طه العاني - الخليج أونلاين-
ضمن المساعي الإقليمية والدولية لوقف الاقتتال الأهلي في السودان، عقد في القاهرة (6 يوليو الجاري)، مؤتمر القوى السياسية المدنية السودانية، بهدف تعزيز الحوار الوطني بين مختلف الأطراف المتنازعة.
وتسعى مصر من خلال المؤتمر، الذي استمر يومين، وشهد حضوراً خليجياً، إلى توفير منصة للتواصل والتفاوض، وتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السودانية، للوصول إلى حلول توافقية تنهي الصراع.
كما حمل المؤتمر أهمية بالغة في رسم مستقبل السودان واستقراره، لا سيما بعد الصراع المستمر منذ أبريل 2023، والذي أثّر بشكل كبير على استقرار البلاد وتنميتها.
لم يحدث اختراقاً
وناقش المؤتمر ضرورة إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تساهم في استقرار السودان، يشمل ذلك تعزيز مؤسسات الدولة، ودعم الحكومة الانتقالية في جهودها لإجراء الانتخابات، وتحقيق التنمية المستدامة.
ومن بين الشخصيات البارزة المشاركة، مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، وجبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني وزعيم حركة العدل والمساواة، ومني أركو مناوي الأمين العام لحركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور، وغيرهم.
وفي اليوم الختامي للمؤتمر (7 يوليو الجاري) وبعد أن تدارست القوى المشاركة سبل حل الأزمة التي تعصف بالبلاد، رفضت بعض القوى السياسية التوقيع على البيان الختامي، بسبب عدم أخذ ملاحظاتها وتعديلاتها في الحسبان.
كما أكد البيان الختامي التزام القوى السياسية المشاركة في المؤتمر بالسلام والتحول الديمقراطي، ودعمهم للجهود المصرية الرامية إلى تحقيق الحوار السوداني والسلام والاستقرار في البلاد.
وقال مني أركو مناوي، في تصريحات صحيفة لـ"قناة الجزيرة" إن رفضه التوقيع على البيان الختامي جاء بسبب تجنبه إدانة ما وصفها بـ"جرائم قوات الدعم السريع الكبيرة، مثل التي جرت في الفاشر والجنينة ومنطقة ود النورة بولاية الجزيرة".
وعقب نهاية المؤتمر استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قادة القوى المشاركة وبحث معهم سبل الخروج من الأزمة ووقف الحرب.
وبحسب بيان لرئاسة الجمهورية فإن "السيسي أعرب، خلال اللقاء، عن تقديره لاستجابة المشاركين للدعوة المصرية لعقد هذا المؤتمر المهم، تحت شعار (معاً لوقف الحرب)، في ظل اللحظة التاريخية الفارقة التي يمر بها السودان، والتي تتطلب تهيئة المناخ المناسب، لتوحيد رؤى السودانيين تجاه كيفية وقف الحرب".
وشهد اللقاء حضور وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، واللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة المصرية، بالإضافة إلى عدد من ممثلي الأطراف الإقليمية والدولية، من بينهم وزير خارجية تشاد وكبار المسؤولين من الإمارات وقطر وجنوب السودان وألمانيا.
كما حضر اللقاء ممثلو الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، إلى جانب سفراء فرنسا والمملكة المتحدة والنرويج والاتحاد الأوروبي والسعودية في القاهرة.
إلى ماذا يحتاج السودان؟
وشكل الحضور الخليجي للمؤتمر إضافة نوعية، حيث تتمتع دول الخليج بنفوذ اقتصادي وسياسي يمكن أن يسهم في دعم عملية السلام.
كما أن التزام دول الخليج بدعم السودان في مساعيه لتحقيق السلام والاستقرار يعكس الرغبة في تعزيز الأمن الإقليمي والاستفادة من الاستقرار السياسي لتحقيق التنمية الاقتصادية.
ولطالما سعت دول الخليج إلى الاستثمار في السودان لدعم اقتصاده وتعزيز استقراره، حيث أسهمت الاستثمارات الخليجية في تحسين البنية التحتية، وخلق فرص عمل، وتعزيز النمو الاقتصادي، مما ينعكس إيجابياً على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
يقول رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين، الصادق الرزيق، في تصريحات لـ"الخليج أونلاين":
المؤتمر تم الترتيب له منذ مدة طويلة بين أطراف سودانية ومصر، بهدف جمع الفرقاء السودانيين والتوصل إلى أفضل الوسائل لوقف هذه الحرب وتحقيق السلام في السودان.
التدابير والترتيبات والاختلافات بين القوى السياسية السودانية المختلفة وكل الفاعلين بالساحة السياسية السودانية كانت تحتاج إلى مزيد من التحاور والنقاش.
مبادرة دول جوار السودان لم تتقدم منذ المؤتمر الذي حدث العام الماضي، إلا أن هذا المؤتمر هو محاولة لتوحيد الداخل السوداني.
مصر ظنت أن توحيد الداخل السوداني هو جمع فقط بعض الأطراف، واستبعدت القوى السياسية الحقيقية الفاعلة، خاصة المؤتمر الوطني وكثير من القوى السياسية والاجتماعية الأخرى.
الحوار في هذا المؤتمر كان ضيقاً جداً، ولم يكن هناك اتفاق على القضايا، حيث تم على عجالة في كثير من الجوانب، لذا جاء منقوصاً لعدم مشاركة الجميع والدعوة كانت لأشخاص لا للتنظيمات، كما هو واضح من التشكيل العام للمشاركين في المؤتمر.
الخطوات الضرورية لتعزيز الحوار الوطني بين الفصائل المتنازعة، هي ألا تكون هناك شروط مسبقة، ودون إقصاء أحد، إذ لا يمكن أن يتم حوار بين الفصائل السودانية إذا لم تجتمع هذه الفصائل كافة.
الدور الخليجي في المؤتمر من الناحية الواقعية العملية لا يمكن أن تلعب الإمارات دوراً أكبر من الذي لعبته السعودية في منبر جدة، فالسودان يحتاج إلى تفكير خارج الصندوق.
السودان الآن يحتاج إلى تقوية الجيش الوطني وإلى إنهاء الحرب، وتعزيز الوحدة الترابية، وتعزيز سلامة أراضيه، ودعم التماسك الأهلي والوطني بين مكونات الشعب.