دول » دول مجلس التعاون

الجفاف يضرب دولاً أوروبية.. فما هو الحال في دول الخليج؟

في 2022/08/16

محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-

تواجه دول أوروبية خطر الجفاف ونقصاً شديداً في المياه نتيجة ارتفاع درجة الحرارة خلال فصل الصيف وزيادة الطلب على المياه، وكذلك الحال في دول الخليج التي تعمل باستمرار على تحقيق الاستدامة في المياه.

ووفق ما أعلن مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية، تعيش القارة الأوروبية حالة من الجفاف غير المسبوق هو الأسوأ منذ 500 سنة.

وسجلت فرنسا، في شهر يوليو الماضي، ثاني أعلى نسبة جفاف في البلاد بعد تلك التي سجلت شهر مارس من العام 1961، وفي إسبانيا كان العام هو الأكثر جفافاً منذ 60 عاماً.

وهذه السنة هي أكثر سنة جافة في تاريخ إيطاليا وبلجيكا، فيما أعلنت الحكومة البريطانية دخول 8 مناطق بالبلاد في حالة "جفاف حاد"؛ بسبب تسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخها.

دول الخليج هي الأخرى تعد من أكثر مناطق العالم التي تعاني شحاً في الموارد المائية، وخلو دولها من المياه السطحية الدائمة، رغم أنها أصبحت واحدة من أعلى معدلات النمو السكاني والتوسع الحضري في العالم.

ووفقاً للأمم المتحدة، تصنف جميع دول مجلس التعاون الخليجي، عدا عُمان، ضمن الدول التي تعاني "ندرة حادة" في المياه، ما يعني أن نصيب الفرد في هذه الدول من المياه المتجددة سنوياً أقل من 500 متر مكعب.

خطط خليجية

بدأت دول الخليج العمل مبكراً على مواجهة نقص المياه والجفاف، من خلال اعتماد مشاريع تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، والاعتماد على المياه الجوفية.

وتسعى دول الخليج لتحقيق منظومة الربط المائي بين دول المجلس؛ سواء أكان ذلك الربط ثنائياً بين دولتين أم ربطاً عاماً بين كل الدول الست تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون.

ويعد أداء دول مجلس التعاون الخليجي في توفير إمدادات المياه، وخاصة مياه الشرب، ممتازاً، وفقاً لدراسة أعدها مركز الخليج لسياسة التنمية في (مايو 2020)، كما يصنف ضمن الأعلى على مستوى العالم.

ويعود تميز أداء دول الخليج في توفير المياه، حسب الدراسة، إلى اقتصادها القوي ومواردها المالية والنفطية، حيث أنشئ نظام إمدادات مياه آمنة وبأسعار معقولة ومستقرة في كل دولة من دول المجلس.

وتوضح الدراسة أن جميع دول الخليج حققت ما نسبته 100٪ تقريباً من هدف التنمية المستدامة المتعلق بإمكانية حصول جميع السكان على مياه شرب مأمونة وميسورة التكلفة.

وتعتمد خطط دول الخليج، وفق الدراسة، على المياه المحلاة، كثيفة الاستهلاك للطاقة، وترتبط بتكاليف مالية وآثار بيئية عالية نسبياً.

وتبين أن عُمان والسعودية والإمارات العربية المتحدة، ذات المساحات الواسعة نسبياً والمناطق الجبلية، تتوفر على مصادر جيدة للمياه السطحية، وتبذل هذه الدول الثلاث جهوداً كبيرة لتجميع جريان المياه السطحية عن طريق بناء السدود.

وتشير إلى أن إجمال سعة السدود في تلك الدول يبلغ حوالي 2.4 مليار متر مكعب، وتخدم أغراضاً متعددة منها: منع حدوث الفيضانات، وتجميع المياه، وتغذية المياه الجوفية، والري.

وأُدخلت تقنية تحلية المياه في دول الخليج في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وقد تطورت بسرعة كبيرة لمواجهة نقص المياه الجوفية وتدهور نوعيتها لتلبية المتطلبات النوعية لمعايير مياه الشرب.

وتقول الدراسة: "تعتمد إمدادات المياه البلدية بدول الخليج حالياً في المدن الرئيسية في دول المجلس بشكل أساسي على المياه المحلاة، والتي تستخدم إما بشكل مباشر أو مخلوطة بنسب صغيرة مع المياه الجوفية".

كما تشكل مياه الصرف الصحي المعالجة في دول مجلس التعاون، وفق الدراسة، مصدراً مائياً متزايد الاستخدام، مدفوعاً بارتفاع استهلاك المياه في المناطق الحضرية.

وتبين أن جميع دول الخليج الست تقوم بتشغيل محطات معالجة حديثة بقدرات معالجة ثلاثية ومتقدمة (الحمأة النشطة ويليها تعقيم)، حيث ازدادت سعة المعالجة الإجمالية المصممة لمحطات المعالجة الرئيسية من 1.1 مليار متر مكعب/السنة في منتصف التسعينيات إلى أكثر من مليارَي متر مكعب/السنة حالياً.

وتعد معظم أنظمة الصرف الصحي في دول مجلس التعاون الخليجي أنظمة مركزية، ومع ذلك ففي السنوات القليلة الماضية بدأت بعض البلدان بالانتقال إلى النظام اللامركزي لمعالجة مياه الصرف الصحي، ويتم استخدام المياه المعالجة أساساً في الري الزراعي، سواء للزراعة الإنتاجية أو التجميلية، وفقاً للدراسة.

وتظهر الإحصائيات أن معدل الأمطار السنوي في منطقة الخليج العربي يتراوح بين 70 - 130 ملم سنوياً، باستثناء السلاسل الجبلية في الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية وجنوب سلطنة عمان التي قد يصل معدل الأمطار فيها إلى أكثر من 500 ملم. 

استراتيجية وطنية

يؤكد الخبير الدولي في المياه والطاقة، جواد الخراز، أن دول الخليج لديها استراتيجية وطنية لإدارة الموارد المائية، وتتعلق تلك الخطط والبرامج بإدارة الطلب على المياه، من خلال محطات تحلية، واستخدام المياه الجوفية، خاصة في الكويت والسعودية والإمارات، حسب المناطق بها.

ويقول الخراز، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "تم اللجوء لتحلية المياه المالحة على السواحل الخليجية، وهي من الخيارات المستخدمة بشكل كبير في دول الخليج لمواجهة شح المياه، إضافة إلى معالجة مياه الصرف الصحي، بهدف توفير المياه للزراعة".

ويضيف: "مع كل برميل بترول في سلطنة عُمان مثلاً يتم إخراج 9 براميل مياه، والسعودية مع كل برميل بترول يخرج 3 مياه، وجميعها ملوثة بالمعادن الثقيلة وتحتاج إلى معالجة".

ويبين أن دول الخليج لجأت أيضاً إلى رفع الدعم على المياه لأن معدل استهلاك المياه بها يعد الأعلى في العالم، وذلك بهدف تشجيع المواطنين على ترشيد استهلاك المياه، واستخدام تقنيات حديثة في شبكات التوزيع.

ويلفت إلى أن استدامة المياه مطروح بشكل كبير في دول الخليج، خاصة في قطر والكويت وسلطنة عُمان، من خلال تطبيق ما يسمى "رابطة المياه والغذاء" لتأمين إمدادات المياه.