الخليج أونلاين-
بخطى ثابتة تسير دول الخليج في مشروع اعتماد برنامج المدن الصحية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، والذي يسعى لتأسيس نموذج عن الحياة المستقبلية، وتهيئة الظروف للأجيال القادمة.
وتشهد "المدن الصحية" نجاحات في الشرق الأوسط، وتحديداً في الدول الخليجية، التي تولي أهمية كبيرة للقطاع الصحي.
ومع نهاية العام 2023، شارك عدد كبير من المسؤولين وممثلو 15 دولة، في مؤتمر المدن الصحية لإقليم الشرق المتوسط، بالعاصمة القطرية الدوحة، والذي انضم له 1300 شخص من خلال تقنيات الاتصال عن بعد، لمناقشة مبادرة "المدن الصحية" وانعكاسها على الصحة والرفاهية وتحقيق الاستدامة.
ما "المدن الصحية"؟
في عام 1986 أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة عالمية تحت اسم "المدن الصحية"، بهدف وضع الصحة على رأس جدول الأعمال الاجتماعي والسياسي للمدن من خلال تعزيز الواقع الصحي والإنصاف والتنمية المستدامة بالابتكار.
وينص تعريف المنظمة العالمية للمدن الصحية على أنها تلك التي تعمل باستمرار على إعداد وتطوير بيئة طبيعية واجتماعية، وعلى تعريف سكانها بكيفية تنمية موارد مجتمعهم ودعم بعضهم بعضاً في تنفيذ جميع أنشطة الحياة.
إنجازات غير مسبوقة بقطر
تتويجاً للجهود الكبيرة من جميع قطاعات الدولة، والذي تم تحقيقه في إطار زمني قصير وفق ما ذكرت وزيرة الصحة القطرية حنان الكواري، تم اعتبار قطر أول دولة تحصل جميع بلدياتها على لقب "المدينة الصحية" من منظمة الصحة العالمية عام 2022.
ودأب القطاع الصحي على تعزيز نظامه الداخلي وترقيته تحقيقاً لرؤية قطر الوطنية 2030، وهو ما يتم السعي له من خلال الخطة العمـرانية الشاملة التي تتمثل في خلق نموذج مثالي لحياة عمرانية مستدامة فيها جميع المعايير والمواصفات التي تؤهلها لتكون مدناً صحية ملائمة للمعيشة.
حرص الكويت
تواصل الكويت دفع مسيرة حركة "المدن الصحية" بعد قبول 18 مدينة فيها ضمن المبادرة، وذلك من خلال إعداد الاستراتيجيات وتحديث آلية العمل لمواكبة المستجدات وبناء قدرات المدن المسجلة لدى منظمة الصحة العالمية.
ويعتبر تطوير الاستراتيجية خطوة ضرورية لتطوير منظومة المدن لتصبح متوافقة مع الأجندة الصحية، إذ تعمل على تحقيق مستوى أعلى من الصحة والرفاهية للمجتمع في مدن مستدامة وفاعلة اجتماعياً، ومُنتجة اقتصادياً، وصديقة للبيئة، حسبما ذكرت رئيسة مكتب المدن الصحية بوزارة الصحة الكويتية، الدكتورة آمال اليحيى.
وكانت آخر المناطق التي اعتمدتها الصحة العالمية جامعة الكويت، يوم الاثنين الماضي 22 أبريل، لتصبح مدينة جامعية صحية، وذلك بعد زيارة رسمية قام بها وفد من المنظمة لتقييم مدينة صباح السالم الجامعية في الشدادية نهاية العام الماضي.
15 مدينة صحية في السعودية
بعد اجتيازها المعايير الـ80 التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، حصلت منطقة تبوك على شهادة الاعتماد الدولية لتصبح "مدينة صحية"، بعد تجاوزها التقييم النهائي، ليتم تسليم الشهادة لأمير المنطقة فهد بن سلطان بن عبد العزيز، الأربعاء الماضي.
ويعدّ برنامج "المدن الصحية" بوزارة الصحة السعودية أول مركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية للمدن الصحية على مستوى الإقليم، والرابع على مستوى العالم، وحصلت قبل تبوك مدن جدة، والمدينة المنورة، والطائف، على ذات الشهادة، وكانت جدّة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط.
ومن بين 50 مدينة في المملكة تم تقديم أوراق اعتمادها للصحة العالمية، تم قبول 15 مدينة صحية، بحسب ما ذكر وكيل وزارة الصحة، هاني جوخدار، في تصريحات سابقة.
