دول » دول مجلس التعاون

شرق أوسط متغير.. تراجعت واشنطن فبحث حلفاؤها عن توازن جديد

في 2023/05/29

علي علاوي | المركز الدولي للدفاع والأمن -

مع تراجع اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، يبحث حلفاؤها في المنطقة عن توازن اقتصادي وسياسي جديدة عبر تحالفات متغيرة، حيث يتشكل نظام جديد من الضرورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفقا لعلي علاوي في مقال بـ"المركز الدولي للدفاع والأمن" (ICDS) ترجمه "الخليج الجديد".

وأضاف علاوي أنه "عندما شنت روسيا غزوا واسع النطاق لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، توقع العديد من المعلقين في الغرب أن يكون حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هم اللاعبون الرئيسيون في تشديد العقوبات الغربية على روسيا".

واستدرك: "ولدهشة الغرب، لم يحافظ شركاء الولايات المتحدة في المنطقة، وبينهم السعودية والإمارات وتركيا، على مواقفهم المحايدة فحسب، بل بدأوا أيضا في تعزيز علاقاتهم الاقتصادية والسياسية بشكل ديناميكي مع القوى الشرقية (المنافسة للولايات المتحدة): الصين وروسيا".

وتابع أن "الصين أدهشت العديد من المحللين عندما توسطت في اتفاقية تاريخية لإعادة تنشيط العلاقات بين خصمين إقليميين رئيسيين، السعودية وإيران، في مارس/آذار 2023".

وأردف: "وفي 29 مارس/آذار من ذلك الشهر، انضمت السعودية كشريك حوار في منظمة شنغهاي للتعاون، الكتلة الأمنية التي تقودها الصين، كما مُنحت دول شرق أوسطية أخرى مثل مصر وإيران (أصبحت عضوا) وقطر صفة مراقب أو شريك حوار بالمنظمة، وتسعى تركيا بشغف للانضمام إلى الكتلة حيث يحاول الرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان إقامة شراكات خارج (حلف شمال الأطلسي) الناتو".

ولفت علاوي إلى أن "حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي يتمتعون بأهمية حاسمة بالنسبة لأساسيات أمن الطاقة في بكين".

وزاد بأن "حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط باتوا ينظرون إلى بكين ليس فقط كشريك تجاري موثوق به، ولكن أيضا كضامن أمني محتمل يوفر لهم نفوذا في مواجهة واشنطن".

ورجح أن "تظل الولايات المتحدة الراعي الأمني الرئيسي لحلفائها في المنطقة، لكن المبادرات الجديدة بالشرق الأوسط تجاه الصين والقوى العالمية الأخرى تعني أن واشنطن لن تكون الجهة الأكثر جذبا للمنطقة بالنسبة لتبني التكنولوجيا والتطلعات الاقتصادية".

نشاط روسي

و"مع ذلك، فإن رغبة حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة في تنويع شراكاتهم الاقتصادية والسياسية لا تقتصر على الصين، ففي 6 أبريل/نيسان 2023، رست الأدميرال جورشكوف في ميناء جدة بالسعودية، لتصبح أول زيارة لسفينة حربية روسية إلى المملكة"، بحسب علاوي.

وأضاف أن "تركيا، العضو الشرق أوسطي الوحيد في الناتو، مترددة في المشاركة في العقوبات الغربية ضد روسيا، بل إنه منذ بدء الحرب، ازدهرت تجارة تركيا مع روسيا".

ورأى علاوي أن "موسكو تحاول أيضا اتباع خطى بكين في المنطقة، وأصبحت بالفعل الشريك الرئيسي لأنقرة في جنوب القوقاز، وفي أبريل/نيسان الماضي استضاف الكرملين محادثات رسمية تهدف إلى التقارب بين (الجارتين) تركيا وسوريا".

زواج مصلحة

على الجانب الآخر من العملة، وفقا لعلاوي، "يوجد تصور مشترك بين العديد من المعلقين الغربيين بأن إيران وروسيا حليفان أيديولوجيان قويان، لكن التطورات على الأرض أكثر تعقيدا، وعلى الرغم من وجود فترات من التعاون الاقتصادي والعسكري الوثيق، إلا أن العلاقة بين البلدين ليست رومانسية".

ووصف العلاقة بين روسيا وإيران بأنها "زواج مصلحة وليس تحالفا رسميا، أي شراكة براجماتية وليست تحالفا أيديولوجيا. وعلى الرغم من العمل معا في قضايا مختلفة مثل دعمهما لنظام (بشار) الأسد (في سوريا)، لكن طهران وموسكو منافسان محتملان في سوق الطاقة العالمي".

وأردف: "بعد انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي مع إيران) في ظل إدارة (الرئيس السابق دونالد) ترامب وعلى خلفية تردد الرئيس (الحالي جو) بايدن في إعادة الانضمام إلى الصفقة، كانت إيران تغازل روسيا، مثلا، بإمدادات من الطائرات بدون طيار عالية التقنية".

توازن جديد

علاوي تطرق أيضا إلى الإمارات بقوله إنه "على الرغم من أنها تضع نفسها كلاعب إقليمي محايد، فقد اشتبه الغرب بخرقها العقوبات (على روسيا) وضغط عليها للتوقف".

وتابع أن "الإمارات برزت كوجهة مفضلة للأثرياء الروس الذين يبحثون عن أماكن بديلة لإيواء أصولهم، وتعمل بحماس هي والسعودية على نقل اقتصاداتهما إلى ما هو أبعد من الهيدروكربونات (النفط والغاز الطبيعي)، وهكذا سعى كلاهما إلى التعاون مع البلدان التي يمكن أن تساعدهما في تنويع دخولهما".

واعتبر أن "ما نشهده هو تحول تدريجي في الديناميكيات السياسية والاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء المنطقة، كانت الولايات المتحدة تحول تركيزها إلى المحيطين الهندي والهادئ (لمواجهة نفوذ الصين المتصاعد)، وبالتالي خلقت فرصا جديدة لحلفائها في الشرق الأوسط".

وأردف علاوي: "ومن المفارقات، تحقيقا لهذه الغاية، تتبع كل من الدول المسماة بالصديقة وغير الصديقة في المنطقة سياسات مماثلة عبر التنويع وبناء علاقات جديدة مع مجموعة من الشركاء العالميين: الصين والهند والبرازيل وروسيا".

وخلص إلى أن "دول الشرق الأوسط تعيد تحديد مصالحها ضمن السياق الأوسع لأوراسيا الكبرى، فهم يستكشفون إمكاناتهم الاقتصادية ويصلون إلى توازن اقتصادي وسياسي جديد، وقد يستغرق هذا التوازن الجديد بعض الوقت حتى يتحقق، لكن جار أوروبا، الشرق الأوسط، يتحرك بالتأكيد في هذا الاتجاه".