دول » دول مجلس التعاون

قطر لن تدخل التاريخ وحدها.. كيف ستستفيد دول الخليج من المونديال؟

في 2022/11/18

متابعات-

من خلال جلب بطولة كأس العالم إلى منطقة الشرق الأوسط للمرة الأولى، ومع قدوم ما يقرب من مليون مشجع والمنتخبات المشاركة في هذا الحدث الرياضي، يبدو أن قطر ليست وحدها من يخطط لدخول التاريخ.

فوفقا لما نشر من تقارير أجنبية وعربية خلال الأسابيع الماضية، تستعد دول الخليج المحيطة بقطر لانتعاشة اقتصادية ستكون استثنائية في منطقة كان محركها الأساسي للنمو، ولا يزال، هو النفط. 

حتى إن مثلت الإمارات شذوذا عن تلك القاعدة، كون إمارة دبي قائمة منذ زمن طويل على التنمية السياحية والعقارية واقتصاد الخدمات، لذلك ستكون تلك المدينة أكبر المستفيدين من "المنحة الاقتصادية" للمونديال.

ووفقا لتقرير نشره موقع "يورو نيوز" ستحظى الشركات والمؤسسات في المنطقة بدفعة قوية تُسهم في تعزيز أعمالها بسبب مونديال قطر.

ويتوقع أن يسهم المونديال في تحقيق أرباح ضخمة لشركات الطيران الخليجية، وقطاعات الفنادق والمطاعم، والنقل الداخلي.

ثمار انتهاء الحصار

لذلك، كان تنظيم المونديال من أبرز أسلحة قطر التي جعلتها واثقة من انتهاء الحصار الذي بدأته ضدها دول خليجية وعربية، حيث كان التوقع هو أن تبادر تلك الدول لإنهاء الأزمة، بغض النظر عن مطالبها التصعيدية، تحت ضغوط البرجماتية الاقتصادية التي لا تزال تلعب دورها في صناعة القرار بتلك الدول، لاسيما الإمارات والسعودية.

وبالفعل، أعقب المصالحة الخليجية، والتي تم إقرارها في يناير/كانون الثاني 2021، وضع استراتيجيات في الإمارات والسعودية على وجه الخصوص، للاستفادة من مونديال قطر على النحو الأمثل، فكانت القرارات من تلك الدول بتسهيل الإجراءات الإدارية لانتقال المشجعين من قطر إليهم والعكس، خلال المباريات، ومنحتهم تأشيرات مجانية أو ميسرة تتيح لهم الحق بالمكوث لأسابيع بتلك الدول.

وكان ذلك التحرك مدفوعا بانفتاح قطر على مسألة تشاركية الفائدة، نظرا لتأكد الدوحة من عدم كفاية منشآتها الفندقية والسكنية لاستقبال كافة المشجعين، وإيمان الدولة القطرية بأهمية مبدأ تشاركية الفائدة كأفضل السبل لجعل البطولة الأشهر عالميا محمية بشكل جيد من قبل كافة المستفيدين، علاوة على تعاملها مع الأمر على أنه تجربة مشرفة للمنطقة ككل.

خطوط الطيران

في أواخر مايو/أيار الماضي، أعلنت الخطوط الجوية "القطرية"، في مؤتمر صحفي، أن نظيراتها الخليجية "تعتزم التعاون" في تنظيم خدمة يومية لحضور مباريات كأس العالم.

وشمل العرض في المؤتمر الصحفي شعارات شركة الطيران العماني والخطوط الجوية الكويتية والخطوط السعودية و"فلاي دبي".

وقال الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية "أكبر الباكر": "ستشغل فلاي دبي ما يصل إلى 60 رحلة يومية، وتنظم الخطوط الجوية الكويتية نحو 20 رحلة يومية".

وأضاف: "الخطوط الجوية العمانية تشغل حتى 48 رحلة يومية، والخطوط السعودية حتى 40 رحلة يومية كجزء من اتفاقية النقل في كأس العالم".

