دول » دول مجلس التعاون

عام الدبلوماسية والحياد.. 2022 حافل بالنجاحات السياسية الخليجية

في 2022/12/24

أشرف كمال - الخليج أونلاين-

كان العام 2022 حافلاً بالأحداث والتحديات العالمية الكبيرة وعلى المستويات كافة، وهو ما دفع دول الخليج لاتخاذ مواقف تكاد تكون متطابقة إزاء العديد من القضايا، فضلاً عن تفعيل التعاون المشترك في جملة من الملفات.

من حرب أوكرانيا التي ألقت بظلالها الثقيلة على الطاقة والأمن والغذاء، مروراً بتحديات تغير المناخ، وليس انتهاء بقضايا رئيسية بالمنطقة مثل فلسطين واليمن والعراق، وغيرها.

وفي خضم التحديات المتصاعدة في أنحاء العالم، كان تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني عنواناً خليجياً بارزاً خلال العام الجاري، خصوصاً مع تراجع حدة الخلافات بين دول المجلس في بعض القضايا.

حرب أوكرانيا

مثلت الحرب التي شنتها روسيا على جارتها أوكرانيا، أواخر فبراير، تحدياً كبيراً وعلى أكثر من صعيد لدول الخليج، التي اتخذت موقفاً واحداً تقريباً يرفض حل النزاعات بالسلاح.

وصوتت دول الخليج لإدانة الغزو الروسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنها لم تطبق العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة التي فرضها الغرب على موسكو.

وحافظت دول الخليج على علاقاتها بالرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فلودومير زيلينسكي، وعرضت التوسط لحل النزاع، كما تمكنت السعودية والإمارات من تسهيل صفقات تبادل أسرى بين الجانبين.

وقدمت المملكة العربية السعودية وقطر والكويت والإمارات والبحرين مساعدات مالية وإنسانية لدعم اللاجئين الأوكران، والدول التي نزحوا إليها بعيد الحرب.

وأكد الرئيسان الروسي والأوكراني قوة العلاقات مع دول مثل السعودية وقطر والإمارات.

أزمة الطاقة

على صعيد أزمة الطاقة، خاضت دول الخليج سجالات مع العديد من الدول وتصدت لمحاولات تعويض نقص الإمدادات الروسية، سواء على مستوى النفط أو الغاز.

في دولة قطر، أكبر مصدر للغاز المسال في العالم، أكدت الحكومة مراراً أنه لا يمكن لبلد واحد تعويض الغاز الروسي، ورفضت التخلي عن تعاقداتها طويلة الأمد مع دول آسيا، كما لم تستجب لطلبات دول مثل ألمانيا وبريطانيا لتوقيع عقود طويلة الأمد.

أبرمت الدوحة عقداً مدته 15 عاماً لتوريد الغاز لألمانيا، لكنها لم تطرح نفسها بديلاً لروسيا في هذه السوق، وطالب منتدى مصدري الغاز الذي استضافته الدوحة بعد شهر من الحرب، بإبعاد الطاقة عن العقوبات.

وفي سوق النفط، لم تستجب السعودية والإمارات للضغوط الأمريكية من أجل رفع معدلات الإنتاج على نحو يهوي بالأسعار، وواصلتا الالتزام بقرارات "أوبك+" الذي تلعب فيه موسكو درواً رئيسياً.

وعندما شنت الولايات المتحدة حملة إعلامية كبيرة ضد السعودية في سبتمبر، واتهمتها بدعم بوتين في حربه على أوكرانيا من خلال خفض الإنتاج، لم تقبل الرياض بتهديدات واشنطن، وأكدت أنها ستمضي قدماً في فعل ما تراه صائباً لضبط السوق، وأيدتها في ذلك بقية دول الخليج.

أزمة التضخم

كانت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العملات العالمية من خلال رفع الفائدة هي الأكبر في 15 عاماً، وبنسب وصلت إلى 4.5%، وسايرت البنوك المركزية الخليجية هذه الارتفاعات على نحو مدروس جعلها تتفادى الكثير من تبعات التضخم، وإن لم تفلت منه تماماً.

واستفادت خزائن الخليج من صعود أسعار النفط على نحو غير مسبوق، وحققت السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان فوائض مالية خلال الشهور العشرة الأولى من العام، على النحو التالي:

السعودية: 27 مليار دولار.
قطر: 21 مليار دولار.
عُمان: 3.13 مليارات دولار.
الكويت: 743 مليون دولار.
البحرين: 108 ملايين دولار.
الإمارات: 40 مليون دولار.