البحرين: أول عاصمة كـ"مدينة صحية"
العاصمة الأولى على مستوى إقليم الشرق الأوسط تم اعتمادها كـ "مدينة صحية" هي المنامة، في يونيو 2021، كما حصلت كلّ من المحافظة الشمالية، ومحافظة المحرق ذات الاعتماد، وفق بيانات وزارة الصحة البحرينية.
وتتابع اللجنة العليا للمدن الصحية في البحرين استيفاء محافظة العاصمة ما تبقى لها من اشتراطات ومعايير بناءً على متطلبات الصحة العالمية، تمهيداً لزيارة وفد من المنظمة لتقييم المعايير المطلوبة بهدف حصولها على لقب المدينة الصحية، وفق تصريح رئيس اللجنة الشيخ راشد بن عبد الرحمن آل خليفة، (24 أبريل).
خارطة مستقبلية إماراتية
عملت الإمارات في ظل التوسع العمراني وتسارع النمو السكاني على تمهيد الطريق أمام مستقبل أكثر صحة، من خلال تشجيع الحكومات على إنشاء مدن مستدامة صديقة للبيئة، تراعي أولويات منظمة الصحة العالمية، وتقف بوجه التحديات أمام تطوير الرعاية الصحية، لتكون مراكز مستقبلية للعيش والازدهار وتوفر سبل الارتقاء بجودة حياة السكان في تلك المدن.
ولتحقيقها نتائج إيجابية في الوفاء بالمتطلبات التي يشترطها برنامج المدن الصحية، حازت الشارقة لقب أول مدينة صحية في الشرق الأوسط، ضمن تقرير صادر عن الصحة العالمية منتصف 2015، لكونها تضع الصحة على رأس جدول أعمال صناع القرار.
وتستعد أبوظبي لاستضافة الدورة السادسة من الاجتماع العالمي لفرق الطوارئ الطبية التابعة لمنظمة الصحة العالمية في شهر نوفمبر القادم، وهو ما تسعى إليه الإمارات في وضع بصمتها على خريطة الرعاية الصحية العالمية.
عُمان تقطع شوطاً مهماً
تطمح عُمان لزيادة أعداد المدن الصحية لديها، بعد أن قطعت شوطاً كبيراً في التجهيز لها واعتراف منظمة الصحة العالمية بـ 5 مدن صحية فيها وهي: صحار، ونزوى، ومصيرة، والبريمي، وصور.
ولهذه المدن دور كبير في التغطية الصحية الشاملة، بوجود شبكة من المراكز الصحية والمستشفيات على مستوى المحافظات، وباتت من ضمن معايير منظمة الصحة العالمية، لقياس مشاركة المجتمع والقطاعات ذات العلاقة، وفق تصريحات سابقة لوكيل وزارة الصحة في سلطنة عمان سعيد اللمكي.
أهمية المدن الصحية
في لقاء مصوّر أكد مدير إدارة المدن الصحية بالطائف، تركي الدغريري، أن هذه المدن ليست برنامجاً يقتصر على القطاع الصحي فحسب، بل هي شريك في 9 محاور تشمل التعليم، والتنمية، والاقتصاد، والبيئة الذي يعدّ ركناً مهماً في المدن الصحية، بالإضافة لكلّ ما يتعلق بالنظام الصحي، وهي عامل أساسي في التنمية المجتمعية.
وحول مدة الاعتماد بالمدن الصحية، أشار الدغريري إلى أنه في حال عدم تطبيق الاشتراطات المطلوبة والمعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، لن يتم تجديد الاعتراف بهذه المدن بعد 3 سنوات، حيث يتم تطبيق هذه الاشتراطات بالتعاون مع القطاعات والجهات الحكومية والخاصة.
وتتميز المناطق التي يتم اعتمادها كمدن صحية، بحسب الدغريري، أولاً بتسجيلها على الشبكة الإقليمية للصحة العالمية، وثانياً يتم دعمها بملف الاستثمارات، سواء اقتصادية أو سياحية أو صحية أو تعليمية، وهو ما يعتبر تسويقاً للمدينة، كما تحظى جميع القطاعات وفئات المجتمع الموجودة بتفعيل "اللوغو" الخاص بمنظمة الصحة العالمية.
ودعا مدير إدارة المدن الصحية بالطائف، المجتمع إلى تقديم ما يمكن لهذه المبادرة، لأن الفائدة تعود لهم، مشدداً على أهمية مساهمة الأفراد في اللجان القائمة على المدن الصحية.