دول » دول مجلس التعاون

فتح سفارات وتنسيق دائم.. استقرار متواصل لـ"البيت الخليجي"

في 2023/04/20

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

على مدار أكثر من عامين ومنذ قمة العلا بالسعودية مطلع عام 2021، شهدت دول مجلس التعاون الخليجي ديناميكية دبلوماسية نشطة، سواء في إطار العلاقات البينية بين أعضائها أو لجهة التفاعلين الإقليمي والدولي.

وتظهر التحركات المتسارعة في حلحلة الخلافات الداخلية بين دول المجلس الخليجية، أنها تأتي في إطار توجه عام يتسم بخفض التصعيد بعد تأزم داخلي وخارجي لسنوات، كان أبرزه حدة الخلافات مع قطر، والتوتر الذي شهدته العلاقات البينية كما في حالة عُمان والإمارات.

وتتجه دول الخليج حالياً لتجاوز خلافات الماضي، وطي صفحة النزاع الخليجي - الخليجي، ومحاولة التركيز على تهدئة الأجواء الداخلية، كما هو الحال في التقارب القطري مع البحرين والإمارات، والمضي نحو استقرار البيت الخليجي.

آخر الملفات

مع تسارع الأحداث في المنطقة، بدا أن دول الخليج تمضي نحو تصفير مشكلاتها الداخلية وبمحيطها، وهو ما برز مؤخراً بإعلان انتهاء آخر الملفات الخليجية العالقة على خلفية أزمة عام 2017، من خلال استئناف الدوحة والمنامة علاقتهما الدبلوماسية (18 مارس).

ولعل الإعلان القطري البحريني باستئناف العلاقات وقرب فتح السفارات، جاء بعد تحركات متسارعة خلال العام الجاري، في إطار حل الخلاف بين الجانبين، حيث أكد ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، نهاية يناير الماضي، أهمية العمل على حل كل القضايا والمسائل بين بلاده وقطر.

وقبل ذلك بأيام، أجرى ولي عهد ملك البحرين، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، اتصالاً بأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أكد خلاله ضرورة حل المسائل العالقة بين البلدين استناداً إلى علاقتهما الأخوية.

وعقدت لجنة المتابعة القطرية – البحرينية اجتماعها الأول في فبراير الماضي، في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بالرياض؛ وذلك من أجل بحث إنهاء الأمور العالقة بين البلدين.

وفي نفس الفترة أيضاً، جمع مقر مجلس التعاون الخليجي في الرياض وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ونظيره البحريني عبد اللطيف الزياني، حيث اتفقا على وضع الآليات والإجراءات اللازمة لإطلاق مسار المباحثات على مستوى اللجان الثنائية لإنهاء الملفات الخاصة المعلقة بينهما.

وكان أغسطس من العام 2022، قد شهد لقاءً جمع أمير قطر مع العاهل البحريني للمرة الأولى منذ إنهاء الأزمة، على هامش "قمة جدة للأمن والتنمية".

التقارب القطري الإماراتي

وكما هو الحال مع البحرين، فقد تحسنت العلاقات بين قطر والإمارات تدريجياً، حتى الـ18 من أبريل الجاري، حينما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن إعادة فتح السفارات مع الإمارات قد تكون "خلال أسابيع".

وشهدت العلاقات القطرية - الإماراتية تطورات ملحوظة خلال العامين الماضيين، حيث تبادل الجانبان التصريحات الودّية والزيارات الدبلوماسية، وكان من أبرزها زيارة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد إلى قطر في ديسمبر من العام الماضي، هي الأرفع لمسؤول إماراتي منذ 2017.

وفي مايو الماضي زار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الإمارات، لتقديم العزاء بالرئيس الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، فيما استقبل أمير قطر، في يونيو الماضي، مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد، وبحثا العلاقات الثنائية وعدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

كما شارك أمير قطر في اللقاء الذي دعا له الرئيس الإماراتي بحضور عاهل الأردن ونظيره البحريني وسلطان عُمان والرئيس المصري، في يناير 2023.

وفي مارس الماضي، وتعبيراً عن تطور العلاقات بينهما، أعلن الرئيس الإماراتي سحب ملف بلاده ودعم ملف ترشح دولة قطر لاستضافة الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي لعام 2026.