وأشار "الباكر" إلى أن شركة الاتحاد للطيران (إماراتية) والعربية للطيران (إماراتية)، قد تنضمان لاتفاقية لشركات الطيران الخليجية لتنظيم خدمة النقل السريع إلى قطر أثناء كأس العالم.

ولفت إلى أن شركات الطيران ستقوم بنقل المشجعين إلى الدوحة قبل انطلاق المباريات بـ5 إلى 6 ساعات، ومن ثم إعادتهم إلى الوجهة التي انطلقوا منها.

دبي أكبر الرابحين

وفقا لتقرير نشره موقع "المونيتور" في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، فإن الإمارات التي لم يتأهل منتخبها الوطني للمونديال، وخاصة دبي، على موعد متوقع لتحقيق مكاسب هائلة، إذا قصد فنادقها ومطاعمها وطائراتها المشجعين الفائضين عن الدوحة أو الراغبين في أسعار أرخص ومجتمع أكثر تساهلا.

ويقول الخبراء، إن أسعار الإقامة المرتفعة في العاصمة القطرية الدوحة وبيئة دبي الأكثر تساهلاً - بما في ذلك توافر المشروبات الكحولية على نطاق أوسع - يمكن أن تغري مشجعي كأس العام 2022 بالبقاء هناك وحضور المباريات عبر الطيران نظرا لقرب المسافة بين البلدين.

وقدر مجلس دبي الرياضي وصول نحو مليون مشجع لكأس العالم إلى الإمارة. وبالنظر إلى أن قطر تتوقع رقمًا مشابهًا، قد يكون التنبؤ طموحًا.

وتشمل المساعي الإماراتية لاستقطاب مشجعي كأس العالم، الرحلات الجوية المكوكية والنقل إلى المطار ومناطق المشجعين دون الحاجة للمبيت في فنادق قطر ذات الأسعار المرتفعة.

وإضافة لذلك، تقدم الإمارات أيضًا تأشيرات دخول متعددة مقابل رسم رمزي قدره 100 درهم (27 دولارًا) للأشخاص الذين لديهم تذاكر لمباريات كأس العالم.

السعودية

نثرت السعودية علنا تسهيلات لاجتذاب المشجعين، بوصفها دولة لديها حاليا استراتيجية للتحول إلى الاقتصاد غير النفطي ضمن رؤية 2030 المحسوبة على ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان".

لذلك، سيكون مونديال قطر نقطة انطلاق واعدة لتحقيق المملكة عددا لا بأس به من أهدافها الاستراتيجية في هذا الإطار.

ومنتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، غازلت السعودية مشجعي المونديال بالإعلان عن منحهم تأشيرات معفاة من الرسوم الإلكترونية، تتيح لهم البقاء في المملكة لـ90 يوما، شريطة حملهم بطاقات "هيا" الخاصة بالمونديال.

وبعدها بأيام، طرحت الرياض ميزة جديدة لحاملي تلك التأشيرات من المسلمين، مؤكدة أنه يمكنهم بموجبها أداء العمرة وزيارة المدينة المنورة، وهو إجراء سيغري مئات الآلاف من مشجعي المنتخبات العربية والمسلمين من مشجعي المنتخبات الأخرى للقدوم خصيصا، لتحقيق الحلم بأداء العمرة برسوم بسيطة، علاوة على الاستمتاع بمباريات المونديال.

وكدّت المديرية العامة للجوازات السعودية، أكدت جاهزيتها لخدمة المسافرين الراغبين في حضور فعاليات بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022م، ودعمت المنافذ الدولية بالكوادر البشرية المؤهلة والأجهزة التقنية الحديثة، وذلك لخدمتهم بدءًا من وصولهم حتى مغادرتهم، وإنهاء إجراءاتهم بيسر وسهولة.

الرياض تنسق لإنجاح البطولة

ليس غريبا، لهذه الأسباب، أن تحرص السعودية على التنسيق مع قطر لضمان إنجاح المونديال، وفق ما أكده رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، "ياسر المسحل"، في تصريحات، أواخر أغسطس/آب الماضي.

