كامل جميل - الخليج أونلاين
جاء الاجتماع الـ16 للمجالس التشريعية الخليجية، الذي أقيم الأربعاء 21 سبتمبر 2022، في سلطنة عُمان، تكملة لمسيرة حافلة من الاجتماعات واللقاءات الدورية السابقة، التي أسهمت في تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، وتوحيد المواقف والرؤى في المحافل الإقليمية والدولية.
والاجتماع الأخير يترجم العلاقات الوطيدة والتواصل والتنسيق المستمر بين دول مجلس التعاون، وهو أيضاً نتاج اجتماعات وتواصل مختلف المجالس التشريعية الخليجية لتبادل الآراء والخبرات في المواقف والتحديات التي مرت بها المنطقة؛ سعياً لوحدة الصف الخليجي والوصول إلى التعاون والتكامل المنشود.
وعملت المجالس التشريعية الخليجية لسنوات طويلة من أجل المشاركة الفاعلة والبناءة في دعم مسيرة بلدانها، من خلال الانفتاح على الديمقراطية الذي لم يكن سهلاً لكنه تبلور على مر سنوات طويلة، مدعومة بمساندة الحكومات الخليجية التي تريد من هذه المجالس أن تكون داعماً حقيقياً للتنمية والبناء.
الكويت سباقة
وتعد الكويت من الدول الخليجية السباقة في العملية التشريعية، ففي أبريل 1921 تأسس مجلس استشاري استجابة لمطالب حركة إصلاحية.
وأُسست منذ بداية الثلاثينيات وحتى حصول الكويت على استقلالها أربعة مجالس تشريعية أعوام 1934 و1936 و1938 و1939، لكنها حلت كلها بعد مدة قصيرة من تأسيسها.
ومع حصولها على الاستقلال عام 1961 بدأت الكويت بإصدار دستور جديد عام 1962 وانتخاب مجلس نيابي جديد صار يعرف بمجلس الأمة.
وكان المجلس التأسيسي الذي وضع الدستور يتكون من عشرين عضواً منتخباً، و11 عضواً بالتعيين، من قيادات تنظيمات المجتمع المدني من التجار والمثقفين الذين يعود نشاط بعضهم في العمل العام إلى 1938.
وكانت هذه الخبرة التاريخية جعلت من الكويت نموذجاً متقدماً في منطقة الخليج من الناحية التشريعية.
حركة إصلاحية
دولة الإمارات العربية المتحدة شهدت حركة إصلاحية مطالبة بإنشاء مجلس تشريعي، استمر من أكتوبر 1938 حتى مارس 1939.
كانت العناصر القائمة بهذه الحركة طبقة التجار الذين اهتموا بالناحية العلمية والثقافية في إمارات الساحل آنذاك.
بدأت الحركة الإصلاحية عام 1938 في دبي بتقديم مذكرة إلى الحاكم، تضمنت مطالب عدة من ضمنها إقامة مجلس تشريعي وأن تعهد إليه السلطتان التشريعية والتنفيذية.
في 20 أكتوبر 1938 أُسس المجلس برئاسة الشيخ سعيد بن راشد آل مكتوم، وكان مكوناً من 15 عضواً، لكنه حُلّ نتيجة خلاف داخلي.
ومع حصول الإمارات على استقلالها تمكنت من صياغة دستورها في 2 ديسمبر 1971، وبموجب هذا الدستور أُسس المجلس الوطني الاتحادي عام 1971، وهو يتألف من 40 عضواً يعينهم حكام الإمارات السبع لمدة سنتين.
ومع تنامي مؤشرات الإصلاح في بعض دول الخليج أجريت أول انتخابات تشريعية في تاريخ الإمارات في ديسمبر 2006، وانتُخِب 20 عضواً للمجلس الوطني وعّين 20 آخرون.
البحرين والحركات الإصلاحية
البحرين شهدت ظهور حركات إصلاحية أعوام 1921 و1923 و1938، والأخيرة كانت الأهم إذ جمعت بين السنة والشيعة لأول مرة.
وبعد حصولها على الاستقلال في 15 أغسطس 1971، شهدت البلاد حركة دستورية انبثق منها دستور 1973، الذي نص على تشكيل مجلس وطني منتخب معظم أعضائه، وقد منح الدستور العديد من الصلاحيات للمجلس المنتخب، لكنه علق عام 1975، ثم صدر مرسوم أميري بحله.
