متابعات-
مع قرب حلول عيد الفطر السعيد ووداع المسلمين لشهر رمضان المبارك، تثار سنوياً مسألة يكثُر الجدل فيها حتى يومنا هذا، حول كيفية إخراج زكاة الفطر التي تعد فرضاً على كل مسلم.
وفُرضت زكاة الفطر في السنة الثانية للهجرة، وهي السنة التي فُرض فيها الصيام، وتعد واجبة على كل مسلم ومسلمة، والحكمة من وجوبها تتمثل بقول النبي صلى الله عليه وسلم، إنها "طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين".
وتختلف هذه الزكاة عن غيرها؛ لكونها متعلقة بالأبدان، وتجب على كل مسلم يملك قوت يومه ومن تلزمه نفقته، في حين أن زكاة المال تجب على من يملك النقود، ويُشترط لوجوبها النصاب والحول وغير ذلك. أما الصدقات فهي ليست واجبة، وتُعطى للمحتاج بهدف التقرب من الخالق، ولها فضائل عديدة في الدنيا والآخرة.
وتجدد الجدل في هذا العام عقب حديث المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبد الله بن محمد المطلق، عن جواز إخراجها نقوداً.
إخراج الزكاة نقوداً
وذكر "المطلق" في برنامج "الجواب الكافي" على قناة المجد، في إجابته عن حكم إخراج زكاة الفطر مالاً، الجمعة 5 أبريل، أن غالب لجان الفتوى في العالم الإسلامي تجيز إخراج زكاة الفطر نقوداً.
وأضاف: إن "جواز إخراجها قيمة رُوي عن بعض الصحابة، وعن الخليفة الأموي والراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز، واختاره الإمام البخاري، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة، ورواية للإمام أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان ذلك فيه مصلحة، والمصلحة في هذا العصر الآن ظاهرة".
وأوضح أن "الفقير لا يريد الأرز وإنما يريد مالاً، ونحن نعلم علم اليقين أن الأرز الذي نعطيه الفقراء كزكاة للفطر يوم العيد، لا يأكله؛ لتوافره في منزله من قبل الجمعيات"، مشيراً إلى "اختلاف الفقر في هذا الزمن عما كان عليه في زمن النبي".
كما لفت إلى أن إعطاء الزكاة مالاً أنفع للفقير في هذا الزمن، مؤكداً: "كلنا نريد الخير للفقير".
تُخرج من جنس طعام
عقب ساعات من حديث "المطلق"، خرج مفتي السعودية رئيس هيئة كبار العلماء، رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، ليردَّ على هذه المسألة.
وقال مفتي المملكة، السبت 6 أبريل، إن إخراج صدقة الفطر نقوداً لا يجزئ، لأن ذلك مخالف لسنَّة رسول الله والخلفاء الراشدين الذين كانوا يخرجونها من الطعام.
مفتي المملكة أضاف: إن "زكاة الفطر تُخرَج من جنس طعام الآدميين من البُرِّ والأرز والزبيب والأَقِط وغير ذلك، وهي تجب على المسلم في المكان الذي يدركه فيه غروب الشمس في آخر يوم من رمضان، كما يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين".
وتابع: "يمكن البدء في إخراجها من يوم 28 رمضان أو الـ29 من الشهر الفضيل، ويجب أن تسلَّم صدقة الفطر إلى أيدي الفقراء المحتاجين، أو تُعطى لمن وكل إليهم تسلُّمها".
وأردف: "لقد شُرعت صدقة الفطر على عموم المسلمين، ذكورهم وإناثهم؛ كبارهم وصغارهم؛ وأحرارهم وعبيدهم، صاعاً من طعام، لما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي عنهما، قال: فرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على الصغير والكبير؛ والذكر والأنثى؛ والحر والعبد من المسلمين". والصاع في زمننا الحالي يقدَّر بنحو 3 كيلوغرامات تقريباً.
جدل واسع
حديث المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء، الدكتور عبد الله بن محمد المطلق، والفتوى الصادرة عن مفتي المملكة، تبعهما جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، بين أوساط المتابعين.
وقال أحد مستخدمي منصة "إكس" ويدعى "سعيد محمد الفاضل": إن "الزمان والمكان ومتطلبات الناس تحدد نوع زكاة الفطر، طعاماً أو مالاً. السلفيون والحنابلة الذين كانوا يصرون على دفع زكاة الفطر طعاماً، أجازوا إخراج زكاة الفطر نقوداً. من يومين، الشيخ عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية، أفتى بإخراج زكاة الفطر نقوداً".
أما من أطلق على نفسه اسم "الحاج أبو عمرو أحمد علي"، فقد قال: إنه "لا يصح إخراج زكاة الفطر مالاً، لأن النبي سماها: (طُعمة)"، مضيفاً أنَّ أي قول غير ذلك يعدُّ "مخالفةً صريحةً للأمر الشرعي".
في حين قال أحد المتابعين: "الناس التي تريد أن تخرج الزكاة مالاً، تخرجها بنيَّة الصدقة وتخرج زكاة الفطر أرزاً اقتداءً برسول الله".