(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
ركزت وسائل الإعلام على زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" مايكل كوريلا إلى المنطقة، وجدول أعماله الذي يشمل لقاءات في "إسرائيل" والأردن وبعض دول الخليج.
في هذا الصدد؛ قد نقل موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي أن مايكل كوريلا التقي فور وصوله إلى "إسرائيل" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي ووزير الدفاع يوآف غالانت، في لقاء عنوانه "تنسيق النشاط الدفاعي ضد هجومين محتملين من إيران ولبنان". وربط الموقع بين هذه الزيارة وما
حدث في أبريل/نيسان الماضي عندما تشكّل تحالف مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى بهدف إحباط الهجوم الإيراني بعد استهداف "إسرائيل" للقنصلية الإيرانية في سوريا.
تاليًا؛ نحن أمام أنموذج من نماذج التنسيق للدفاع عن أمن "إسرائيل" بمشاركة تحالف تقوده أمريكا ممثلة في "سنتكوم". وهذا التحالف يشمل الدول التي يزورها مايكل كوريلا، وهو يوزّع مهام وتكليفات متنوّعة، وهناك دور لبعض دول الخليج وفقًا لهذه المقاربة.
لذلك؛ لا بد من إلقاء الضوء على بعض الملاحظات:
1- في يناير/كانون الثاني الماضي، توصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق يقضي بتمديد وجودها العسكري في قاعدة العديد في قطر لمدة 10 سنوات أخرى، حسبما صرّح 3 مسؤولين دفاعيين أمريكيين ومسؤول آخر مطلع على الاتفاق لشبكة CNN.
خصصت قطر مليارات الدولارات من أموالها الخاصة لتجديد مرافق الطيارين الأمريكيين، في قاعدة العديد التي أصبحت القاعدة الجوية الرئيسة للقيادة المركزية الأمريكية في العام 2003، حيث نُقلت القوات والأصول من قاعدة الأمير سلطان الجوية في السعودية. وفي حين أن أوستن لم يعلن عن تمديد الاتفاق بشأن قاعدة العديد خلال زيارته للقاعدة وقتها، لكنّه قال إن الولايات المتحدة وقطر: "ستتخذان رسميًا خطوات إلى الإمام لتوسيع علاقتنا الدفاعية الثنائية وتعزيزها". وأضاف: "سنفعل ذلك من خلال التزام قطر بالمساهمة بموارد كبيرة لزيادة القدرات هنا في قاعدة العديد الجوية، وهذا سيدعم قواتنا لسنوات قادمة".
من المعلوم أن قاعدة "العديد" الجوية في قطر هي الأكبر في المنطقة، وتؤوي نحو عشرة آلاف جندي أميركي، بالإضافة إلى مركز القيادة الإقليمي للقوات الجوية الأميركية.
2- الولايات المتحدة لديها، منذ مدة طويلة، آلاف الجنود الموجودين في منشآت عسكرية في الإمارات والكويت وعمان وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.
وفي مايو/أيار الماضي، سعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إحياء المفاوضات مع دول الخليج حيال إقامة درع صاروخية مشتركة. وهو المشروع الذي بدأ به الرئيس السابق باراك أوباما، وتابعه الرئيس دونالد ترامب من دون تحقيق كثير من التقدم. وتسعى واشنطن إلى طمأنة دول الخليج المتشككة بالالتزام الأميركي بالدفاع عنها، وكذلك إلى إقناع هذه الدول بالتخلي عن شراء معدات عسكرية صينية أو روسية.
في هذا السياق، يقول مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة تأمل أن تساعد اجتماعات دفاعية عُقدت في الرياض في تحقيق هدف طويل الأمد يتمثل في بناء درع صاروخية إقليمية، مدعومة في ذلك بتجربة صد موجات من الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية التي استهدفت "إسرائيل" في هجوم أبريل/نيسان الماضي.
3- تحاول أمريكا الجمع بين الأمن الخليجي وأمن الكيان الإسرائيلي، وفي خلال زيارة قام بها للأردن في أبريل/نيسان، أشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى اجتماعات مجموعة العمل بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون عندما دعا إلى تعزيز الدفاع الصاروخي الإقليمي.
قال بلينكن إنّ الهجوم الايراني على الكيان يسلط الضوء على التهديد الخطير والمتزايد من إيران. كما يؤكد أيضا ضرورة العمل مع الخليج والأردن بشأن الدفاع المتكامل. وقد ضم الوفد الأميركي مسؤولين من هيئة الأركان المشتركة للجيش ووكالة الدفاع الصاروخي والقيادة الوسطى الأميركية والقيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية والقوات الجوية للقيادة الوسطى ووكالة التعاون الأمني الدفاعي. وأرسلت الدول الأعضاء في مجلس التعاون، وهي السعودية والكويت وعُمان والبحرين وقطر والإمارات، وفودًا.
4- تريد أمريكا احتكار سوق السلاح الخليجي وإنهاء أي تعاقدات أو تعاون بين الخليج وروسيا والصين. فقد أشارت تقارير أمريكية إلى أنّ الحلفاء الخليجيين يواصلون شراء الأنظمة العسكرية من الولايات المتحدة وأوروبا والصين ودول أخرى. ويثير ذلك خلافات مع واشنطن التي تحذر من أنّه لا يمكن دمج الأنظمة الروسية أو الصينية مع معدات أميركية من أجل دفاع جوي وصاروخي متكامل. وتاليًا، إذا كانت جيوش دول مجلس التعاون راغبة في السعي إلى نظام دفاع جوي وصاروخي متكامل، عليها الالتزام بشراء أنظمة أميركية أو شراء أنظمة من مصادر موثوقة أخرى.
هذا يعني أنّنا أمام مقاربة أمريكية مفادها أنّ أمن الخليج وأمن الكيان الإسرائيلي متقاطعان وخاضعان لمظلة دفاع إقليمي واحدة، وأنّ هناك شرطًا لحماية أمن الخليج مفاده شراء الأنظمة الدفاعية الأمريكية أو التابعة للغرب حصرًا، وأنّ القيادة الأمريكية الوسطى هي القائد الميداني لهذا الدرع الصاروخي.
بالعودة إلى خطاب نتنياهو في الكونغرس الأميركي، والذي دعا علنًا لتحويل الاتفاقات الإبراهيمية إلى حلف دفاعي، وبعدها وفور عودته افتعل تصعيدًا كبيرًا بالعدوان على لبنان وإيران، فالأمر يبدو وكأنّه تخطيط لتفعيل هذا الحلف والتسريع بتدشينه.
فهل نحن أمام اصطفاف خليجي مع أمريكا وإسرائيل ضد القوى التي تواجه الكيان؟
وهل أصبح الخليج بين شقي الرحى من الناحيتين الأمنية والعسكرية، وعلى الجانب المخزي من التاريخ من ناحية الاصظفاف؟