دول » دول مجلس التعاون

قياساً بـ"كورونا".. كيف تستعد دول الخليج لمواجهة "جدري القرود"؟

في 2024/08/18

متابعات- 

يواصل مرض" جدري القردة" نشر الهلع بين دول العالم، بعد ارتفاع إصاباته في عديد من الدول الأفريقية، ما يثير التساؤل حول موقف دول الخليج من المرض والتصدي له.

يأتي ازدياد الخوف من المرض بعد إعلان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأربعاء (14 أغسطس الجاري)، حالة طوارئ عالمية مع تفشي سلالة جديدة من فيروس "إم بوكس" المسبب لمرض "جدري القردة" في أفريقيا، وانتشاره بين الأطفال والبالغين في أكثر من 12 دولة.

بدوره قال مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا إن "جدري القردة" اكتشف في 13 دولة هذا العام، وإن أكثر من 96% من جميع حالات الإصابة والوفيات في الكونغو.

حتى الآن سُجلت 14 ألف حالة إصابة، توفي منها 524 شخصاً، وبلغت نسبة الإصابات 160%، والوفيات 19%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وينتشر نحو 70% من الإصابات في الكونغو بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وشكلوا أيضاً 85% من الوفيات.

خلال تفشي المرض عالمياً في عام 2022، الذي أثر على أكثر من 70 دولة، توفي أقل من 1% من المصابين.

ما هو جدري القرود؟

أحد أشكال مرض الجدري الجلدي.

مرض نادر يحدث أساساً في المناطق النائية من وسط أفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة.

تم القضاء عليه عام 1980.

من الأنواع الأقل انتقالاً وفتكاً، كما أن أعراضه أكثر اعتدالاً.

ينتقل عن طريق اللعاب وإفرازات الأنف والطفح الجلدي الناتج عنه، واستخدام الأدوات المشتركة والعلاقات الجنسية.

يُنقل فيروس جدري القرود إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية، لكن انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر.

يستمر المرض عادةً مدة أسبوعين إلى 4 أسابيع، ويمكن أن تظهر أعراضه بين 5 و21 يوماً بعد الإصابة.

 أعراض المرض تبدأ بمزيج من الحمى والصداع وآلام الظهر والعضلات والقشعريرة والإرهاق وتضخم الغدد الليمفاوية.

يتسبب في ظهور طفح جلدي مزعج يميل إلى التطور بعد يوم أو يومين أو ثلاثة، وغالباً ما يبدأ من الوجه ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.

اللقاحات غير كافية

ما زال لقاح "جدري القرود" غير منتشر حالياً، حيث جرى حديثاً اعتماد لقاحات لمكافحة المرض، لكن من الصعب تغطية الاحتياجات الحالية في أفريقيا حيث ينتشر.

وبحسب مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا، هناك حاجة إلى 10 ملايين جرعة، وهذا الرقم يصعب توفيره، إذ إن المتاح حالياً بحدود 200 ألف جرعة فقط.

ووفق صحيفة "الغارديان" البريطانية، ما تزال خطط برامج التطعيم قيد المراجعة، ومن المحتمل أن تنطوي على تتبع وتطعيم المخالطين للحالات واستهداف مجموعات مثل الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، الذين يبدو أنهم معرضون لخطر أكبر للإصابة بمرض شديد.

وفعّلت منظمة الصحة العالمية قائمة الاستخدام الطارئ للقاحين، مما يسمح لمنظمات مثل التحالف العالمي للقاحات والتحصين ويونيسف بشرائها للتوزيع.

وكان التطعيم السابق ضد الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية أيضاً من جدري القرود.

قدرة الخليج على مواجهة المرض

انتشار المرض أخيراً، والتحذيرات العالمية منه، يعيد التذكير بفيروس "كورونا المستجد"، الذي أحدث أزمات عديدة في العالم، وواجهته دول الخليج بخطط عديدة، وأثبتت نجاحها في تخطيه، على الرغم من تسببه بوفيات.

فيروس كورونا (كوفيد-19)، تفشّى للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية، في أوائل شهر ديسمبر عام 2019.

أعلنت منظمة الصحة العالمية رسمياً، في 30 يناير 2020، أن تفشي الفيروس يُشكل حالة طوارئ صحية عامة تبعث على القلق الدولي، وأكدت تحول الفاشية إلى جائحة، يوم 11 مارس.