السعودية وقطر

وتشهد العلاقات السياسية والاقتصادية بين قطر والسعودية تطورات كبيرة منذ إعلان المصالحة الخليجية في يناير 2021، حيث تزايدت أواصر التقارب في الآونة الأخيرة.

كما زار أمير قطر السعودية أكثر من مرة، بعضها رسمية بدعوة من العاهل السعودي، فيما زار الأمير محمد بن سلمان الدوحة لحضور حفل افتتاح بطولة كأس العالم.

وإلى جانب ذلك، عقدت عدة اجتماعات بين الجانبين، في الجانب العسكري والاقتصادي والاستثماري وفي القضاء والبرلمان، وغيرها من الجوانب المختلفة.

كما واصلت لجنة المتابعة القطرية السعودية، المنبثقة عن القمة الخليجية (يناير 2021)، سلسلة اجتماعاتها لبحث الملفات العالقة، حيث عقد 12 اجتماعاً خلال أقل من عامين، كان آخرها في سبتمبر من العام الماضي.

عُمان والسعودية والإمارات

وحدثت توترات مكتومة بين عُمان والسعودية من جهة، وبين عمان والإمارات، من جهة ثانية في بعض الخلافات، لتأتي سياسة السلطان هيثم بن طارق فتعيد العلاقات تدريجياً، والتي كانت بدايتها بزيارة سلطان عُمان للرياض (يوليو 2021)، هي الأولى منذ 10 سنوات.

وكان اليمن خلال السنوات الماضية سبباً لزيادة الخلافات بين البلدين لأسباب عدة، حيث يحتفظ العمانيون باتصالات مع الحوثيين؛ إضافة إلى نفوذ في المناطق الحدودية اليمنية (المهرة) الملاصقة للسلطنة.

أما الإمارات فيرجع الخلاف مع السلطنة إلى عهد السلطان "قابوس بن سعيد"؛ حيث كان يُزعم أن جواسيس الإمارات تمكنوا من التسلل إلى أعلى الرتب في الإدارة العمانية قبل أن يتم الكشف عنهم، في عام 2019، من قبل أجهزة مكافحة التجسس بالسلطنة، ما تسبب في أزمة بين الجانبين وتوقف التعاون الاستخباراتي بين الجانبين.

لكن زيارة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد لسلطنة عُمان، في 27 سبتمبر الماضي، في أول زيارة خارجية له عقب توليه الرئاسة، وتوقيع 16 اتفاقية في مختلف المجالات، كسر الجمود بين البلدين، وفتح طريقاً نحو تحسن العلاقات بين البلدين.

كما استأنفت السعودية والكويت اتفاقهما حول المنطقة المقسومة بين الجانبين لإنتاج النفط، بعد توقف الإنتاج من 2014 – 2019، كما وقعتا في ديسمبر 2021 مذكرة تفاهم تضمنت استئناف ضخ النفط من حقلي الخفجي والوفرة، وتسهيل عمليات الدخول والخروج إلى المنطقة البرية.

اتفاق على ملفات

على المستوى العربي والدولي، كانت دول الخليج تقف جنباً إلى جنب في مواجهة التحديات والتوصل إلى اتفاقيات دولية، فقد كان الاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر والعراق، منتصف أبريل 2023، مفتاحاً لتدارس قضية عودة سوريا للجامعة العربية، والقضية الفلسطينية.

كما تعد قمة "جدة للأمن والتنمية"، التي عقدت في الرياض بمشاركة زعماء دول الخليج، (يوليو 2022) خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مفتاحاً لتفاهم خليجي حول رؤية مشتركة عن علاقات دول المجلس بالولايات المتحدة.

وكما هو الحال مع واشنطن، فقد عقدت قمة خليجية صينية بمشاركة قادة دول الخليج، خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للرياض (ديسمبر 2022)، والتي اتفق خلالها قادة الخليج على تعزيز العلاقات مع الصين.

وفي الحرب الأوكرانية، ترفض الدول الخليجية وبشكل مشترك الوقوف إلى جانب طرف في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، على الرغم من الضغوط الأمريكية التي مورست عليها للوقوف ضد روسيا، ورأت أن الحوار هو الحل الأبرز لإنهاء الحرب، واعتبرت نفسها في حياد تام، وهو واحد من أبرز المواقف التي اتفق عليها قادة الخليج ضمن المواقف الدولية.