دول » دول مجلس التعاون

"حذر منه العلماء".. تلوث قاتل يهدد مياه الخليج ما أسبابه؟

في 2022/03/21

طه العاني - الخليج أونلاين-

فيما تحتفل الأمم المتحدة في 22 مارس من كل عام بـ "اليوم العالمي للمياه"، دقّ أكاديميون خليجيون وباحثون في البيئة البحرية جرص الإنذار محذرين من مخاطر استمرار تلوث مياه الخليج العربي، والذي بلغ مستويات مضاعفة عن المعدل العالمي.

وعزا باحثون أبرز أسباب التلوث البحري في الخليج إلى تسرب المخلفات الصناعية من ناقلات النفط وما خلفته حروب الخليج الثلاث من ملوثات كبيرة، فضلاً عن مشكلة تجريف المناطق الساحلية بما تحتويه من شعاب مرجانية فريدة، بغرض إنشاء المرافق والمنتجعات السياحية والقصور وغيرها.

وبحسب صحيفة "الوطن" السعودية فقد أثبتت دراسة بحثية أعدتها جامعة الملك فيصل، ونشرت في 17 مارس 2022، أن خطراً محدقاً يهدد مياه الخليج العربي بسبب التلوث البحري الذي يطبق عليها بشدة.

وتشير الدراسة إلى ارتفاع نسبة تركيز المعادن الثقيلة في المياه والرواسب وأحشاء الكائنات البحرية، وأن هناك دراسات أخرى أجريت لتحليل ملوثات المواد البلاستيكية، عثرت على قطع بلاستيكية في أحشاء بعض أسماك الأنواع الاقتصادية، وتراكم القطع البلاستيكية في الرواسب.

كما أشارت الدراسة إلى أنه في السنوات الأخيرة تكررت ظاهرة "المد الأحمر"، وما تخلفه من نفوق من الكائنات البحرية نتيجة السموم التي تنتجها هذه الطحالب المسببة لهذه الظاهرة.

وتحدث ظاهرة "المد الأحمر" بسبب ازدياد أكثر العوالق أو الطحالب النباتية الضارة في مياه البحار أو البحيرات، مما يسبب تغير لون المياه بشكل واضح إلى الأحمر، ولكن قد يتراوح لون المياه ما بين البني، البرتقالي، الأصفر الفاتح، الأخضر والوردي بحسب اللون الناتج عن العوالق الموجودة في المياه.

كما سبق أن تعرض الخليج العربي عام 1991 إلى تلوث نفطي بسبب قيام النظام العراقي حينها بتفجير أبار النفط الكويتية وسكبها في الخليج وهي من أكبر الكوارث النفطية والبيئية في العالم، ما أدى لتناقص 25 % من المخزونات السمكية، ونفوق كثير من السلاحف والطيور البحرية، وتدمير أشجار المانجروف.

مياه ضحلة

يبلغ طول الخليج 1000 كم بعرض أقصاه 350 كيلومتراً، ومحاط بصحاري قاحلة شديدة الجفاف، حيث يتدفق عليه القليل من مياه الأمطار الساقطة عليها.

وتأتي تدفقات المياه العذبة إلى الخليج من نهري دجلة والفرات في الشمال، بينما تتدفق مياه البحر العربي والمحيط الهندي الأكثر برودة والأقل ملوحة عبر مضيق هرمز، وهو الأمر الذي يقول خبراء إنه أحد أسباب تلوثه كونه عبارة عن عن "بحر ضحل شبه مغلق، أي أن تبديل المياه فيه ضعيف، ويشهد تدفقاً قليلاً جداً للمياه العذبة".

ويشير مركز أصدقاء البيئة في قطر، إلى أن الخليج العربي جسم مائي ضحل وبمتوسط عمق يصل إلى 40 متراً، ويتراوح عمقه من 0 متر إلى 120 متراً لأقصى عمق في المنطقة الغربية والقريب من مضيق هرمز.

ويضيف المركز أنه نظراً لأن الخليج العربي ضحل ومدى درجات الحرارة فيه مرتفعة بشكل موسمي مع شحة تدفقات المياه العذبة، بات الخليج شديد الملوحة.

يقول الباحث حارث بن سيف الخروصي، إن "الخليج العربي شبه مغلق وضحل، حيث يصل عمقه 50 -90 متراً، كما أن الأنهر التي تصب فيه قليلة جداً، ووقوعه في مدار السرطان يجعل مناخه جافاً معظم أيام السنة".

ويشير في حديثه مع "الخليج أونلاين" إلى أن "الخليج لعب دوراً كبيراً عبر التاريخ إلا أن أهميته القصوى بلغت في العصر الحالي كأهم أماكن استخراج وعبور  الطاقة (النفط والغاز) في العالم، لكن هذا الزخم الصناعي والاقتصادي أثر على الخليج العربي وارتفعت نسبة التلوث لمستويات قياسية فيه".

ويرى الخروصي أن "إنشاء محطات جديدة للتحلية ومفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء في المستقبل قد يرقى بأزمة الخليج العربي لمستويات خطيرة وقد يصبح مسطح الخليج العربي بحيرة ميتة، لذلك يحتاج لإدراك صناع القرار والمخططين الاقتصادين والسياسيين لبذل جهود كبيرة لقياس حجم المخاطر المحدقة واتخاذ القرارات الصحيحة بشأنها".

 

ما هي الحلول؟

من أبرز التهديدات التي يتعرض لها الخليج الظواهر الناجمة عن التغير المناخي والتي تساهم في زيادة درجات الحرارة، مما يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي وارتفاع مستوى سطح البحر، ودفن الرمل للكائنات الحية من جراء ترسبات الأنهار ورمال الكثبان.

وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، يوجد هناك عدد كبير من الكائنات الحية التي تتخذ من مياه الخليج موطناً مؤقناً أو دائماً لها، منها الحيتان والدلافين والشعاب المرجانية والسلاحف والطيور، بالإضافة إلى استضافة ثاني أكبر عدد من أسماك قرش الحوت على مستوى العالم.

وإزاء هذه المخاطر المحدقة بمياه الخليج، يطالب مختصون بضرورة تطبيق حلول غير تقليدية لحماية الخليج العربي من التلوث، من بينها توقيع اتفاقيات دولية للحد من التلوث، ومراقبة التلوث عن طريق الأقمار الصناعية، وكذلك المحافظة على مياه الاتزان للسفن في الموانئ، ومعالجة مياه الصرف الصحي.

ومن بين الحلول المقترحة، بحسب ما ذكرت صحيفة "اليوم" السعودية، إعادة تدوير البلاستيك للاستفادة منه، وإقامة حملات توعوية من أجل المحافظة على البيئة.

وفي هذا السياق، يؤكد الخروصي في حديثه لـ "الخليج أونلاين" أهمية تتعاون كافة الدول المطلة على الخليج في عمليات المراقبة البيئية واتخاذ الاستراتيجيات الموحدة، وعمل مراكز للأبحاث للحد من التأثيرات البيئية، الناجمة عن أنشطة النفط من صناعة ونقل، ووضع إستراتيجيات عامة تكون على شكل اتفاقيات ملزمة".

وحول المخاطر المستقبلية، يرى الخروصي أن "ذلك يتعلق بزيادة التلوث الذي يؤثر على الكائنات الحية بمختلف مستوياتها وسلسلتها الغذائية من الكائنات وحيدة الخلية وصولاً إلى الأسماك والرخويات، مما قد يتسبب في وجود بقع من مسطح الخليج العربي ميتة خالية من الكائنات الحية والأوكسجين مما يصعب بث الحياة فيها مستقبلاً".