وأكد "المسحل" أن "هناك تنسيقاً رفيع المستوى وعملاً يتم بشكل يومي مع الأشقاء في قطر ولجنة الإرث وزيارات متبادلة بشكل أسبوعي، وكل ما نملكه من إمكانيات كسعوديين وتحديداً كجمهور واتحاد كرة قدم ستكون مسخرة للمساهمة ولو بجزء بسيط في إنجاح المحفل الكبير".

وجاءت تصريحات "المسحل" بعد أيام من تصريحات للرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم "قطر 2022"، "ناصر الخاطر"، قال فيها إن الدوحة تدرس تسيير حافلات من داخل السعودية لنقل المشجعين إلى  الدوحة ومن ثم إلى ملاعب المباريات مباشرة.

الكويت

رغم أنها لا تبدو خيارا رائجا للمشجعين، فإن الكويت تستعد أيضا لجنى ثمار المونديال، حيث رفع قطاع الفنادق في البلد الخليجي حالة الجاهزية لاستقبال رحلات يومية متوقعة من قطر، للمشجعين الباحثين عن الإقامة.

ومن المتوقع أن تنظم الخطوط الجوية الكويتية ما يتراوح بين 16 إلى 20 رحلة لنقل 1700 مشجع يوميا طوال البطولة.

كما يمكن للمنتجعات التسعة و11 فندقاً من فئة الخمس نجوم في الكويت المجاورة أن تجعلها أيضاً وجهة للمشجعين الذين لا يريدون لا يستطيعون الإقامة في قطر.

سلطنة عمان

سيكون أيضا قطاع الضيافة في سلطنة عمان مستفيدا محتملا مهما من مونديال قطر، لاسيما أن الدولة الخليجية تمتلك مقومات سياحية رائعة، نظرا لتمتعها بطبيعة خلابة.

وتخطط  عمان لإقامة مناطق ومهرجانات لجذب المشجعين خلال فترة المونديال.

وقبل أسبوعين، قالت وزارة التراث والسياحة العُمانية إن البطولة "سترفع وضع العديد من الوجهات الإقليمية"، وسيكون لها تأثير اقتصادي يتجاوز الحدث.

وفي 7 سبتمبر/أيلول الماضي، كشفت عمان عن برنامج شامل للاستعداد لمونديال قطر، عبر فريق عمل برئاسة وزارة التراث والسياحة ويضم عدة جهات حكومية منها وزارة الثقافة والرياضة والشباب وشرطة عُمان السلطانية وجهاز الاستثمار العُماني ممثلا في الشركة العُمانية للتنمية السياحية (مجموعة عمران) وشركة الطيران العُماني وشركة مطارات عُمان إلى جانب عدد من المؤسسات الداعمة للبرنامج.

وتضمنت المزايا منح السلطنة تأشيرة مجانية لحاملي بطاقات "هيا" مُعزّزة بميزة الاستخراج عند الوصول وفترة صلاحية تصل إلى 60 يومًا، كما يُتاح لحامل بطاقة "هيّا" اصطحاب عائلته من الدرجة الأولى للاستمتاع بالإقامة في سلطنة عُمان، كما سيُسمح لحامل بطاقة "هيّا" التغيير إلى تأشيرة من فئة أخرى خلال تواجده في سلطنة عُمان وفق الاشتراطات المُتبعة.

قطاع الفندقة

ووفقاً لتقرير صادر عن شركة Statista الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين، تمتلك السعودية حوالي 600 ألف غرفة لاستقبال السياح، فيما تمتلك الإمارات العربية المتحدة أكثر من 180 ألف غرفة فندقية، ويوجد في البحرين أكثر من 18 ألف غرفة فندقية لتعرضها، كما يمكن للمنتجعات التسعة و11 فندقاً من فئة الخمس نجوم في الكويت المجاورة أن تجعلها أيضاً وجهة للمشجعين الذين لا يريدون الإقامة في قطر.

يبقى أن نتابع تفاصيل هذا الكرنفال الخليجي خلال الأيام المقبلة.