متابعات-
يوم الأربعاء المقبل 1 فبراير 2023، سيدشن الدبلوماسي الكويتي جاسم البديوي مهامه كسابع أمين عام لمجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه عام 1981.
وسيغادر مواطنه وسلفه نايف الحجرف منصبه بعدما أمضى ولايته الأولى (2020 - 2023)، دون التجديد له، في سابقة بتاريخ المجلس، لكن سيذكر على الدوام أنه في عهده ساهم بإنجاز المصالحة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة وقطر من جهة أخرى، في قمة العلا التي أقيمت بالسعودية يناير 2021، وكانت أعنف أزمة سياسية هزت المجلس منذ تأسيسه.
وفي بيان له رحب الحجرف بالأمين العام الجديد، متمنياً له التوفيق والنجاح في أداء المهام والمسؤوليات الموكولة إليه.
كما أشاد الأمين العام المنتهية ولايته بـ"المسيرة الدبلوماسية الكبيرة لجاسم البديوي"، معتبراً أنها ستساهم في "تعزيز مكانة مجلس التعاون الإقليمية والدولية، والحفاظ على مكاسب المجلس التي تحققت، والعمل نحو مزيد من المكتسبات والمنجزات لخدمة دوله الأعضاء وأبناء مجلس التعاون".
من هو جاسم البديوي؟
والأمين العام لمجلس التعاون الجديد من مواليد دولة الكويت عام 1968، وحصل على درجة دبلوم في الدراسات الدبلوماسية من جامعة أوكسفورد البريطانية، وبكالوريوس إعلام من جامعة يوتاه الأمريكية.
وسبق أن شغل عدة مناصب دبلوماسية، أبرزها سفير الكويت لدى الولايات المتحدة بين أغسطس 2022 ومطلع العام الجاري، قبل أن يترك المنصب تمهيداً لتعيينه في منصبه الجديد.
كما سبق أن عمل سفيراً غير مقيم لدى لوكسمبورغ ورئيس بعثة الكويت لدى الاتحاد الأوروبي بين 2017 – 2022، ورئيس بعثتها لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو) بين 2016– 2022، وسفيراً لدى كل من بلجيكا بين 2016 – 2022، ولدى كوريا الجنوبية بين 2013 - 2016.
وحصل أيضاً على عدة جوائز دولية مرموقة، منها "جائزة التميز لعام 2014 من الجمعية الآسيوية مركز كوريا" عام 2015، وجائزة أفضل سفير من البرلمان الكوري في عام 2014.
ما التحديات التي تنتظره؟
وسيكون على الأمين العام الجديد أن يكمل مهام الحجرف والتحديات، خاصةً السياسية والاقتصادية الراهنة والتي خلفتها تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وسبق أن أكد الحجرف أن "مجلس التعاون يواجه تحدياتٍ فرضها الجوار الجغرافي وتُغذيها الأيديولوجيات المتباينة، وتتداخل فيها مصالح دول العالم، وتحكمها تفاهمات النظام العالمي والمنافع المتبادلة".
وفي كلمة له بمناسبة الذكرى الـ40 لإنشاء مجلس التعاون الخليجي، (الثلاثاء 25 مايو)، شدد الأمين العام السابق، على أن "المجلس سيبقى قوياً بالحق في مواجهة تلك التحديات، محافظاً على منجزاته وساعياً لصون أمنه، وعاملاً على تعزيز استقراره".
وحول أولويات المجلس في عقده الخامس، أوضح الحجرف أن "التكامل الاقتصادي يجب أن يكون على قائمة أولويات العمل الخليجي المشترك في العقد الخامس من عمر المجلس".
ومن أبرز المشاريع والقرارات التي اتفق عليها مجلس التعاون الخليجي، ولم يتم تنفيذها خلال السنوات الماضية، مشاريع اقتصادية عدة عالعملة الموحدة، وتعزيز التكامل العسكري بين دول المجلس.
لكن المجلس أقام سوقاً اقتصادية مشتركة في العام 2008، مما أتاح حرية نقل البضائع دون جمارك، والمساواة التامة بين مواطني دول المجلس في العمل بالقطاعين الحكومي والخاص.
استكمال خطط المجلس
الكاتب والمحلل السياسي، عايد المناع، يؤكد أن "أمين عام مجلس التعاون ممثل للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج، ويعمل ما يقرره قادة دول الخليج".
