يوسف حمود - الخليج أونلاين-
وجدت وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها منبوذة في قطر، من قبل العرب الذين حضروا إلى البلد الخليجي لمشاهدة مباريات كأس العالم المقامة حالياً، بعد رفضهم إجراء مقابلات معهم.
ويسلط الرفض الواسع من العرب المشاركين في المونديال لإجراء المقابلات التلفزيونية، الأضواء على التحديات الكبيرة التي تواجه طموحات إسرائيل في التطبيع مع العرب على نطاق أوسع، بعد عامين من إقامة دولتين خليجيتين- هما البحرين والإمارات- علاقات مع "تل أبيب".
ولا تعترف قطر رسمياً بـ"إسرائيل"، وتضع إقامة الدولة الفلسطينية شرطاً لذلك، لكنها سمحت برحلات جوية مباشرة من تل أبيب لحضور كأس العالم، في وقتٍ رفضت طلباً إسرائيلياً بفتح مكتب قنصلي خلال مونديال 2022، بالتزامن مع اقتراب تولي بنيامين نتنياهو رئاسة حكومة "إسرائيل".
صدمة غير متوقعة
كان مسؤولون إسرائيليون قد أعربوا عن أملهم في أن تحفز "اتفاقات أيراهام" (اتفاقيات التطبيع) مزيداً من صور التطبيع، لكن على الرغم من ذلك، باءت بالفسل محاولات مراسلي القنوات الإسرائيلية، الحصول على تصريحات من الجماهير العربية التي تحضر في مونديال قطر.
وتكتب قناة "i24 NEWS" الإسرائيلية في موقعها، قائلة: "رغم اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل فإن الشعوب ما زالت ترفض الفكرة، حيث يواجه الإعلام الإسرائيلي موجة غضب عربي لفكرة مشاركة الإسرائيليين في مونديال قطر، وصلت لحد التصادم مع فكرة التعامل مع وسائل إعلام إسرائيلية".
وتشير إلى أن "تجمعات الجماهير العربية لا تخلو من الأعلام الفلسطينية، التي يرفعها المشجعون تضامناً مع القضية الفلسطينية"، لافتاً إلى أن الجماهير التونسية رفعت خلال مباراتهم بالأمس شعار (لا للتطبيع مع إسرائيل)، فهي أكبر شريحة في قطر، إذ يصل عدد العاملين في قطر إلى أكثر من 30 ألف عامل".
كما تنقل وكالة "رويترز"، عن مراسلي الإذاعة العامة الإسرائيلية "كان" و"القناة "12" التلفزيونية الأبرز في إسرائيل، قولهم إن من قابلوهم كانوا يبتعدون عنهم.
من جانبه، قال مراسل "القناة 13" الإسرائيلية في تقرير على الهواء، إن مشجعين فلسطينيين نظموا احتجاجاً بالقرب منه، ملوحين بأعلامهم وقائلين: "ارحل".
مقاطع تغزو "تويتر"
على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، كانت مقاطع الرفض الجماهيري للقنوات الإسرائيلية قد انتشرت بشكل كبير، حيث انتشر مقطع لمالك محل قطري رفض إجراء مقابلة مع قناة إسرائيلية، ثم علق لاحقاً بالقول: "لن نخون قضيتنا فلسطين".
وفي مقطع آخر ظهر قطري حاولت قناة إسرائيلية إجراء مقابلة معه، وحين سأل وعرف عنها، غادر مباشرة دون الحديث مع المراسل.
أما "القناة 13" فحاولت إجراء مقابلة مع لبنانيين، وحين أخبرهم المراسل بأنها قناة إسرائيلية، غادروا المكان مباشرة وسألوا المراسل: "إنت شو جابك"، ورددوا قائلين: "ما في إسرائيل في فلسطين".
كما انتشر مقطع فيديو لمشجعين عرب يرفعون العلم الفلسطيني، وهم يحاصرون مراسل قناة تلفزيونية إسرائيلية، مرددين شعارات بالقول: "يلا يلا يلا .. إسرائيلي برا".
