طه العاني - الخليج أونلاين-
تشارك دول الخليج في فعاليات العالم باليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية، الذي أقرّته الأمم المتحدة في 29 أغسطس من كل عام، تزامناً مع ذكرى إغلاق موقع "سيميبالاتينسك" للتجارب النووية في كازاخستان عام 2010.
ويشير تقرير للأمم المتحدة إلى أنه ومنذ أول تجربة نووية في 16 يوليو 1945، شهد العالم ما يزيد على ألفي تجربة للأسلحة النووية.
وتعد أسلحة الدمار الشامل إحدى أهم المخاطر الأمنية التي تواجه المنطقة منذ ما يزيد على نصف قرن، وتعتبر المبادرات الخاصة بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية من المحاولات المهمة لمعالجة هذه المخاوف على المستوى الإقليمي.
جهود عالمية
وتؤكد المملكة العربية السعودية أهمية الجهود التي تحقق غايات إزالة الأسلحة النووية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، مبينة أن استتباب الأمن والاستقرار في أي منطقة لا يأتي عن طريق امتلاك أسلحة ذات دمار شامل.
وأعربت السعودية عن بالغ قلقها إزاء عدم امتثال إيران الكامل لالتزاماتها في اتفاق الضمانات الشاملة، وعدمِ شفافيتها مع الوكالة، ما "يهدد منظومة عدم الانتشار".
وأفادت وكالة الأنباء السعودية، في 4 أغسطس 2022، بأن مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة عبد العزيز الواصل، أعرب في كلمة خلال الجلسة العامة لمؤتمر المراجعة الـ10 لمعاهدة عدم الانتشار النووي "NPT"، عن بالغ قلق بلاده إزاء ما بينته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقاريرها عن أعمال التحققِ في إطار اتفاق الضمانات الشاملة في إيران، وعدم امتثالها الكامل لالتزاماتها في الاتفاق، وعدمِ شفافيتها مع الوكالة الدولية.
وقال إن هذا الأمر "يشكل تهديداً لمنظومة عدم الانتشار، وعقبةً في تحقيقِ مقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه المتعلقة بحفظ السلام والأمن الدوليين"، مؤكداً دعم الرياض من هذا المنطلق لـ"جميع الجهود الدولية الرامية لمنع إيران من حيازة السلاح النووي، وتهديد المنطقة والعالم".
وأوضح مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة أنه "انطلاقاً من إيمان الرياض بأن التعاون السلمي بين الدول هو من التدابير الأساسية لتحقيق الازدهار والرخاء والاستقرار في العالم، فإن المملكة تولي اهتماماً بالغاً لنظام عدم الانتشار النووي"، مشيراً إلى أن المعاهدة تعد "حجرَ زاويته بما يؤدي إلى عالمية المعاهدة والتنفيذ الكامل لأحكامها التي تهدف إلى عالمٍ خالٍ من الأسلحة النووية".
دعم قطري
وتحرص قطر على تقديم دعم كبير للمنظمة الأممية المعنية بحظر التجارب النووية بما يضمن السلام العالمي، وخلو المنطقة من تلك الأسلحة المدمرة.
وخلال لقاء جمع السكرتير التنفيذي للجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، لاسينا زيربو، مع سلطان بن سالمين المنصوري، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بفيينا، في نوفمبر 2020، أكدت الدوحة موقفها الثابت في رفض التجارب النووية غير السلمية.
وأعرب السكرتير التنفيذي للجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية عن امتنانه للدعم السخي الذي تقدمه قطر للمنظمة، وبما يساهم في تنفيذ مهامها المختلفة في نزع السلاح النووي وبما يخدم السلم والأمن في العالم.
من جانبه، أكد المنصوري حرص قطر على دعم منظمات الأمم المتحدة وبينها منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وبما يعزز الجهود الدولية الرامية لتنفيذ معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في أقرب وقت ممكن.
قلق إماراتي
وأكدت الإمارات، في 5 أغسطس الجاري، ضرورة تعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، داعية إلى القضاء التام على الأسلحة النووية، وأعربت عن قلقها حول الأوضاع في كوريا الشمالية وإيران وأوكرانيا.
جاء ذلك في بيانها، خلال المؤتمر الاستعراضي العاشر للأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وفق صحيفة الاتحاد الإماراتية.
وشاركت جامعة الإمارات بفعاليات مناهضة التجارب النووية، في 29 أغسطس 2021، حيث قالت الأستاذة المشاركة دلال مطر الشامسي: "مواكبة لالتزام الإمارات بالاتفاقيات الدولية في مجال مناهضة التجارب النووية، وحثّها المُستمرّ على اقتصار استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية، فقد حرصت الجامعة الأم في الدولة، على إرساء مبادئ تطبيق أخلاقيات البحث العلمي، والتي تشمل مناهضة التجارب النووية، واقتصار التجارب العلمية بما يضمن النفع التام للبشرية وإقصاء أية تجربة قد تحمل في طياتها احتمالاً للضرر".
البحرين وعمان
وتؤكد البحرين اهتمامها الخاص بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بوصفها حجر الزاوية في الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز نزع السلاح النووي، ومنع انتشاره، والترويج للتعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
وجاء الموقف البحريني على لسان حاتم عبد الحميد حاتم، القائم بالأعمال بالإنابة للبعثة الدائمة البحرينية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، خلال مشاركته بالمؤتمر العاشر لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، الذي أقيم في 5 أغسطس 2022.
بدوره قال السفير يوسف بن أحمد الجابري، المندوب الدائم لسلطنة عمان لدى المنظمات الدولية، إن بلاده تولي أهمية لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومن ضمنها الأسلحة النووية.
