محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
لا تعد دول مجلس التعاون الخليجي بعيدة عن مخاطر تعرضها لأسلحة الدمار الشامل، خاصة مع توفر تلك الأسلحة مع بعض الدول في المنطقة كدولة الاحتلال الإسرائيلي، وسعي إيران الجارة لدول الخليج امتلاكها.
وأمام تلك التهديدات الخطيرة لأسلحة الدمار الشامل تعمل دول الخليج على مواجهة تلك الأخطار؛ عبر إجراء مناورات وتمارين مع دول مشتركة تشمل المحاكاة على وقوع هجمات من تلك الأسلحة.
وكانت أبرز الدعوات لدول الخليج للاستعداد لمواجهة أسلحة الدمار الشامل من رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير تركي الفيصل، الذي شدد على ضرورة أن تكون لدى دول الخليج "معرفة نووية، والاستعداد لأي احتمالات في الملف النووي الإيراني".
وخلال مشاركته في مؤتمر أمني في العاصمة البحرينية المنامة، في أبريل 2014، أكد "الفيصل" ضرورة إزالة كافة أسلحة الدمار الشامل، وخصوصاً السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي.
ولم يسبق لدول مجلس التعاون الخليجي أن تعرضت لأي هجوم بأسلحة دمار شامل، أو عاشت تجربة تعرضها لهجمات كيميائية.
استعدادات سعودية
السعودية وعبر وزارة الدفاع، أجرت تمريناً مشتركاً مع الأردن "سحاب 4"، في 14 مارس 2022؛ لمواجهة أسلحة الدمار الشامل، بمشاركة عدد من كبار ضباط القوات المسلحة من الجانبين.
وهدف التمرين، وفق قائد التمرين المقدم ركن ملفي بن سعيد آل زاهر، إلى "رفع مستوى التخطيط المشترك بين أفرع القوات المسلحة"، إضافة إلى "التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية والأجهزة الأمنية في مجال مواجهة أسلحة التدمير الشامل من خلال إشراك منظومة فرق الاستجابة السريعة في تنفيذ التمرين".
كما هدف إلى "تطوير قدرات القادة وهيئات الركن في الوحدات المشاركة على التخطيط، وإعداد تقدير الموقف والأوامر وتنفيذ المهام والواجبات لمواجهة حوادث استخدام عوامل أسلحة التدمير الشامل".
وكان التمرين على مرحلتين؛ شملت الأولى تدريباً نظرياً قدما فيه دروساً ومحاضرات للمشاركين، فيما عرفت المرحلة الثانية تدريباً داخل الميادين الخاصة بالدفاع ضد أسلحة التدمير الشامل.
وفي يناير الماضي، أجرت السعودية مناورات التمرين السعودي الأمريكي "درع الوقاية -3"، في كيفية إدارة الأزمات الناتجة عن أسلحة الدمار الشامل والوقاية منها.
واشتمل التمرين، وفق وزارة الدفاع السعودية، على عقد عدة ندوات ومحاضرات نظرية حول الحماية من أسلحة الدمار الشامل وتدريب القادة والأركان على التخطيط لإدارة هذا النوع من الأزمات، وإدارة مراكز العمليات، وعقد ورشات عمل.
تدريبات قطرية
قطر بدورها سبق أن أجرت تدريبات حول أسلحة الدمار الشاملة، كان أبرزها في مدينة بتركيا، عبر إجراء تدريبات تمرين "قابلية الدفاع ضد الأسلحة الكيميائية والحيوية والإشعاعية".
وانطلق التدريب في نوفمبر 2021، بمشاركة دولة قطر ممثلة بوحدة الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل بالقوات المسلحة، وعدد من الدول والصديقة، وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو).
ويعد هذا التمرين هو أول مشاركة لوحدة الدفاع القطرية ضد أسلحة الدمار الشامل مع حلف الناتو، حيث اشتملت التدريبات على المشاركة في الكشف والاستطلاع عن أسلحة الدمار الشامل.
