتوزيعها في اليابان رداً على "الإجراءات التي اتخذتها روسيا في أوكرانيا".

وشملت العقوبات اليابانية أيضاً حظر إصدار تأشيرات للأفراد المرتبطين بما يسمى "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك"، إضافة إلى تجميد أصولهم ومنع التبادل التجاري مع المنطقتين.

كما فرضت السلطات الأسترالية عقوبات على 8 مستشارين أمنيين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد "غزو موسكو غير المبرر وغير المقبول" لأوكرانيا.

وسارعت كندا إلى فرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا، وحظرت على الكنديين الانخراط بشراء سندات الدين الحكومية الروسية، كما بينت الحكومة أنها ستفرض عقوبات إضافية على المصارف الروسية المدعومة من الدولة، ومنع أي تعاملات مالية معها.

العقوبات ودول الخليج

أستاذ الدراسات الاستراتيجية و الإقليمية إبراهيم حبيب، يؤكد أن العقوبات العالمية المفروضة على روسيا لا يمكن تسميتها صارمة في ظل الحسابات الكبيرة التي أجرتها الدولة الروسية قبل الدخول في الحرب، واجتياح أوكرانيا بهذه الطريقة.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يرى حبيب أن العقوبات العالمية ضد روسيا تعد إنذارية أكثر من تلك العقوبات التي فرضت على إيران، وتسببت بخروجها في حينها من نظام " سويفت" المالي العالمي.

وسيكون لتلك العقوبات، وفق حبيب، انعكاسات قوية على دول الخليج العربي، وذلك يتعلق بمدى التبادل التجاري الموجود بين دول مجلس التعاون وروسيا، إضافة إلى مستوى الضغوطات التي ستتعرض لها دول الخليج من الإدارة الأمريكية لتجحيم علاقاتها مع الدولة الروسية.

وفي الفترة الحالية، يوضح حبيب أنه من الصعب قياس تداعيات العقوبات على دول الخليج، خاصة أن الحرب لم تنتهِ الحرب، وربما تقدم روسيا خطوة جديدة على مواجهة تلك العقوبات عبر اعتماد نظام جديد بالتعاون مع الصين وإيران وعدد من الدول.

ويرى أستاذ الدراسات الاستراتيجية و الإقليمية أن دول الخليج في المرحلة الحالية لا تستطيع أن تكون على مسافة واحدة من الطرفين، ولا سيما أنها أقرب للولايات المتحدة وربما دول الخليج تكون متناهية مع السياسة الأمريكية.

التداعيات الاقتصادية

وإلى جانب التداعيات السياسية للعقوبات التي فرضها العديد من دول العالم على روسيا، ينتظر أن يكون بعض التداعيات لتلك العقوبات على دول الخليج.

ويعتمد العديد من دول الخليج على روسيا في الورادات الغذائية، خاصة القمح، والدواجن، واللحوم، في حين يتوقع أن تصل العقوبات للقمح الروسي، وهو ما يعني تأثر دول مجلس التعاون من تلك العقوبات.

وحول التداعيات المنتظرة على دول الخليج من العقوبات المفروضة على روسيا، يؤكد الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن التداعيات ستكون متباينة، حيث ترتبط بهيكلة اقتصاد كل دولة، وعلاقات تلك الدول بالمنظومة الدولية، وكم هي منخرطة بالاقتصاد العالمي.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، يوضح عبد الكريم أن من التداعيات الاقتصادية للعقوبات على دول الخليج ستكون إيجابية، بحيث ستستفيد من ارتفاع أسعار النفط، وهو ما يعني زيادة في ميزانياتها.

وستدفع تلك العقوبات، وفق عبد الكريم، نحو مزيد من نزيف أسواق المال، وهو ما سيؤثر على دول الخليج لكونها جزءاً من العالم، خاصة سوق دبي والبحرين والسعودية، حيث نزفت عشرات المليارات من الدولارات.

ومن التداعيات السلبية لتلك العقوبات، يرى الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي لا تنتجها دول الخليج وتنتجها روسيا، خاصة القمح والذرة.

تأثير ضعيف 

وحول تأثير العقوبات الاقتصادية على دول الخليج، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، أن أبرز العقوبات الأمريكية على روسيا ستؤثر على الدول الضعيفة في المنطقة العربية.

ومن الدول التي ستتأثر من العقوبات الأمريكية على روسيا، وفق حديث الصاوي لـ"الخليج أونلاين"، السودان والعراق وليبيا.

وترتبط روسيا، كما يوضح الصاوي، بمصالح اقتصادية كثيرة في دول المنطقة.

وفي قطاع النفط، يوضح الصاوي أن روسيا ومن خلال تكتل "أوبك +" حافظت على التحكم في سعر النفط، والقفز به إلى مستويات أفضل خلال عام 2021، وبخاصة بعد رفض التكتل لمطالب بوتين بزيادة الإنتاج من النفط، لتهدأ معدلات التضخم في أمريكا وأوروبا.

ومن خلال تكتل "أوبك +" بقيادة روسيا والسعودية، يبين الصاوي أن موسكو أصرت على ثبات كميات الزيادة اليومية، منذ منتصف عام 2021، وهو ما مثل رسالة مفادها إمكانية إدارة الأمور في سوق النفط دون وصاية أمريكية.