في 6 ديسمبر 1992، أُسس مجلس شورى مكون من 40 عضواً يتم اختيارهم بالتعيين لا بالانتخاب، ويتمتع بحق اقتراح التشريعات.
وفي عام 1999 أعلنت إعادة العمل بالنظام البرلماني المكون من مجلسين، على أن يكون أحدهما منتخباً والثاني تعينه الحكومة.
ونص الدستور الجديد 2002 على أن تتكون السلطة التشريعية من مجلسين أحدهما منتخب "مجلس النواب" والآخر معين "مجلس الشورى"، بواقع 40 عضواً لكل منهما؛ لهما القدر نفسه من الصلاحيات التشريعية.
مجلسان تشريعيان
في سلطنة عمان أقر الدستور الذي أصدره السلطان الراحل قابوس بن سعيد عام 1996 وجود سلطة تشريعية مكونة من مجلسين.
الأول هو مجلس عمان المكون من مجلسي الدولة (الذي يعين السلطان أعضاءه) ومن أعضاء مجلس الشورى (المنتخبين)، وللمجلس سلطة استشارية فقط.
أما الثاني فهو مجلس الشورى الذي ينتخب أعضاؤه الـ84 عن طريق الاقتراع الشعبي، ويعين السلطان رئيسه، وسلطته محدودة، وتتمثل في اقتراح القوانين، وفيما عدا ذلك فسلطته استشارية لمناقشة ما يعرض عليه من قوانين.
معينون ومنتخبون
في أكتوبر 2021 شهدت دولة قطر إجراء أول انتخابات تشريعية تاريخية بعد أن تأجلت عدة مرات خلال السنوات التي سبقت ذلك العام.
يتألف مجلس الشورى القطري من 45 عضواً، يُنتَخب 30 منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين أمير البلاد الأعضاء الـ15 الآخرين من الوزراء أو غيرهم، وتنتهي عضوية المعينين في مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم.
تمتلك السلطة التشريعية وفقاً للدستور سلطات ثلاث: المصادقة (وليس إعداد) على الموازنة الوطنية، والرقابة على أداء الوزراء عبر التصويت على سحب الثقة، وصياغة ومناقشة والتصويت على التشريعات المقترحة، والتي تصبح قانوناً فقط بتصويت أغلبية الثلثين وتصديق الأمير.
تطور متواصل
مجلس الشورى السعودي أسس في عهد الملك عبد العزيز آل سعود (1876 - 1953) عندما أعلن توحيد المملكة العربية السعودية عام 1932، وأعلن التعليمات الأساسية التي نصت على استخدام مبدأ الشورى أسلوباً لنصح لولي الأمر، وليس للمجلس أي سلطات فعلية، بل كل ما يقدمه عبارة عن توصيات في انتظار اعتمادها من مجلس الوزراء الذي يرأسه الملك.
أخذت الشورى في عهد الملك عبد العزيز عدة أشكال، بدايتها المجالس الأهلية والهيئات الاستشارية، والمستشارون للملك واللجان المتخصصة وأهل العلم والأعيان ورؤساء العشائر، والقبائل.
ثم تلا ذلك أول تنظيم رسمي لمجلس الشورى في عهد الملك عبد العزيز باسم المجلس الاستشاري، الذي يتكون من أعضاء غير متفرغين.
ومع اتساع رقعة الدولة وزيادة الأعباء والمهمات، صدر الأمر الملكي عام 1927 بتشكيل أول مجلس للشورى، يضم أعضاء متفرغين برئاسة النائب العام للملك وثمانية أعضاء آخرين.
ورسخ الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، الذي تولى الحكم من 1982 حتى وفاته عام 2005، دعائم الشورى في المملكة، معلناً عن إقامة نظام جديد لمجلس الشورى بمنزلة تحديث لما هو قائم وتطوير له، وبما يواكب واقع العصر الذي نعيشه، ويتلاءم مع أوضاعه ومعطياته.
ومن أهم ملامح نظام مجلس الشورى الحالي، أن مهمته إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من الملك.
وفي 11 يناير 2013 أصدر الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أمراً ملكياً بتعديل نظام مجلس الشورى على أن يتكون من 150 عضواً، وأن يكون 20% منهم على الأقل من النساء، يعينهم جميعاً الملك.