متابعات-
شهدت دول الخليج في السنوات الأخيرة تحولاً رقمياً واسع النطاق بمختلف القطاعات، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الرقمي.
لكن هذا التحول لم يخل من تحديات كبيرة، أبرزها التحديات الأمنية والسيبرانية التي أصبحت تشكل مصدر قلق كبيراً للجهات الحكومية والخاصة على حد سواء.
الدول الخليجية بدأت بالفعل اتخاذ خطوات مهمة نحو مواجهة هذا التحدي، للحفاظ على استقرارها الأمني ومواجهة تهديدات سيبرانية متزايدة التعقيد بشكل يومياً نتيجة التطور التقني المتسارع عالمياً.
التحديات الأمنية السيبرانية
ومع توسع البنية التحتية الرقمية وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا، ارتفعت المخاطر المرتبطة بالهجمات السيبرانية، لا سيما التي تستهدف البنوك، والمرافق الحيوية، وقطاع الطاقة.
أبرز الهجمات السيبرانية:
في مارس 2021، تم الكشف عن هجوم سيبراني كبير استهدف منشآت نفطية في الإمارات العربية المتحدة.
في يوليو 2021 تعرضت شركة "أرامكو" السعودية لهجوم بفيرس (Ransomware).
عام 2022 أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني السعودية عن إحباطها لهجمات إلكترونية كانت تستهدف عدة مؤسسات حكومية وخاصة، مشيرة إلى أن هذه الهجمات تزداد تعقيداً مع مرور الوقت.
في أكتوبر 2022 تعرضت شركة "أدنوك" الإماراتية لهجوم سيبراني أدى إلى توقف بعض أنظمة التشغيل بضع ساعات، لكن الحادثة تم احتواؤها بسرعة بفضل التدابير الأمنية المتقدمة التي طبقتها الشركة.
ورغم الجهود المبذولة لسد الفجوة في الكفاءات السيبرانية، لا تزال دول الخليج تواجه تحدياً في تلبية الطلب المتزايد على الخبراء في هذا المجال، إذ أشار تقرير صادر عن شركة "Kaspersky" الروسية للأمن الرقمي في نوفمبر 2022 إلى أن "67% من الشركات في الخليج تواجه صعوبة في العثور على محترفين مؤهلين في مجال الأمن السيبراني، ما يشكل عائقاً أمام القدرة على التصدي للتهديدات المتطورة".
جهود لمواجهتها
يؤكد مسؤولون خليجيون خطورة التحديات الرقمية وأهمية مواجهتها، ففي تصريحات له خلال مؤتمر الأمن السيبراني الدولي بالرياض في فبراير 2023، أكد مساعد العيبان، وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي، أن "الأمن السيبراني ليس مجرد قضية تقنية، بل هو جزء لا يتجزأ من أمننا القومي، ويجب علينا أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهة التهديدات المتطورة التي تستهدف بنيتنا التحتية الحيوية".
كما قال الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي في أبريل 2023، خلال إطلاق مبادرة "الدرع السيبراني": "إن حماية اقتصادنا الرقمي وأمننا السيبراني يمثلان أولوية قصوى، التحول الرقمي يوفر فرصاً هائلة، لكنه في الوقت نفسه يجلب تحديات جديدة تتطلب منا تعزيز تعاوننا وتطوير قدراتنا لمواجهتها بفعالية".
ولمواجهة هذه التحديات بدأت دول الخليج تعزيز التعاون الإقليمي، ففي عام 2023، أطلق مجلس التعاون الخليجي مبادرة لتبادل المعلومات حول التهديدات السيبرانية بين الدول الأعضاء، وتحسين التنسيق والاستجابة لها بشكل فعال.
كما قامت الدول الخليجية باستثمارات ضخمة لتعزيز بنيتها التحتية السيبرانية، أهمها:
الإمارات
في يناير 2023 أعلنت إنشاء مركز متقدم للأمن السيبراني يعنى بمراقبة وحماية البنية التحتية الرقمية للدولة، ويعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة للكشف عن الهجمات السيبرانية بشكل استباقي.
في فبراير 2023 أطلقت مبادرة "المبرمجين السيبرانيين"، وهي برنامج تدريبي يهدف إلى تطوير مهارات الشباب الإماراتي في مجال الأمن السيبراني، بالشراكة مع كبرى الشركات التقنية العالمية.
السعودية
في مارس 2023 وقعت الرياض اتفاقية مع الولايات المتحدة لتعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، تشمل تبادل الخبرات، وتنظيم تدريبات مشتركة، وتطوير حلول تقنية متقدمة لمواجهة التهديدات السيبرانية.
افتتحت في أبريل 2023 مركزاً بحثياً في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST) لتطوير حلول مبتكرة للتحديات السيبرانية التي تواجهها المنطقة.
افتتحت في يوليو 2023 أكبر مركز عمليات أمن سيبراني في المنطقة، بتكلفة تجاوزت 500 مليون دولار. لمراقبة الأنشطة السيبرانية والكشف المبكر عن التهديدات، بالإضافة إلى تقديم التدريب المتخصص للكوادر الوطنية في هذا المجال.
قطر
أصدرت الحكومة القطرية في سبتمبر 2023، قانوناً جديداً للأمن السيبراني يفرض على الشركات والمؤسسات الحكومية اتباع معايير صارمة لحماية البيانات والشبكات لضمان أمن المعلومات.
الكويت
في نوفمبر 2022، أطلقت الكويت استراتيجيتها الوطنية للأمن السيبراني، التي تركز على تعزيز الوعي السيبراني، وتطوير الكفاءات المحلية، وتبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين لمواجهة التهديدات.
البحرين
في مارس 2023 أعلنت الحكومة البحرينية عن تحديث قانون الأمن السيبراني الذي يهدف إلى تعزيز حماية البيانات الشخصية والشبكات الإلكترونية.
القانون الجديد يفرض عقوبات صارمة على الجرائم السيبرانية ويسعى إلى تعزيز الوعي السيبراني بين المواطنين والشركات على حد سواء.
في يونيو 2023، وقعت البحرين اتفاقية تعاون مع المملكة المتحدة لتعزيز القدرات السيبرانية من خلال تبادل الخبرات والتدريب.
عمان
في أكتوبر 2022، أطلقت عمان "الهيئة الوطنية للأمن السيبراني"، التي تعمل على وضع سياسات وتنسيق جهود الدفاع السيبراني بين مختلف القطاعات، لحماية البنية التحتية الحيوية مثل قطاعات الطاقة والمواصلات من الهجمات السيبرانية.
في فبراير 2023 أصدرت قانوناً جديداً للأمن السيبراني، يهدف إلى حماية البيانات الشخصية للمواطنين والمقيمين، ويفرض على الشركات والمؤسسات العامة والخاصة الالتزام بمعايير صارمة لحماية الشبكات والبنية التحتية الإلكترونية.
في مايو 2023 تم إطلاق "أكاديمية الأمن السيبراني العمانية"، التي تقدم برامج تدريبية متقدمة بالتعاون مع مؤسسات تعليمية دولية مثل جامعة "كارنيجي ميلون" الأمريكية، لتطوير مهارات الشباب العماني في مجال الأمن السيبراني.
وقعت في يوليو 2023 اتفاقية تعاون مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني، وتبادل الخبرات الفنية وتنظيم تدريبات مشتركة، بالإضافة إلى تقديم الدعم الفني لتعزيز البنية التحتية السيبرانية في السلطنة.