ويقول المناع في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "من أبرز الملفات الخليجية التي تنتظر جاسم البديوي، استكمال مشاريع التواصل والتعاون الخليجي، والتبادل التجاري والسوق المشترك، وحل بعض الخلافات الخليجية".
كما يوضح أن "من أبرز القضايا الإقليمية التي تنتظر البديوي، إيران والتوترات الجديدة في المنطقة، خاصة مع الحديث عن إمكانية اندلاع حرب بين طهران و"إسرائيل".
وبيّن أن البديوي له "قدرات جيدة ودبلوماسي عريق، وقد ينجح في قضايا التفاوض بالملفات التي تكون أمامه، إضافة إلى أنه سيكون على قدر من المسؤولية في المنصب الذي يديره حالياً، واستكمال ما تبقى من الفترة الزمنية للكويت في منصب أمين عام مجلس التعاون".
وشدد المناع على أن "الأمين العام الجديد سيحمل الصورة الكويتية التي تقوم على الدبلوماسية والحوار والتهدئة، وصورة الدراماتيكية لدول الخليج مع المحيط العربي والعالمي".
تعزيز العلاقات الدولية
من الأمور التي يمكن أن يسهم بها الأمين العام الجديد للمجلس، تعزيز العلاقات الخليجية مع الأطراف الدولية المختلفة.
فالحياة الدبلوماسية الطويلة لجاسم البديوي ستجعل من مهامه الدولية أمراً يسيراً، خاصةً تعزيز الشراكة الاستراتيجية الأوروبية الخليجية.
ومنتصف العام الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي تأسيس شراكة استراتيجية بين دوله الـ27 وبلدان مجلس التعاون الخليجي، للتعاون في مجال الطاقة والتحول الأخضر وتغير المناخ، إضافة إلى التجارة والتنويع الاقتصادي والاستقرار الإقليمي والأمن العالمي والتحديات الإنسانية والإنمائية.
وفي سبتمبر 2022، عيَّن الاتحاد الأوروبي ممثلاً خاصاً لدى الخليج لمواصلة تعزيز التعاون الوثيق وتعزيز العلاقات بين الجانبين.
وتريد دول أوروبا الاستفادة من الثروات الخليجية لتعزيز التجارة البينية وجذب مزيد من الاستثمارات الخليجية إلى أراضيها، ما سيحقق لها انتعاشاً كبيراً في ظل ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض السيولة وتراجع قيمة عملة اليورو أمام الدولار وصولاً إلى أقل من نقطة التعادل خلال فترة وجيزة، قبل أن يعاود ارتفاعه قليلاً.
والاتحاد الأوروبي من أكبر الشركاء التجاريين للدول الخليجية، وتربطه بها علاقات تجارية وثقافية واقتصادية استراتيجية ومتينة.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لدول الخليج بعد الصين، حيث يمثل 12.3% من إجمالي تجارة السلع لدول الخليج مع العالم في عام 2020، و7.8٪ من واردات الدول الخليجية تأتي من الاتحاد الأوروبي.
وفي عام 2020، كان الاتحاد الأوروبي رابع أكبر شريك تصدير لدول الخليج، حيث توجهت 6.9% من صادرات الدول الست إلى دول الاتحاد.
وعلى الصعيد الآسيوي، تشهد العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) مرحلة جديدة من النمو، خاصة في السنوات الأخيرة؛ حيث تضاعفت التجارة بين الجانبين، ما جعل الـ"آسيان" من أبرز الشركاء التجاريين لدول مجلس التعاون.
وأثمر تحول دول الخليج إلى آسيا عقد شراكات استراتيجية مع دول كبيرة في المنطقة، من بينها الصين والهند، لكن العلاقة الخليجية مع دول رابطة "آسيان" لا تزال دون المستوى المنشود، ويمكن أن تساهم خبرة الأمين العام للمجلس الجديد في النمو بها.
وتستحوذ دول جنوب شرقي آسيا على 4% فقط من إجمالي صادرات دول الخليج خلال السنوات الخمس نفسها، أي ما يعادل 126 مليار دولار أمريكي، وكان الجزء الأكبر منها من النفط الخام 43%، والبوليمرات البلاستيكية 20%.