وضمن المقاطع المنتشرة، مع قناة "مكان" الإسرائيلية، كان المذيع يجري مقابلات وبجواره أحد المصريين، معلقاً بالقول: "صديق من مصر نحن هنا جئنا لنرى مباريات كرة القدم، مبسوطين"، ليسارع المصري بأخذ المايك ويقول: "نعم تحيا فلسطين".
كما تحدث مراسل قناة إسرائيلية بحرقة عما يتعرض له من هجوم من المشجعين العرب، وقال إن السعوديين تعاملوا معه بـ"إسلوب غير جيد"، ثم يدخل في جدال مع مشجع يرفع علم فلسطين، والذي قال للمراسل: إنه "لا توجد إسرائيل.. فلسطين عربية".
ردود فعل عشوائية
يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني مأمون أبو عامر، أن ما شاهده الجميع من مواقف الجماهير العربية الموجودة في قطر "مثير ولافت بشكل كبير، وهو ما يؤكد الموقف العربي الرافض للتطبيع".
ويؤكد أن ما كان لافتاً "هو أن نرى موقفاً شعبياً عربياً كبيراً من احتفال بفلسطين والهتاف لها ورفع الجماهير القادمة من السعودية وتونس ودول مختلفة، علم فلسطين".
ويضيف في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، ما تمت رؤيته "كان واضحاً بوجود اهتمام وتعاطف جماهيري مع القضية الفلسطينية، وفي مقدمته التفاعل الخليجي بشكل خاص".
وتابع: "هذا مؤشر مهم على أن هناك مواقف وردود فعل عشوائية وقوية وغير مرتبة لهذا الرفض، جميعها تؤكد أن فلسطين دولة عربية ولا اعتراف بإسرائيل".
ويرى أن ما تمت رؤيته "مؤشرات كلها تؤكد أن القضية الفلسطينية لا تزال تأخذ اهتماماً كبيراً لدى الجماهير العربية وتشكل موقفاً وطنياً وعربياً داعماً لفلسطين والشعب الفلسطيني وحقه في أراضيه رغم محاولات التطبيع".
موقف قطري بارز
ولعل الموقف القطري من أي تقارب مع إسرائيل كان لافتاً خلال المونديال، حينما جددت دولة قطر (11 نوفمبر 2022)، موقفها الرافض لأي تطبيع مع "إسرائيل"، مشيرة إلى أنه "مرتبط بحل القضية الفلسطينية".
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن مسؤول قطري لم تسمه قوله: "إن موقف قطر من التطبيع لم يتغير ولا يزال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحل القضية الفلسطينية، وضمن ذلك حل الدولتين وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرة السلام العربية".
وأعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التوصل إلى اتفاق بشأن تشغيل رحلات طيران مستأجرة مباشرة مؤقتاً بين تل أبيب والدوحة، من قبل شركة طيران حاصلة على حقوق هبوط مسبقة في قطر طوال فترة بطولة كأس العالم 2022.
وأشار رئيس الفيفا، جياني إنفانتينو، إلى أن "الاتفاق يتيح للمشجعين الفلسطينيين والإسرائيليين زيارة قطر وحضور المباريات".
وحول ذلك، أشار المسؤول القطري، لـ"فرانس برس"، إلى أنه منذ فوز بلاده بحقوق استضافة كأس العالم 2022، "أكدنا دائماً أن جميع حاملي التذاكر سيكونون قادرين على حضور المباريات في قطر".
وأكد أن "استمرار هذا الاتفاق مرتبط بعدم التصعيد الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية، سواء في القدس أو غزة أو الضفة الغربية".
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية روجت في سبتمبر الماضي، لمحادثات تجري بين الدولة العبرية ودولة قطر، من أجل فتح قنصلية إسرائيلية مؤقتة في الدوحة، خلال فترة كأس العالم، وهو ما نفته مصادر قطرية وفقاً لموقع "العربي الجديد"، مؤكدةً وصول هذا الطلب عبر الاتحاد الدولي لكرة القدم، إلا أن الدوحة رفضته.