وتضمن التمرين تطهير الأفراد والطائرات والآليات بهدف رفع جاهزية الأفراد استعداداً لاستقبال بطولة كأس العالم 2022، بالإضافة إلى الاطّلاع والاستفادة من خبرات الدول المُشاركة.
البحرين أيضاً سبقت أن أجرت تدريبات مع الولايات المتحدة، في عام 2006، شملت اعتراض السفن التي تحمل أسلحة دمار شامل أو صواريخ، في إطار ما يعرف بـ"مبادرة أمن الانتشار".
وفي حينها أكدت الولايات المتحدة أن التدريبات "مسعى لجمع عدد كبير من دول الخليج معا لإظهار التصميم والاستعداد للتحرك ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل".
اهتمام كويتي
الكويت أولت اهتماماً كبيراً في الاستعداد لأي مواجهة لأسلحة الدمار الشامل، حيث لديها قيادة الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل.
وحول استعداد الكويت لمواجهة تلك الأسلحة أكد مساعد آمر قيادة الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل، العقيد الركن حامد محمد الشمري، أن المهمة الرئيسية لقيادة الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل هي إسناد القوات المسلحة لتمكينها من مواصلة عملياتها العسكرية في الأجواء الملوثة، والاستجابة لجميع المخاطر الإشعاعية والنووية والبيولوجية والكيماوية والتعامل معها.
وتعمل قيادة الدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل، وفق حديث الشمري لصحيفة "الأنباء" المحلية، في فبراير 2021، على استخدام أحدث المعدات والأجهزة الحديثة والتدرب عليها.
وتتابع القيادة، وفق الشمري، مواكبة أحدث ما توصلت إليه تجارب الدول المجاورة والجيوش المتقدمة والجيوش المصنعة والمتميزة في هذا المجال لضمان التعامل الأفضل من قبل المتدربين على تلك المعدات والتجهيزات في مختلف الظروف.
وحسب الشمري، فإن عملية التدريب على القيام بتمارين الاستطلاع والكشف الإشعاعي والكيماوي على مناطق البلاد، مستمرة من خلال وضع برامج تدريبية متكاملة في كل موسم، وتتخلل تلك البرامج جميع الفرضيات المتعلقة والمتوقعة للاستجابة لمخاطر هذه الأسلحة على أرض الواقع، وبما يضمن التخفيف من آثار تلك الأسلحة وإزالة مخاطرها.
الباحث الإقليمي محمد الآغا، أكد أن دول الخليج العربي تقع على منطقة مهمة على المستوى الدولي، نظراً لما ما تمتلكه من قدرات اقتصادية.
وشهدت المنطقة وفق حديث الآغا لـ"الخليج أونلاين" صراعات سياسية، لذلك تعد منطقة الخليج العربي ساحة تحتمل وقوع نزاعات في أي وقت.
ويشير إلى أن منطقة الخليج تعتمد على مظلة الحماية الأمريكية، و"هو ما يجعلها تحت مرمى الاستهداف للكيانات الرافضة للإدارة الأمريكية في المنطقة".
ويوضح أنه رغم حدوث عدة نزاعات في المنطقة، وخاصة في الخليج، إلا أنها لم تصل إلى درجة الاستهداف بأسلحة الدمار الشامل، لحساسية استعمال تلك الأسلحة.
ويرى أنه في ظل التغييرات الكبيرة المتوقع حدوثها على نظام الدولي في الوضع الحالي، ومطالبة البعض بنظام متعدد الأقطاب، فإن "المنطقة مرشحة لتكون ساحة مواجهة بين أقطاب المجلس الدولي، بفرض الهيمنة على ثروات المنطقة، وإزاحة التأثير الأمريكي ونفوذه".
ويتطلب الانفكاك من النظام الأمريكي، كما يوضح الباحث الإقليمي، حدوث صراعات أخرى، قد يصل لاستخدام أسلحة الدمار الشامل نظراً لقوة الأقطاب الجديدة.