وفي نوفمبر، توقع صندوق النقد أن يكون للتحديات الجديدة المرتبطة بأزمة أوكرانيا وتشديد الأوضاع المالية العالمية أثر محدود على اقتصادات دول الخليج، إذ تبدو الآفاق أكثر إيجابية أمامها.

وقال إن هذه الدول ستحصل على الجزء الأكبر من العوائد المتوقعة حتى 2026 والمقدرة بـ1.4 تريليون دولار، مع توقعات سابقة بنمو ناتج دول الخليج المحلي بأكثر من الضعف إلى 6.5% خلال 2022.

وعملت دول مجلس التعاون سريعاً على تعزيز أمنها الغذائي مع تفاقم أزمة إمدادات الحبوب التي أحدثتها الحرب، فلم تعانِ أي نقص خلال 9 أشهر من الحرب.

كما أطلقت العديد من دول مجلس التعاون خططاً استراتيجية لتعزيز أمنها الغذائي محلياً ومن خلال شراكات مع دول أخرى، ومثال ذلك الشراكة التي عقدتها الإمارات مع كل من مصر والأردن والبحرين.

اليمن وإيران وليبيا وتركيا

شهد العام الجاري توافقاً خليجياً على ضرورة حل أزمة اليمن سياسياً، وقد دعمت دول المجلس الهدنة الإنسانية التي رعتها الأمم المتحدة بين أبريل وأكتوبر، وما تزال تدعم جهود إحيائها.

ودعم الخليج المجلس الرئاسي الجديد الذي تولى زمام السلطة في أبريل بدلاً من الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما دعم الجهود التي يبذلها المبعوثان الأممي يانس غروندبرغ، والأمريكي تيموثي ليندركينغ، لحل الأزمة.

وعلى صعيد الملف النووي الإيراني، أكدت دول المجلس خلال العديد من القمم، بينها مع أمريكا والصين، وحتى خلال القمة الخليجية الأخيرة، على ضرورة التزام طهران بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة، والإبقاء على سلمية برنامجها.

وأكدت هذه القمم ضرورة تعزيز التعاون الأمني ووقف الممارسات الإيرانية وتسيلح الميلشيات وعدم المضي قدماً في امتلاك سلاح نووي. كما أكد وزير خارجية السعودية، في ديسمبر، أن دول المنطقة ستعمل على تعزيز أمنها في حال امتلك الإيرانيون قنبلة نووية.

واحتضنت الرياض، في ديسمبر، 3 قمم مماثلة مع الصين بحضور الرئيس شي جين بينغ، وهي القمم التي أكدت ضرورة ترسيخ العلاقات مع الجانب الصيني على الصعد كافة.

كما نأت دول الخليج بقوة خلال العام الجاري عن الأزمة الليبية، ودعمت الخارطة السياسية الأممية لحل النزاع وما تزال، ولم تعد ليبيا ساحة للحرب بالوكالة كما كانت في سنوات مضت.

حتى العلاقات مع تركيا تطورت بشكل كبير خلال العام الجاري، حيث نجحت أنقرة في إحياء علاقاتها مع أبوظبي والرياض، ومضت الأطراف قدماً في طريق تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي، بعيداً عن الخلافات السياسية القديمة.

قضية فلسطين

وفيما يتعلق بقضية فلسطين كررت دول الخليج خلال العام الجاري أكثر من مرة تمسكها بحل الدولتين ووقف الاعتداءات التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين.

ودان مجلس التعاون بالإجماع مقتل مراسلة قناة "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال، في مايو الماضي، ودعت دول مثل قطر والكويت والسعودية مراراً لوقف اقتحامات المسجد الأقصى.

وكانت السعودية خلال العام الجاري مقراً للعديد من القمم المهمة حيث استضافت قمتين عربية أمريكية وأخرى أمريكية خليجية منتصف يوليو بحضور الرئيس جو بايدن.

ولاقت محاولات التطبيع التي تسعى دولة الاحتلال لتوسيعها صدّاً كبيراً خلال العام الجاري، وقد تمثل هذا الصد في تأكيد السعودية، في يوليو، عدم وجود أي تعاون حالي أو مستقبلي مع الجانب الإسرائيلي على أي صعيد.

كما عكس الرفض الشعبي الجارف لوجود الإسرائيليين في مونديال قطر لكرة القدم، ورفع أعلام فلسطين في الشوارع والملاعب، حقيقة أن القضية حية لم تمت وأن اتفاقات التطبيع حتى مع مصر والأردن لم تغير نظرة العرب لـ"إسرائيل"، حسب ما أكدته "يديعوت أحرونوت" تعليقاً على أحداث المونديال.