أُعلن القضاء على الفيروس في 22 يناير 2023.

تسبب بأكثر من 668 مليون إصابة في أكثر من 188 دولة ومنطقة.

أدى لأكثر من 6.73 ملايين حالة وفاة.

الولايات المتحدة سجلت أكثر من ربع مجموع عدد الإصابات المؤكدة.

أما إحصائية فيروس "كورونا" في دول الخليج فشملت:

السعودية 840.337 إصابة، و9.643 حالة وفاة.

سلطنة عُمان 399.449 إصابة، و4.628 حالة وفاة.

الكويت 665.741 إصابة، و2.570 حالة وفاة.

الإمارات 1.063.002 إصابة، و2.349 حالة وفاة.

البحرين 720.424 إصابة، و1.562 حالة وفاة.

قطر 506.323 إصابة، و690 حالة وفاة.

الحكومات الخليجية كانت منذ إعلان تسجيل دول الخليج إصابات بفيروس كورونا، وظفت جميع إمكانياتها بهدف السيطرة على المرض، والتقليل من خطورته على صحة جميع سكانها.

تعاملت دول الخليج بسرعة كبيرة مع جائحة كورونا، حيث فرضت إغلاقاً كلياً وجزئياً، ومنعت الحركة داخل مدنها، وأوقفت الرحلات الخارجية، بهدف احتواء المرض.

وكانت دول الخليج من أول الدول بالعالم التي وفرت اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لسكانها، وقدمتها مجاناً، وهو ما ساهم في تقليل خطر المرض.

دول الخليج التي توفر أفضل وأحدث البنى التحتية الصحية وطرق العلاج والوقاية لسكانها، تؤكد باستمرار قدرتها على مواجهة الفيروسات والأمراض الطارئة من خلال خطط صارمة.

وخلال الأعوام القليلة الماضية، دشنت دول الخليج عدداً من المؤسسات والبرامج الموحدة التي تمكنها من مواجهة الأمراض، سواء القديمة أو الطارئة أو التي تظهر لأول مرة.

ففي أكتوبر 2022، دشن وزراء الصحة بدول مجلس التعاون المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، الذي يهدف إلى:

تعزيز التنسيق، وبناء المعرفة، وإنتاج الأدلة؛ للتمكين من الوقاية من الأمراض المعدية وغير المعدية.

التخفيف من حالات الطوارئ الصحية العامة.

تعزيز المجتمعات المحلية الصحية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون.

وفي ديسمبر 2022، أطلقت دول الخليج شبكة طوارئ للصحة العامة، مكونة من خبراء صحيين من جميع دول الخليج الست.

مهمة الشبكة تتجسد من خلال النقاط التالية:

نظام للكشف المبكر عن أي تهديدات صحية، والعمل على تقييمها سريعاً، لضمان الاستجابة في الوقت المناسب؛ سعياً لحماية الأمن الصحي الوطني الخليجي والإقليمي والعالمي.

يعتمد النظام على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تُجري مسحاً يومياً لأكثر من 30 ألف مصدر عبر 65 لغة مختلفة، ويتم من خلاله تحديد التهديدات الرئيسة التي تهم منطقة الخليج.

عبر المسح المستمر والرصد اليومي يتم عرض التهديدات المكتشفة، ومناقشتها بشكل عاجل من أعضاء شبكة طوارئ الصحة العامة الخليجية، لتقييم المخاطر وتقدير احتمالية وقوع الحدث في الخليج ومستوى التأثير في حالة وقوعه.

وخلال العام الماضي، رُصد جدري القرود في الإمارات والسعودية وقطر، وقالت السلطات الصحية بالدول الثلاث إنها اتخذت التدابير اللازمة كافةً للبحث والتقصي وبحث المخالطين؛ لمنع انتشاره، ونجحت في ذلك.

ما سبق ذكره يؤكد مهارة وقدرة دول الخليج في اتخاذ الإجراءات لمنع انتشار الأوبئة داخل مجتمعاتها، وتقليل أضرارها إلى أدنى مستوى في حال تحولت هذه الأوبئة إلى أمراض خطيرة تتفشى عالمياً، مثلما حدث خلال تفشي "كورونا".

كل ذلك يشير إلى أن دول الخليج ستكون مستعدة في حال تفشي سلالة جديدة من فيروس "إم بوكس" المسبب لمرض "جدري القردة".