وأضاف الجابري، خلال مشاركته في الدورة الخامسة والستين للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا، الذي أقيم في 23 سبتمبر 2021، أن السلطنة "تدعم إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وتؤكد ضرورة متابعة هذا المسار بمشاركة الدول المعنية كافة... من أجل الوصول إلى عالم آمن يسوده السلام والاستقرار".
ضغوط خليجية
وتواصل دول خليجية الضغط دولياً لكي تنضم "إسرائيل" لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وجعل الشرق الأوسط خالياً من هذا النوع من الأسلحة، حفاظاً على أمن واستقرار المنطقة.
ومن المطالبات الخليجية التي صدرت مؤخراً، في 10 أغسطس 2022، بيان لدولة قطر أدلى به علي خلفان المنصوري، مدير إدارة المنظمات الدولية بالإنابة بوزارة الخارجية، أمام اللجنة الثانية للمؤتمر الاستعراضي العاشر للأطراف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وقال المنصوري إنه على مدى العقود الماضية أنشئت خمس مناطق خالية من الأسلحة النووية، مشيراً إلى أن هذه المناطق ساهمت في تعزيز الاستقرار في الأقاليم التي أنشئت فيها.
وأعرب عن أسف قطر أن "منطقة الشرق الأوسط قد بقيت بعيدة عن إنشاء المنطقة بسبب تعنت "إسرائيل" التي لم تنضمّ إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ورفضت إخضاع منشآتها النووية لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتسعى لإعاقة أي مفاوضات تمهيدية جدية لتحقيق هدف إنشاء المنطقة".
وفي المؤتمر ذاته اعتبر إبراهيم الدعي، عضو وفد دولة الكويت، في كلمة بلاده، أن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية "هدف لا تنازُل عنه"؛ لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار بالمنطقة، داعياً "إسرائيل" إلى الانضمام لمعاهدة عدم الانتشار.
وبدورها حذّرت السعودية عبر مندوبها لدى الأمم المتحدة، عبد العزيز الواصل، في 3 أغسطس 2022، من "ممارسات إيران" فيما يتعلق ببرنامجها النووي، ومخاطر عدم انضمام "إسرائيل" إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية.
تنسيق للوصول لبر الأمان
وطالب المحلل السياسي الكويتي إبراهيم دشتي بإزالة الأسلحة النووية من دول الجوار في المنطقة، خصوصاً أن هناك تسارعاً في استخدام المفاعلات النووية حتى في دول الخليج للاستخدامات السلمية، وبالابتعاد عن كل ما يتعلق بالمفاعلات النووية حتى لو كانت للاستخدام السلمي.
وصرح، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، بأنه فيما يتعلق بالموقف الخليجي فهنالك تنسيق بين دول الخليج فيما يتعلق بالاتفاق النووي بين أمريكا وإيران، إلى أن يصل الاتفاق إلى بر الأمان وألا تتجه إيران إلى نقل المفاعلات من الاستخدام السلمي إلى الاستخدام العسكري، فهذا السباق ليس من مصلحة دول الخليج.
ويؤكد دشتي أن أمن المنطقة مرتبط بخلق علاقات اقتصادية والاتجاه نحو السلمية بدلاً من سباق التسلح أو الحروب بالوكالة التي قد توصلنا إلى حروب مباشرة.
ويعتقد أستاذ السياسة الاستراتيجية المساعد قحطان الخفاجي أن اليوم العالمي لمناهضة الأسلحة النووية والانتشار النووي والتجارب النووية بالأساس "ليس للوقوف ضد التجارب النووية لذاتها أو المخاطر المحتملة، بقدر ما هو موقف سياسي للقوة التي تمتلك الأسلحة النووية لتحول دون أن يمتلك الآخرون هذا السلاح".
ويبين، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "الدول التي تمتلك النووي الآن تحد من إمكانية حصول الدول الأخرى على السلاح النووي، إلا إذا كانت تلك الدول متوافقة مع أفكارها وأهدافها أو لظروف خاصة بها تفرض حالة الامتلاك النووي".
لكن أستاذ السياسة الاستراتيجية المساعد يتحفظ بشكل كبير على احتفال الأطراف العربية بهذا اليوم، "فهي على الرغم من توافقها مع المجتمع الدولي، فإنها تنسى شيئاً أساسياً، أنها في منطقة فيها أسلحة نووية، وفي علاقات مع أطراف دولية مختلفة متقاطعة وإن ظهرت بعض التقاربات أو أنواع من التطبيع بشكل أو بآخر".
ويتابع: "هناك مثلاً "إسرائيل" نووية، وإيران في طريقها لأن تكون نووية، ومن ثم سيكون العرب هم الطرف الوحيد في المنطقة غير النوويين، علماً أن هناك فرقاً كبيراً بين امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، وامتلاكها للأغراض الحربية، فعلى الجانب العربي أن يعي هذه الحقيقة ويبدي موقفاً حقيقياً علمياً منفصلاً في اتجاه الحد من أسلحة الدمار الشامل النووي".
ويعتقد الخفاجي بأنه "لا بد من وجود ضمان وعمل خليجي متناسق تجاه الحد من السلاح النووي، حيث عليهم أولاً أن يحددوا مواقفهم بشكل متكامل ومتماثل مع أي من الأطراف التي تمتلك السلاح النووي، كما أنهم يجب أن يعطوا دالة على أن هذه الممانعة الخليجية من هذا السلاح ليس لقصور في القدرات الخليجية بقدر ما هو رغبة من الخليج في أن تكون المنطقة آمنة".